مجموعات قانونية أردنية تقدم خدماتها للسوريين مجانًا
26 كانون الثاني (يناير - جانفي)، 2017
عاصم الزعبي
يرتبط مفهوم العدالة في العصر الحديث بالتقاضي أمام المحاكم، لكن هناك فئة من الناس، تعجز عن الوصول إلى المحاكم والاستعانة بالمحامين، لعدم قدرتها على دفع تكاليفهم، وهو ما دفع ببعض المراكز الأردنية إلى تقديم المساعدة القانونية التي تعد من أهم أركان التمكين القانوني، وتقسم المساعدات إلى: الاستشارات القانونية لكل من هو بحاجة إليها. والتمثيل القانوني للفقراء والفئات المستضعفة في المجتمع.
يبلغ عدد اللاجئين السوريين المسجلين لدى “المفوضية العليا للاجئين” في الأردن نحو 650 ألفًا، يواجهون إجراءات قانونية مختلفة، فهم يخضعون للقوانين الأردنية خضوعًا تامًا، ويضطرون للمثول أمام المحاكم الأردنية، للتقاضي أو الزواج، أو لإجراء أي معاملة قانونية.
تقدم عدد من المنظمات القانونية الأردنية، خدماتها مجانًا للاجئين السوريين، ابتداءً من الاستشارات القانونية، وصولًا إلى التمثيل القانوني في الدعاوى أمام المحاكم الأردنية؛ ومنها مجموعة “ميزان” القانون، التي تقدم الاستشارات القانونية لمن يحتاجها من السوريين.
وقالت إيفا أبو حلاوة، مديرة المجموعة التنفيذية، لـ (جيرون)، إن سلسلة الإجراءات التي تقدم من خلالها المعونة القانونية للمحتاجين، “تبدأ بتقديم الاستشارة، وبعدها تحول القضية إلى (شبكة نور)، المكونة من 57 محامية ومحامٍ، ليمثلوا المحتاج أمام المحاكم مجانًا، وهم ينتشرون في جميع أرجاء المملكة”.
بدأت “ميزان” القانون تقدم خدماتها للاجئين السوريين منذ أيلول/ سبتمبر 2012، من خلال زيارات ميدانية إلى مخيمات، الزعتري، الحديقة، والسايبر ستي، إذ رصدت عديدًا من انتهاكات حقوق الإنسان، تراوحت بين أوضاع المخيمات والمعيشة، والخدمات الصحية والتعليمية، وشكاوى إساءة المعاملة والعنف والاستغلال الجنسي، لتقوم المجموعة بمخاطبة وزارة الداخلية وتقديم ما جرى توثيقه من انتهاكات، واستمرت الزيارات في ما بعد، للنظر في مختلف القضايا القانونية المتعلقة باللاجئين السوريين.
وأضافت أبو حلاوة أن من المجموعة تتوكل “في عدد من قضايا الأحداث السوريين، ومساعدة ذويهم بالحصول على أذون لزيارتهم في دور رعاية الأحداث، وقضايا شرعية متنوعة تتراوح ما بين نفقات زوجة وأطفال، وحضانة، وإثبات زواج وإثبات نسب، إضافة إلى قضايا العنف الأسري، معظم ضحاياه نساء سوريات لاجئات يعانين من عنف أسري من أزواجهن سوريين وأردنيين”.
وقالت ميساء، سورية مقيمة في الأردن، لـ (جيرون) “بعد انفصالي عن زوجي، لم يعد يقدم لي ولأولادي الثلاثة أي مصروف، ولا أملك المال لتوكيل محام لرفع دعوى للنفقة، فذهبت إلى أحد المراكز القانونية في عمان، وتوكل أحد محاميه مجانًا برفع هذه الدعوى، وحصلت على حكم بالنفقة لي ولأولادي، دون أن أدفع أتعاب المحاماة المكلفة عادة”.
تعمل غالبية المنظمات القانونية في تنفيذ العديد من البرامج للمساعدة القانونية للاجئين السوريين، لتمكينهم من معرفة حقوقهم، والمطالبة بها، وتوعيتهم لواجباتهم، كما تعمل على برامج دعم قانوني لحماية المرأة والأسرة.
تشير أبو حلاوة إلى أن المجموعة تستخدم “قانون الحماية من العنف الأسري، والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، أمام القضاء الأردني، إضافة إلى دراسة واقتراح التشريعات المتعلقة بحماية المرأة، وذلك ضمن مشروع مجابهة التمييز والعنف ضد المرأة، الذي يهدف إلى تمكين المحامين من حماية النساء من كل أنواع التمييز، على المستويين الاجتماعي والقانوني، من خلال تعزيز قدرات الجهات الحكومية وغير الحكومية لحماية حقوق المرأة، ومساعدتها في الوصول للعدالة وتقديم المساعدة القانونية لها”.
تقدم مفوضية اللاجئين خدمات قانونية مجانية للسوريين في الأردن، عن طريق خطوط اتصال معينة خصصت لهذا الغرض، لكنها تقتصر على تقديم استشارات فقط، كما أن المحامين السوريين المقيمين في الأردن، والذين باتوا على معرفة بالقوانين الأردنية، يقدمون استشارات قانونية مجانية للسوريين عن طريق الهاتف، بما لا يخالف القانون الأردني.
تعمل المراكز القانونية الأردنية في محاولة الحد من الإبعاد القسري، خوفًا على حياة السوري المبعد في حال عودته إلى سورية من تعرضه للقتل أو الاعتقال من أي من أطراف الصراع في سورية، وقد نجحت هذه المراكز إلى حدّ كبير في هذا المجال، حيث وجهت الحكومة الأردنية كافة الجهات الرسمية لوقف ومنع إبعاد الأطفال السوريين اللاجئين، ممن ارتكبوا جرائم وأنهوا محكوميتهم، إلى سورية، وذلك استنادًا إلى اتفاقيات حقوق الإنسان، واتفاقية حقوق الطفل، كما نجحت من خلال المحاكم، بإصدار عدة قرارات قضائية لمنع إبعاد لاجئين سوريين بالغين، ما يعد إنجازًا قانونيًا مهمًا، يمهد لأن تكون الكلمة الفصل في هذه القضايا للقضاء، ما يحدّ من القرارات الإدارية التي يمكن أن تكون تعسفية في بعض الأحيان.
تبقى المساعدة القانونية حقًا من حقوق الإنسان، يجب أن تكفلها الدول، لأنها ضمان لحق الوصول إلى نظام العدالة وحق الدفاع، والاستعانة بالمحامين، بالاعتماد على مبدأ المساواة بين جميع الناس، بصرف النظر عن المقدرة المالية أو أي أساس آخر للتمييز بين البشر.
[sociallocker] [/sociallocker]