on
(اقرأ و ارقَ)… مدرسةٌ جديدةٌ في ريف إدلب تكمل تجربةً قديمةً نشأت في داريا
محمد كساح: المصدر
من بين الخيام و البيوت السكنية المؤقتة بمخيم أطمة في محافظة إدلب يحاول السيد “حسين أبو خليل” استنساخ تجربته في تعليم الأطفال و التي بدأها بمدينة داريا مطلقا في البلدة الحدودية مدرسة ابتدائية تعنى بتدريس الطلاب من الصف الأول وحتى السادس.
“أبو خليل” الحائز على شهادة جامعة دمشق في الجغرافيا أطلق في بداية كانون الأول من عام 2016 مدرسة “اقرا و ارق” بعد جهود كبيرة و بمساعدة بعض أهالي أطمة.
يتحدث “أبو خليل” لـ “المصدر” عن المدرسة التي يديرها قائلاً “كانت الحاجة ملحة جدا لافتتاح مدرسة من هذا النوع، أطفال مدينة داريا الذين هُجّروا من بيوتهم، وجدوا أنفسهم في المخيمات محرومين من التعليم بينما غيرهم من الأطفال يتعلم في المدرسة و مع مرور الأيام تزايد عدد الوافدين إلى المخيم من بقية المناطق كحلب و ريف حماة، ومن هنا جاءت فكرة المدرسة”.
البداية من داريا
المشروع التعليمي القديم – الجديد الذي يعمل عليه “أبو خليل” شهد نجاحا ملحوظا خلال حصار مدينة داريا المعروفة بوقوفها في وجه حملات النظام العسكرية قرابة سنوات ثلاث.
مجموعة من نساء المدينة ممن يحملن شهادات في التعليم بادرن إلى جمع الأطفال و تعليمهم في محاولة لإنقاذهم من الضياع و الجهل.
و تطور العمل لاحقا ليتحول إلى مدرسة استمرت لعامين مرت خلالها بمراحل كان آخرها افتتاح قسم لتعليم طلاب الشهادتين الإعدادية و الثانوية بعد الحصول على تصريح رسمي من وزارة التربية الحرة.
ذكريات داريا لا تفارق “أبا خليل” وسعيه الحثيث و المستمر، بصحبة النسوة المعلمات اللواتي شكلن كادر المدرسة، على إخراج جيل تربى على الحديد والنار، صاحبه إلى أطمة في أقصى الشمال السوري ليعيد التجربة من جديد.
تمر الذكريات كشريط السينما في ذهن أبو خليل وعلى لسانه ليقول “في تلك الفترة بدأت المدرسة عملها في بداية شهر تشرين الثاني 2014 في قلب مدينة داريا المحاصرة، ونتيجة لوابل القصف بالقذائف والبراميل المتفجرة لجأنا إلى الأقبية محاولين اتخاذ كافة تدابير السلامة لطلابنا”.
يضيف أبو خليل الوضع هناك قائلاً “رافق القصف ظروف معيشية صعبة عانى منها سكان المدينة بسبب الحصار الشديد، واستقبلت المدرسة حينها عددا كبيرا من طلاب المدينة من عمر خمس سنوات حتى عمر 12 سنة ومع بداية العام 2015 توسع عمل المدرسة ليضم إليه طلاب المرحلة الإعدادية والثانوية، وفي منتصف العام 2016 تم وبالتنسيق مع مديرية التربية الحرة افتتاح مركز امتحان لطلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية.
و يتابع بالقول “بفضل الله تقدم الطلاب للامتحان في شهر تموز/يوليو 2016 و كانت نسبة النجاح 75 % “.
إلى أطمة
تقع مدينة أطمة في أقصى الشمال الغربي من محافظة إدلب وهي قرية حدودية نزح إليها عدد كبير جدا من سكان المدن السورية التي تعرضت للقصف و التهجير ليعيشوا فيها ضمن مخيمات بحثا عن ملاذ آمن.
وتنتشر المخيمات بشكل كبير جدا في المنطقة، وآخر الإحصاءات تشير إلى أن عدد سكان هذه المخيمات وصل إلى 200 ألف نسمة يعيشون ظروفا معيشية صعبة جدا، وينتشر الجهل فيها بشكل كبير نتيجة الفقر والكثافة السكانية العالية و عدم توفر الجو الملائم للدراسة بالإضافة لقلة المدارس فيها.
وفي نهاية شهر آب/أغسطس من عام 2016 أجبر من تبقى من سكان مدينة داريا على الخروج منها باتجاه الشمال السوري ليستقر معظمهم في مخيمات النزوح بمنطقة أطمة.
وفي قرية “العطاء” التي تضم قرابة 250 طفلا بلغوا سن التعليم الابتدائي عادت مدرسة “اقرأ و ارق” من جديد.
إدارة المدرسة بحثت عن مكان مناسب و قريب من المخيم ، حيث يقول “أبو خليل” إنهم وضعوا إعلانا يفيد بحاجتهم لمعلمين و بعد شهر تم اختيار بعض المتقدمين من ذوي الشهادات و الخبرة حيث كان يتم اختيار المدرس بعد مقابلة و درس عملي أمام مجموعة من الطلاب لتقييم الأسلوب و المعلومات.
وبالنسبة للمنهاج المعتمد في التدريس يوضح أبو خليل أنه “المنهاج المعتمد في الحكومة المؤقتة”.
المدرسة
وتضم المدرسة حاليا 100 طالبا وطالبة من مدن عديدة مثل داريا وحلب و حمص وريف حماة، ويؤكد مديرها ومؤسسها أن بإمكانهم استيعاب 100 طالب آخر في حال تم فتح دوام مسائي موضحاً أن هذا الأمر بحاجة لإمكانيات أكبر و هي غير متوفرة.
وتستهدف المدرسة طلاب المرحلة الابتدائية من الصف الأول للصف السادس، ويشير “أبو خليل” إلى الإقبال الكثيف عليها “نظرا لكثرة الأطفال الذين لا يذهبون للمدرسة و لكننا لا نستطيع أن نستقبل إلا عددا محدودا بسبب ضيق المكان وضعف الإمكانيات”.
وعن المستوى التعليمي لأطفال قرية العطاء يوضح أن الأطفال بشكل عام معظمهم تعرض لنزوح متكرر لذلك مستواهم التعليمي متدنٍ، يمكن أن تجد بعضهم عمره 9 سنوات لكنه في الصف الأول، عدا النزوح هنالك عوامل أخرى في هبوط المستوى التعليمي كالفقر و كثرة أفراد العائلة، أضف إلى ذلك اللامبالاة عند الكثير من الآباء”.
المصدر