“شانزليزيه” مخيم الزعتري… السوري يوجِد شروط عيشه


فراس اللباد

يُعدّ “الشانزليزيه” من الشوارع التجارية المهمة في مخيم الزعتري للاجئين السوريين في الأردن، إذ يضم الشارع مجموعة كبيرة من المحال والدكاكين التجارية التي بنيت من الزينكو وألواح الصفيح، وتضم سلعًا كثيرة، تشتمل جميع حاجات الأسرة.

يوجد في شارع السوق الرئيس “الشانزليزيه” الذي يتوسط المخيم، نحو 3 آلاف محل تجاري تمتد على طول ثلاثة كيلو مترات. ويعج الشارع بالمتسوقين ليلًا ونهارًا. أطلقت عليه تسمية “الشانزليزيه” لقربه من المستشفى الفرنسي، وأبوابه الرئيسة المطلة على الشارع.

خلدون المحمود، أحد الباعة في سوق المخيم وقاطنيهه منذ خمسة أعوام، قال: “شرعت الناس في البيع على البسطات في بداية إقامة المخيم، وحينذاك كنت أبيع السجائر، وتوسّع النشاط لاحقًا، وأصبح لدي محلًا ضخمًا في شارع الشانزليزيه”.

وأضاف: “علينا طلب جيد من سكان المخيم، لأنهم لا يستطيعون الخروج منه، ولذلك؛ أنشأت مشروعي داخله، وما زلت مستمرًا، وقد أنفقت عليه ما يقارب ألف دينار أردني (ما يعادل 1300 دولار أميركي)”.

اختلف الوضع في المخيم حاليًا، فقد “باتت لدينا دكاكين من صفيح، وبعضهم بدأ ببناء مشروعه بالكرفانات (البيوت المتنقلة) الضخمة، وأصبحت تشاهد كل ما تحب وكل ما تشتهي يباع في هذا السوق”، وفق المحمود.

معظم البضائع المعروضة تأتي من سورية، تُبتاع من المحافظات الأردنية المختلفة، وخاصة من مدينة المفرق القريبة من المخيم.

كان إدخال البضائع إلى المخيم يُكلّف مبالغ مالية كبيرة، ولكن بعد تنظيم الأمور الأمنية من الجهات الأردنية في المخيم، وإصدار تصاريح خاصة بمحال البيع في السوق، أصبحت الأمور أسهل مما كانت عليه في الفترة السابقة.

من جهته قال عاهد الحوراني، أحد الناشطين والمهتمين بأمور المخيم، “لقد حطّم متر الأرض الواحد في شارع الشانزليزيه رقمًا قياسيًا في تاريخ المخيمات بالعالم، فقد وصل إلى ما يقارب 300 دينارًا”، وأضاف “الحياة مستمرة وقائمة بشكلها الطبيعي”، لافتًا إلى أن السوق “كان يتميز بأنواره ليلًا نهارًا، ولكن منذ نحو عام، جرى قطع الكهرباء عنه، مما اضطر أصحاب المحال لشراء مولدات للكهرباء ليستمروا في عملهم، ولا سيما أن حركة السوق قوية جدًا”.

على الرغم من الصعوبات المادية التي يواجهها الناس في المخيم، إلا أن الطلب على الحاجات الأساسية لا يتوقف، وللسوق زبائن من غير اللاجئين، وخاصة الموظفين والعاملين في المخيم من غير السوريين، وحتى من الزائرين الذين يأتون من خارج المخيم.

في السياق نفسه، قال الباحث الاقتصادي والاجتماعي معتز الدين: “لقد دفعت حاجات اللاجئين اليومية لخلق بيئة عمل بعيدة عن تخطيط المنظمات الدولية، وقد مرّ السوق بعدد من المراحل، كمرحلة الإنشاء، وكانت في وقت مبكر من إقامة المخيم، وكان خلالها عبارة عن بسطات صغيرة جدًا لبعض الباعة السوريين من أهل المخيم، وصولًا إلى الطور الثاني، وهو وجود الكرفان وألواح الزينكو، حيث شهدت هذه المرحلة تطورًا كبيرًا في بناء المحال في المخيم، عوضًا عن الخيمة التي كانت تشكل خطرًا على أصحابها لسهولة سرقتها”.

وأوضح أن مرحلة الكرفانات “كانت النهضة التي من خلالها أصبح شارع السوق الرئيس منتظمًا ومعروفًا لدى المفوضية والمنظمات الدولية العاملة في المخيم، حتى وصلت الأمور بأصحاب المحال إلى المطالبة بكهرباء خاصة بالسوق”.

معظم أصحاب المحال سوريون، وخاصة من أبناء محافظة درعا القريبة من الحدود الأردنية، لأنهم كانوا من أوائل الناس في هذا المخيم، إضافة إلى وجود بعض المحال لأهالي مناطق سورية أخرى لاجئة في المخيم.

وصف ممثل “مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين”، اندرو هاربر، فكرة “السوق بالجيدة، وهي بدأت تزدهر ازدهارًا ملحوظًا، وقال: إن “بداية السوق كانت من الخيام والآن تطورت، بحيث بات بعضهم يستخدم مادة الإسمنت والطوب لجعلها أكثر ثباتًا”، وتبلغ تكلفة البناء للدكان تقريبا 2500 دينارًا، وهذا الوضع ليس بالغريب.

أشار هاربر، إلى أن “الحركة التجارية داخل السوق قوية ونشطة، فهناك رأس مال جيد داخل المخيم، وتنسيق مع التجار من مدينة المفرق، لتزويد السوق بالمنتجات المختلفة التي تلقى رواجًا داخل المخيم”. الجدير بالذكر أن مخيم الزعتري ثاني أكبر مخيمات اللجوء في العالم بعد مخيم داداب في كينينا.




المصدر