أبو حاتم والجنرال عفّاش


فوزات رزق

أبو حاتم من بلدياتنا. رجل ستيني، مسكين، على نياته. يشكو رقة الحال، وانعدام البصيرة، وعدم قدرته على تدبير أموره بطريقة تؤمن له حياة لائقة، خالية من المنغّصات. تركه ولداه وغادرا البلاد مع من غادر، وتركا له زوجتيهما وأولادهما الأربعة. والمسكين لا حيلة ولا فتيلة، لا وراءه ولا أمامه.

عندما سمع بالإعلان عن التطوع بالفوج الخامس، وعن الميزات التي يمنحها الفوج للمتطوعين؛ أشرقت أساريره، وسال لعابه على مئة ألف الليرة التي سيقبضها آخر كل شهر. وقال لنفسه: الله لا يبلو المرء حتى يعينه، وما ضيق إلا وبعده الفرج. وإن الله لا يتخلّى عن عباده المساكين. جاءت على رجليها يا أبو حاتم. وبخاصة عندما عرف أن هناك تجاوزًا لمسألة السنّ في شروط التطوع بحسب الإعلانات.

امتشق أبو حاتم قامته، وتوجه من ساعته إلى مركز التطوع. وهناك قابل الجنرال عفاش، وجرى بينهما الحوار التالي:

قال له الجنرال:

– أنت اختيار ماذا تستطيع أن تفعل؟ وما المهمة التي يمكننا أن نوكلها إليك؟  فقال له أبو حاتم:

– سيدي أنا بلمّ فشك وراكم. قال الجنرال عفّاش:

– ما شاء الله. ألا تتقن غير لمّ الفشك. قال أبو حاتم:

– بلى سيدي بشتغل أي شي. أنا تحت أمركم سيدي. من إيدك هاي لأيدك هاي.

فسأله الجنرال عفاش:

– هل عرفت المهمة الموكلة لهذا الفوج قبل أن تفكّر بالتطوع؟ قال أبو حاتم:

– نعم سيدي. سنقاتل الإرهابيين المنتشرين بطول البلاد وعرضها. فقال الجنرال عفاش:

– ما شاء لله! وماذا تفعل الميليشيات الشيعية، وفيلق القدس، وحزب الله، والنجباء وغيرهم. ألم يأتوا لهذه المهمة؟ فقال أبو حاتم:

– فإذن شوا رايحين تعملوا سيدي. قال الجنرال:

– نحن مهمتنا التعفيش. هل تتقن هذه المهنة؟ قال أبو حاتم:

– شو التعفيش سيدي؟ ما فهمت عليك؟ فقال الجنرال:

– غفّشَ يُعفّشُ تعفيشًا. يعني أخذ عفش الإرهابيين الذين تركوا بيوتهم وهربوا. فهمت يا منظوم؟

عندما سمع أبو حاتم كلام الجنرال عفّاش عفّشَ، وعاد إلى بيته معفِّشًا، وهو يقول:

– حدّ الله ما بيني وبين التعفيش.

وما كاد يصل إلى البيت حتى عفشوه.

وقاكم الله شرّ التعفيش بأنواعه كافة، وأخطرها تعفيش البيوت.




المصدر