القصة الكاملة لاقتتال "فتح الشام" وكبرى فصائل المعارضة.. هكذا بدأت المواجهات الأكبر في الساحة السورية


شهد اليوم الثلاثاء 24 يناير/ كانون الثاني 2017، أكبر اقتتال بين جبهة "فتح الشام" وكبرى فصائل المعارضة السورية، في تطور نزل كالصاعقة على السوريين في المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة.

قبيل الاقتتال

وبدأت بوادر التوتر قبل ثلاثة أيام حيث انتشر خبر أفاد بقيام جبهة "فتح الشام" بتجهيز حشود عسكرية في مناطق ريف حلب الغربيّ وهجومها على مراكز تابعة لـ"جيش المجاهدين" الذي يعدّ ريف حلب الغربيّ معقله الرئيسيّ، لكن هذه الأخبار سرعان ما نفتها "فتح الشام"، كما نفى مسؤولون في "جيش المجاهدين" الأنباء التي راجت عن حصار الجبهة مراكزه في الريف الغربيّ.

كيف بدأ الاقتتال؟

علمت "السورية نت" من مصادر قريبة جدا من جبهة "فتح الشام" أن الأخيرة منذ الأمس كانت عازمة على شن هجوم على مراكز "جيش المجاهدين" في الشمال السوريّ، حيث أشارت المصادر إلى أنّ مشاركة "جيش المجاهدين" في مؤتمر أستانا والوعود التي قطعها المشاركون في المؤتمر الذي سبقه بمنع استهداف "فتح الشام"، ونفي  العدو الروسي ذلك، وحصول "جيش المجاهدين" على أسلحة أمريكية منوعة كانت أسباباً رئيسيةً في هجوم الجبهة، حيث أكد المقدم "أبو بكر باتبو" قائد "جيش المجاهدين" نبأ حشودات الجبهة ونيتها اقتحام مراكز جيشه.

وعقب انتشار الخبر، ضجت مواقع التواصل الاجتماعيّ بالتعليقات التي حذرت بمجملها "فتح الشام" من أي هجوم محتمل، داعية إياها إلى الهدوء وعدم جر الساحة إلى اقتتال مدمر للساحة، وكان في مقدمة المعترضين مسؤولين في "أحرار الشام" الفصيل الأبرز على الساحة، ومشايخ مستقلين.

وفي ساعات الليل، وعقب بدء "فتح الشام" تحريك قواتها، أطلق ناشطون دعوات لإغلاق الطرقات لمنع أي اقتتال، كما خرجت مظاهرات في بلدات: حزانو، الدانا، حربنوش، سرمدا للمطالبة بمنع أي اقتتال جديد في الساحة.

كما أفادت مصادر ميدانية لـ "السورية نت" قيام مسؤول "فتح الشام" في منطقة رأس الحصن الحدودية المدعو "أبو سعيد" بإيقاف أبراج الانترنت التي تغذي نحو 70% من الشمال السوريّ، ما أدى إلى انقطاع الانترنت نحو 12 ساعة.

وذكر "أحمد ورشة" ابن قرية معرشورين لـ"السورية نت" بأنّ قوة تابعة لـ"فتح الشام" حاصرت ليلاً مركزاً تابعاً لكتيبة "صوت الحقّ" التابعة لـ"جيش المجاهدين" في قرية معرشورين بريف مدينة معرة النعمان الشرقيّ، وطالبت قائدها أحمد الخطيب بتسليم سلاح الكتيبة أو مبايعتها؛ ما دفعه لإخلاء المقرّ حقناً للدماء، وفقاً لقول الخطيب.

تحييد عدة قرى من الاقتتال

وعقب بدء الهجوم، أصدرت مجموعة من الهيئات المسؤولة في عدة قرى بيانات تبرأت من الاقتتال ودعت إلى حقن الدماء، حيث أعلن المجلس المحلي في قرية بابكّة الواقعة في ريف حلب الغربيّ والمجلس العسكري فيها بأنه خارج النزاعات والاقتتال، وتعهدت قوات المجلس العسكري بمنع مرور أي رتل عبر القرية.

كما أصدر اتحاد ثوار مدينة الدانا بياناً أعلن فيه عدم انجراره إلى أي اقتتال بين الفصائل متعهداً بمنع مرور الأرتال من المدينة، وكذلك فعلت الفعاليات المدنية والعسكرية في بلدة كللي بإدلب، كما اتفقت "فتح الشام" و"جيش المجاهدين" في بلدة كفرناصح بريف حلب الغربيّ على تحييد البلدة عن الاقتتال، والتوعد بمحاسبة أي عنصر يخرق الاتفاق، وأعلنت فصائل مدينة دارة عزّة كبرى مدن ريف حلب الغربيّ عن تحييد المدينة عن أي اقتتال.

تطورات الأحداث

عقب أحداث معرشورين، حاصرت "فتح الشام" مراكز "جيش المجاهدين" في مدينة الدانا الواقعة شرق سرمدا، وسيطرت على مركزين تابعين للجيش دون وقوع أية اشتباكات، كما سيطرت على مركز تابع للجيش في بلدة أطمة الحدودية.

وفي مدينة سرمدا ذكرت مصادر خاصة لـ"السورية نت" أنّ سعد النعية مسؤول "جيش المجاهدين" في المدينة سلّم كافة ممتلكات الجيش وهي عبارة عن مركزين في مدينة سرمدا ومحيطها؛ ما مكّن الجبهة من وضع حواجز إضافية في أهم مدينة اقتصادية في المناطق المحررة، وسط اشتباكات على أطراف بلدة الحلزون قرب سرمدا والتي تعدّ مركزاً رئيسياً للجيش إضافة إلى بلدة باتبو بريف حلب الغربيّ.

وأفاد النقيب أمين المسؤول في "جيش المجاهدين" ومسؤول غرفة عمليات خان العسل في تصريح لـ"السورية نت" أنّ "فتح الشام بدأت هجومها على مراكز الجيش في عدة مدن وبلدات"، وقال إنّ "مقاتليه يدافعون عن أنفسهم  ودينهم وسلاحهم وإن لم يحافظوا عليه فليسوا أهلاً لحمله، فقد قاتلنا بهذا السلاح قوات النظام وميليشياته على مدار السنوات الخمس الماضية"، حسب قوله، داعياً مقاتليه إلى عدم التردد في قتال "فتح الشام".

وأضاف: "منطقة الراشدين تحاصرها الجبهة وتمنع خروج المرابطين بالسيارات عقب سيطرتها على بلدة خان العسل غرب حلب، حيث يضطر المقاتلون إلى المشي سواء لتبديل النوبات أو لجلب المياه والطعام".

وذكر المسؤول في "جيش المجاهدين" بأنّ "غرفة عمليات الراشدين لم تسقط أية نقطة بيد قوات النظام منذ سنوات، حيث تصدت لكافة محاولات تقدم قوات النظام على محاور الراشدين وسوق الجبس، حيث قدم الثوار نحو ثلاثمائة شهيد خلال المعارك".

كما طالب النقيب "أمين" جبهة "فتح الشام" بوقف قتالها لـ"جيش المجاهدين" وإلا سيسحب الجيش مقاتليه من الجبهات التي يرابط عليها غرب حلب.

ومن جانبها سيطرت "فتح الشام" على عدة مراكز تابعة لـ"الجبهة الشامية" في ريف حلب الشمالي الغربيّ أهمها "الكارفور" قرب حريتان دون قتال، كما سيطرت على مركز أمنيّ تابع لـ"الشامية" في منطقة الزربة جنوب حلب.

وكانت مواقع التواصل الاجتماعيّ تناقلت خبر انضمام "جيش المجاهدين" إلى حركة أحرار "الشام الإسلامية"، ولكن مصادر داخل "أحرار الشام" نفت لـ"السورية نت" خبر الانضمام، كما نفت النبأ الذي أفاد بانضمام مجموعة من "فتح الشام" في مدينة سراقب إلى "أحرار الشام". كما نفى "جيش المجاهدين" الأنباء المنتشرة عن حله.

تطورات المعارك جنوب إدلب

وفي ريفي إدلب الجنوبيّ والغربيّ، طالب أهالي بلدة حاس قرب كفرنبل "فتح الشام" إخراج حواجزها خارج البلدة وهو ما استجابت له الجبهة، كما دارت اشتباكات عنيفة بين "فتح الشام" وعناصر من ثوار بلدة كفرنبل اعتقلت خلالها الجبهة ثلاثة عشر عنصراً من "أحرار الشام" وقُتل عنصر آخر خلال الاشتباكات حسب مصادر داخل "أحرار الشام"، كما اعتقلت الجبهة ثلاثة عناصر من "فيلق الشام" في معرشورين.

ومن جانبه أعلن المقدم جمال علوش، ومحمود الداني الملقب أبو اسماعيل كوكل، انشقاقهما عن "صقور الشام" في بلدة كفرنبل عن الكتائب وبقاء كتيبتهما محايدة في الاقتتال.

وشهدت قرية بينين في جبل الزاوية سيطرة "فتح الشام" على القرية ليلاً قبل أن تشنّ "صقور الشام" هجوماً عليها ظهراً تمكنت خلالها من استعادة السيطرة على القرية حسب "أبو عيسى الشيخ" قائد "صقور الشام".

وعقب استعادة السيطرة على "بينين" شنت "صقور الشام" هجوماً على مراكز تابعة للجبهة في بلدتي احسم ومرعيان في جبل الزاوية، وسط أنباء أفادت بسيطرتها على معسكر الفوارس التابع للجبهة.

وتتركز الاشتباكات حالياً على أطراف مدينة معرة النعمان، ومنطقة رأس الحصن الحدودية غرب منطقة باب الهوى، وعدة مناطق في جبل الزاوية، وسط هدوء في مدينتي سراقب وأريحا وإدلب وتفتناز.

وفي الساحل السوريّ أكدت مصادر خاصة لـ"السورية نت" أنّ "فتح الشام" سيطرت على كافة مراكز "جيش المجاهدين" دون قتال.

ردود أفعال

ودعا مجموعة من أهل العلم في الشمال السوري جبهة "فتح الشام" وباقي الفصائل إلى وقف الاقتتال، في حين أعلن "علي العرجاني" الملقب أبو حسن الكويتي أحد شرعيي "فتح الشام" استقالته بسبب الهجوم على "جيش المجاهدين".

كما دعا أبو ماريا القحطاني المسؤول في "فتح الشام" إلى عدم استجابة العناصر لقادتهم في إراقة أي دم وحذر من عواقب ذلك في الدنيا والآخرة، داعياً الجميع إلى الالتفات لقتال قوات النظام وعدم تكرار أزمة "تنظيم الدولة" في الساحة السورية.

وكان جهاد الشيخ "أبو أحمد زكور" المسؤول الاقتصادي العام وعبد الله حلب "حمزة سندة" عضو شورى "فتح الشام" أعلنا خروجهما من فتح الشام لعدم توحد الساحة ومحاولات الاستئثار بالساحة.




المصدر