خبراء وأكاديميون: مؤتمر أستانا منعطف مهم نحو الحل السياسي بسوريا


رأى المحلّل السياسي المختص في الشأن السوري، عمر الشيخ، في حديث من العاصمة التونسية حيث يقيم حالياً، أن مؤتمر "أستانا" يستجيب لطموحات شعب "متطلّع لأي فرصة أو حل يحقن الدماء، ما يجعل الآمال المعلّقة على هذا المؤتمر كبيرة، لأن يكون بداية تشكّل حلّ مبدئي للأزمة".

غير أن الحلقة الضعيفة في هذا المسار تظل، حسب المحلل، غياب الثقة من قبل جمهور الثورة بروسيا، لكن وجود تركيا كراع ثان للمؤتمر يعطي آمالاً بمخرجات محتملة عنه تكون ملبية لحاجة السوريين إلى التقاط أنفاسهم ضمن كيانات موحدة عسكرياً وسياسياً.

لكن، ومهما كانت أهميتها، تظل هذه المخرجات مرهونة بعوامل داخلية وخارجية، أبرزها موقف المليشيات الطائفية الإيرانية وأذرعها التي تقاتل على الأرض من هذه النتائج.

الشيخ قدر أيضاً أن مؤتمر "أستانا" من شأنه تمهيد الطريق للتوصّل إلى حلّ سياسي على قاعدة القرارات الدولية المتعلقة بسوريا، وصولاً إلى مفاوضات جنيف التي قد تشكّل المنصّة الأخيرة للصراع الدامي في سوريا.

ويتابع المحلل، أن موسكو "تدرك جيداً أن التدخل العسكري لن يحلّ الأزمة، ولن يعيدها إلى الساحة الدولية كقوة عظمى، ولذلك ارتأت أن تبادر، على غير العادة، برعاية طاولة مفاوضات وعملية سياسية مشتركة مع تركيا، لإيجاد حل مؤقت أو دائم لإنهاء القتال في سوريا، وإن كان عبر مراحل".

ومع أن عدم دعوة الولايات المتحدة، في البداية، لهذا المؤتمر طرح نقاط استفهام عديدة، إلا أن الخارجية التركية أعلنت في وقت لاحق بأن الدعوة وجهت للأمريكان، ما يعد مؤشراً ايجابياً، يضاف إليه دعوة بعض الفصائل العسكرية التي كانت تعتبرها روسيا متطرفة أو "إرهابية"، مثل "أحرار الشام."

كما أن اختيار محمد علوش رئيساً لوفد الفصائل المقاتلة في مؤتمر "أستانا" يظهر جلياً أن تركيا وروسيا تركزان جهودهما على التحاور المباشر مع المقاتلين على الأرض (…)، ما يشي بملامح الحل المستهدف، وبالتالي، فإن مخرجات هذه المفاوضات تتطلب رعاية دولية أممية قادرة على فرضها على الأطراف وفق قرارات مؤتمر جنيف.

من جهته قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت عايد المناع، "لا نتوقع حدوث تحولات كبرى عبره (مؤتمر أستانا)، لكنه أيضاً يمثل لبنة في بناء الحل السياسي للأزمة السورية فالمعارضة السورية بحالة ضعف، والنظام أيضاً يدرك أنه لن يستطيع الحسم العسكري، بالإضافة إلى قوة تأثير الدول الراعية للمفاوضات (روسيا وتركيا) بشكل أساسي على الساحة السورية".

ورأى المناع أن هناك حاجة لدى كل من روسيا وتركيا للوصول إلى حل للقضية السورية، فالأولى لا تريد الاستمرار واستنزافها في المستنقع السوري، والثانية تدرك أن انفلات الوضع السوري يشكل خطراً كبيراً على أمنها.

وبين أن "اتفاق روسيا وتركيا يمثل رافعة المفاوضات، فروسيا حامية النظام وتركيا شريان المعارضة".

من جانبه، قال أستاذ الإعلام بجامعة الكويت أحمد الشريف، إن المؤتمر يمثل خطوة في الاتجاه الصحيح، بغض النظر عن نتائجه، التي توقع ألا تأتي بـ"معجزات"، وفق وصفه.

لكنه رأى أن هناك عوامل يمكن البناء عليها في النجاح واستثمار المفاوضات إيجابياً بالنظر إلى راعيي المفاوضات (روسيا وتركيا) لكونهما منخرطتين عسكرياً في الصراع السوري، وتملكان النسبة الأعظم من القرار الميداني على الأرض، على الطرفين، مدللاً على ذلك بنجاحهما بفرض وقف القتال والقصف، رغم الخروقات المحدودة.

وأضاف الشريف أن روسيا تشعر بضرورة وضع استراتيجية خروج من هذا الصراع لتخفيف الضغط عليها، وخاصة في ضوء توفر قناعة لديها بأنها فرضت نفسها لاعباً دولياً وإقليمياً، وأنها تمسك بالورقة السورية.

وأوضح أن تركيا تريد الحفاظ على المكتسبات، التي حققتها من عملية "درع الفرات"، وتأكيد الإقرار بدورها شريكاً في التسوية السورية وكذلك بحقها في منع قيام إرهابي على حدودها الجنوبية.

ورأى الشريف أن هناك عاملاً آخر مهماً يتمثل بتفكك المعارضة السورية وتخبطها وتيقنها بعدم القدرة على تحقيق الغلبة على النظام عسكرياً في هذه الظروف.

بدوره، شكك أستاذ الإعلام بجامعة الكويت فواز العجمي في حدوث "اختراقات كبرى" في المفاوضات، لكنه رأى جميع الأطراف المنهمكة فيها تبحث عن صيغ مختلفة للحل.

وقال العجمي، إن التنسيق الروسي التركي يمثل فرصة لإنضاج حل سياسي لقدرة كل منهما على التأثير على طرفي القضية الداخليين في سوريا وهما النظام والمعارضة.

وأشار إلى أن هذا التنسيق قطع شوطاً كبيراً وصل إلى العمليات العسكرية المشتركة، التي نفذها الجانبان ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" في مدينة الباب السورية.

وأضاف أن ثمة أمل بأن يشكل مؤتمر "أستانا" انعطافة نحو الحل، والتوافق في الشأن السوري بما يمهد لوضع حد لهذه القضية المتشعبة إنسانياً وعسكرياً وسياسياً واقتصادياً.

وأوضح أن المفاوضين من المعارضة، هذه المرة، يقفون على الأرض السورية، ويمكنهم الالتزام باتفاق يتم التوصل إليه وهذا عامل مهم يؤشر للنجاح.




المصدر