سوريون لاجئون في الأردن يعاد توطينهم في دولة ثالثة
22 كانون الثاني (يناير - جانفي)، 2017
عاصم الزعبي
تنطلق فكرة إعادة التوطين عند “المفوضية العليا لشؤون اللاجئين”، من مجموعة مؤشرات، منها عجز بعض اللاجئين عن العودة إلى بلادهم، أو عدم رغبتهم في ذلك، خوفًا من تعرضهم للاضطهاد، كما أن لبعض اللاجئين حاجات مُحدّدة، لا قدرة للدول التي لجؤوا إليها على توفيرها، وفي هذه الحالات، تساعد المفوضية هؤلاء اللاجئين في إعادة توطينهم في بلد ثالث، بوصفه حلَا وحيدًا ودائمًا وآمنًا وقابلًا للتطبيق.
الدول التي تشارك في برنامج المفوضية لإعادة التوطين قليلة، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية وأستراليا وكندا، وبعض الدول الإسكندنافية.
بدأت المفوضية في الأردن عام 2015، بالتعاون مع “منظمة الهجرة الدولية”، بفرز ملفات اللاجئين السوريين في الأردن، واقتراح الآلاف منهم لإعادة توطينهم في بلدان أخرى، كان أبرزها الولايات المتحدة، وأستراليا، وكندا.
بدأ الأمر من خلال اتصالات هاتفية، أو رسائل نصية للاجئين، بالسؤال عما إذا كانت لديهم رغبة بالسفر إلى إحدى تلك الدول، وقد حددت المفوضية مواعيد مقابلات لمن وافق على السفر، في منطقة خلدا في العاصمة الأردنية عمّان.
تختلف الإجراءات بالنسبة للمقابلات بين دولة وأخرى، ففي حين أنها لا تتجاوز الشهر الواحد بالنسبة لكندا، تصل لأكثر من عام ونصف بالنسبة للولايات المتحدة.
جاءت أستراليا في المرتبة الأولى بالنسبة لعدد اللاجئين السوريين الذين أعيد توطينهم فيها، فقد سافر إلى أستراليا من الأردن 13 ألف لاجىء سوري في العام الماضي 2016، بينما كان عدد اللاجئين الذين وُطنوا في كل من الولايات المتحدة وكندا نحو 10 آلاف في كل منهما.
وقال وليد أبو كريم، الذي أعيد توطينه وعائلته في أستراليا، لـ(جيرون): “وردنا إتصال من مفوضية اللاجئين، وسألتني الموظفة إذا كنا نرغب بالسفر إلى أستراليا، فأبديت الموافقة، وجرى تحديد موعد المقابلة الأولى بعد أسبوع في مقر المفوضية في عمان، وركزوا في تلك المقابلة على المعلومات الشخصية لجميع أفراد العائلة، وبعد النجاح في هذه المقابلة، تكون المقابلة الثانية في السفارة الأسترالية، مع موظفين عرب، والأسئلة فيها دقيقة جدًا، وهناك مقابلة ثالثة مع شخص أسترالي، تكون لمراجعة المعلومات في المقابلتين السابقتين، وبعد ذلك تجرى فحوص طبية شاملة لجميع أفراد العائلة، إضافة إلى الدراسة الأمنية التي تجرى في أستراليا، وتمتد الفترة بين المقابلة الأولى والسفر نحو ثمانية أشهر”.
جرى اختيار العائلات لإعادة توطينها في أستراليا من الذين يعيشون خارج مخيمات اللجوء، على عكس كندا التي اختارت قسمًا من اللاجئين السوريين من المخيمات في الأردن، وحول آلية السفر إلى كندا، قال محمد أبو جهاد لـ(جيرون): “ذهبت وعائلتي إلى المقابلة الأولى في مقر المفوضية في عمان، وتمحورت حول التأكد من رغبتنا بالسفر إلى كندا، وبعض المعلومات الشخصية، المقابلة الثانية مع موظف من السفارة الكندية، سألنا خلالها عن التفاصيل الشخصية، منذ الولادة وحتى لحظة المقابلة، أما المقابلة الثالثة، فكانت مع موظف التأشيرات في السفارة الكندية، الذي يطرح الأسئلة نفسها للتأكد من مدى مطابقتها مع المقابلات السابقة، ويجري توجيه بعض الأسئلة الأمنية، عن الأسباب التي منعتنا من المشاركة في الحرب في جيش النظام، أو في قوات المعارضة المسلحة، وهناك أسئلة تتعلق بالرغبة في إكمال الدراسة، أو العمل، وبعد ذلك أجري لنا فحص طبي كامل في المركز نفسه، وأُبلغنا بالاستعداد للسفر الذي حُدد لاحقًا عن طريق الهاتف، وسافرنا بعد شهر واحد من المقابلة الأولى”.
اعتمدت المفوضية في اختيارها للعائلات المراد إعادة توطينها في كندا، إلى المعايير الكندية، وهي إعادة توطين العائلات الكاملة، والنساء اللواتي من المرجح تعرضهن للخطر، وأي شخص من الممكن تعرضه للخطر.
أما إعادة التوطين في الولايات المتحدة، فهي عملية مهمة بالنسبة لواشنطن التي عدتها جزءًا من إستجابة المجتمع الدولي للأزمة السورية، وقد أعيد توطين عشرة آلاف لاجىء سوري ممن كانوا يقيمون في الأردن خارج المخيمات حتى الآن، ويخضع اللاجئون لعدة مقابلات أولها في مقر المفوضية بعمّان، كما قال إبراهيم، الذي سافر مع عائلته إلى الولايات المتحدة لـ(جيرون): “كانت هناك عدة مقابلات بدأت في مقر المفوضية، ولاحقًا مع موظفين من السفارة الأميركية، وكانت الأسئلة تعاد في كل مرة مع التدقيق في الإجابات، إضافة للتأكد من الأوراق الشخصية الثبوتية، لتنتهي بمقابلة شخص يدعى المحلف، وهو يأتي من الولايات المتحدة إلى الأردن لهذه المهمة، يدقق المعلومات من خلال إعادة طرح كل الأسئلة السابقة، وبعد مقابلة المحلف بمدة لا تتجاوز الشهر جرى قبولنا للسفر، فأجرينا فحصًا طبيًا شاملًا، ثم حُدد موعد السفر بعد الفحص الطبي بنحو أسبوع”.
تتكفل هذه الدول بكل ما يتصل بإجراء المقابلات والدراسات من الناحية المالية، ولا تتحمل مفوضية اللاجئين أي أعباء مالية.
معظم اللاجئين السوريين الذين أعيد توطينهم في هذه الدول، يعيشون حالة من الإطمئنان إلى حد كبير، مع إمكانية تأمين فرص جيدة لمتابعة دراسة أبنائهم في جامعات كانت قبل ست سنوات حلمًا صعب المنال.
[sociallocker] [/sociallocker]