لا سلفية ولا إخوان… الثورة ثورة شبّان


أنور يونان

اللافت في تصريح السيد فايز سارة، وهو يستقيل قبل أيام من الائتلاف، قوله إنه “اكتشف”، بعد ثلاث سنوات ونصف السنة من وجوده في قيادة الائتلاف، أن هذه القيادة كانت، بحسب قوله “أسوأ قيادة لأعظم قضية في العالم كله”.

ولكي نشاركه اكتشافه، علينا أن نبحث عن السبب الذي جعل هذه “المعارضة” تُعلن إفلاسها الفكري والأخلاقي على لسان واحد من قياداتها.

هل تبين للسوريين، اليوم وحسب، أن تلك “المعارضة” لم تُقدّم أي خدمة للسوريين وثورتهم الوطنية!؟ وهل اكتشفوا، اليوم وحسب، أنها خدمت مصالح عصابة الأسد والأنظمة العربية والدول الإقليمية والأجنبية، وذلك بـ “التغطية” على سعي هؤلاء لإشعال نار الحرب الطائفية بين الشيعة والسنة!؟

في الوقت ذاته، ألم تقم هذه “المعارضة” بالتغطية على الفصائل الإسلامية التي موّلتها بعض دول الخليج، فرفعت شعارات إسلامية متطرفة، وارتكبت فظائع مبالغ في مسرحيتها (قطع الرؤوس والحرق في قفص.. إلخ)، بهدف وضع الشعب السوري أمام الخيار بين أمرين أحلاهما مر: “الإرهاب الديني” الذي يتمثل بوصول هؤلاء المتطرفين إلى حكم سورية، أو إرهاب عصابة الأسد التي يحمي بقاءها أنظمة الاستبداد في المنطقة!

يتساءل السوريون: لماذا قامت هذه “المعارضة” بهذه “الجرائم” التي ساعدت عصابة الأسد، وسوّغتها عالميًا، ارتكاب المجازر التي حصدت حتى الآن مئات الآلاف من القتلى والجرحى والمعتقلين وملايين النازحين واللاجئين؟

هل نخطئ القول إن جماعة الإخوان ركبت على ظهور العلمانيين، لتقدم نفسها للعالم كجماعة مؤمنة بالديموقراطية والدولة المدنية. واستخدمت المال الذي أغدقه عليها بعض الحكام لتشتري ذمم عديد من هؤلاء، ما سمح لها أن تتصدر الساحة السياسية في سورية باسم “المعارضة”؟

ألم تكن هذه الجماعة مسيطرة على “المجلس الوطني” ثم الائتلاف، وأخيرًا “الهيئة العليا للتفاوض”، تحت مظلة الدول التي سُمّيت بأصدقاء الشعب السوري، وهي ترفع  الشعارات الوطنية لتغطية هدفها الحقيقي الذي ظنته يقودها إلى السلطة، وذلك بتحويل الثورة الوطنية إلى طريق الحرب الطائفية بين السنة والشيعة. فحققت بذلك ما سعت إليه عصابة الأسد منذ اليوم الأول للثورة؟

وإذن، على هذه “المعارضة” البائسة أن ترحل، وعلى قيادة الأخوان أن تعترف بأخطائها التي قادت الثورة إلى المأزق الذي تعيشه اليوم.

وعلى شباب الثورة السورية الذين أسقطوا “ثقافة الخوف” في العام 2011، العمل على إسقاط “ثقافة الخرافة” السياسية والدينية، التي طفت على سطح المستنقع السوري المسمى “سورية الأسد”.

الشباب السوري يُدرك اليوم أن الثورة السورية، وجميع ثورات الربيع العربي، لم تكن يومًا ثورة أغنياء العرب الذين موّلوا تلك الجماعات المتطرفة، بهدف الإبقاء على أنظمة الاستبداد، بل هي ثورة الفقراء ضد الظلم وغياب العدالة الاجتماعية.

والشباب السوري يدرك –اليوم- أن الثورة السورية، وجميع ثورات الربيع العربي، لم تكن يومًا ثورة المسلمين السنة، وإلا لما وقفت معظم طبقة الأغنياء السنة مع أنظمة الحكم المستبدة في جميع الدول العربية. بل ثورة الفقراء ضد الظلم وغياب العدالة الاجتماعية.

والشباب السوري يدرك اليوم أن تلك الطبقة مع بعض برجوازيي المدن المتطفلة على الثورة، مُدّعية تمثيلها من خلال تلك الهيئات الكاريكاتيرية التي خلقتها جماعة الأخوان، أعجز من أن تُقدّم أي خدمة للثورة أو للشعب السوري. وأن عليها أن ترحل مع صناعها ومريديها. على هذا يؤسس الشباب السوري للاستمرار في ثورته العظيمة.




المصدر