اللاجئون السوريون في اليونان… المأساة تتوالى فصولًا


جيرون

تعيش خولة. ح، التي وصلت مع أختها إلى اليونان بعد رحلة بحرية شاقة ومرعبة حالة من الاكتئاب، فهي غير قادرة على تحمّل أعباء الوضع الجديد، فبعد أن تركت عملها (معلمة)، وأنفقت كل ما بحوزتها من مال لتصل إلى دولة أوروبية، فيها بعض الأمان والحقوق التي فقدتها، وجدت نفسها في مكان غير آمن، ولا تتوفّر فيه أدنى مقومات الحياة.

أوضحت شقيقتها لـ (جيرون) أن خولة “ترفض تناول الطعام والتحدّث مع الآخرين، وتجلس وحيدة لا تتكلم مع أحد، وقلّما تخرج من الخيمة، لتقضي حاجاتها، ولا يوجد أي جهة طبية تقدم الدعم والمساندة”.

الأختان في عقدهن الرابع، ولمّا يتزوجن بعد. وكن قد قرّرن عدم البقاء في سورية؛ لخوفهن من المستقبل.

يُقدّر عدد اللاجئين في اليونان بنحو 60 ألفًا، منهم 23 ألف لاجئ سوري، ينتظرون البت بطلبات لجوئهم، ويعيشون أوضاعًا صعبة جدًا، في مخيمات تفتقر إلى شروط العيش الإنساني، مع شح مزمن في المساعدات الإنسانية والطبية.

حول مأسوية أوضاع السوريين في الجزر اليونانية، قال الناشط مهند الأفندي لـ (جيرون): إن :”معظم مخيمات الجزر اليونانية مزدحمة جدًا، وليست آمنة، وكثيرًا ما تنشب صدامات بين اللاجئين والشرطة اليونانية عندما يحتجون على قساوة أوضاعهم وعدم وضوح مستقبلهم”.

وتابع: “فاقم معاناة القاطنين العواصف الثلجية والمطرية، ودعامة المخيمات الهشة، فالخيام الصغيرة تجرفها الأمطار بسهولة، ويغمرها الوحل، في الوقت الذي تنعدم فيه وسائل الحماية والتدفئة، كما تفتقر المخيمات إلى الخدمات الطبية، أما الطعام فعبارة عن وجبة واحدة في اليوم يعدّها الجيش اليوناني، وسط محاولات من بعض المنظمات الخيرية تزويد الناس بالطعام، ولكن العدد الكبير يحول دون حلّ المشكلة”.

وكانت منظمة “أطباء بلا حدود” قد قالت: “إن عيش هؤلاء اللاجئين في خيام تحت رحمة الأمطار، أمر مثير للغضب، خاصة في ظل وعود وتصريحات أوروبية”، وطالبت السلطات اليونانية والاتحاد الأوروبي باتخاذ إجراءات طارئة؛ لضمان إيواء جميع اللاجئين والمهاجرين في اليونان في أوضاع إنسانية كريمة.

من جهتها، انتقدت “المفوضية العليا لشؤون اللاجئين” أثينا لعدم اتخاذها الإجراءات اللازمة لحماية أرواح أكثر من 60 ألف لاجئ ومهاجر، وتوفير سبل العيش الملائمة، من وسائل التدفئة والأدوية، وطالبتها بسرعة نقل اللاجئين الموجودين في جزر بحر إيجة، إلى البر الرئيس أو إلى دول أوروبية أخرى.

وبحسب الأفندي؛ فقد “جرى تنظيم كثير من الإضرابات في بعض المخيمات؛ احتجاجًا على قلة الطعام ورداءة نوعيته، والتأخير في تسجيل اللاجئين في برنامج إعادة التوطين، ولكنها لم تثمر أي نتيجة”.

وتأتي هذه المطالبات في وقت تعاني فيه اليونان من أزمة اقتصادية عاتية؛ بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية التي تمر بها، ودفعتها العام الماضي إلى إعلان إفلاسها.

أحد الشباب القاطنين في مخيم في مدينة “دراما”، قال لـ (جيرون): “تمكنت وأصدقائي من قتل ثلاثة أفاعي عند أطراف المخيم وبداخله، كما يوجد في الخيام كل أنواع الحشرات، والمياه الساخنة لا تأتِ إلا مرة في الشهر، كذلك الإنترنت غير متوفر، وكل المنظمات تأتي زيارات عابرة دون تقديم أي حلول”.

لا يستطيع اللاجئون السوريون مغادره الجزر اليونانية بصورة شرعية، قبل اكتمال طلب اللجوء في اليونان، وهذا ينطبق على القادمين بعد تاريخ 20 آذار/ مارس 2016، أما سبل خروجهم بطرق غير شرعية فهي صعبة ومُكلفة.

أما بالنسبة للقادمين قبل تاريخ 20 آذار/ مارس 2016 فيحقّ لهم التقدم إلى برنامج المفوضية الأوروبية (إعادة التوطين – لم شمل الأُسر)، وبعد قيام السلطات اليونانية وسلطات دول البلقان بإغلاق حدودها في وجههم، اضطر معظم طالبي اللجوء إلى التسجيل في برنامج المفوضية الأوروبية بشقيه: (إعادة التوطين – لم شمل الأُسر)؛ ما يطيل من فترة بقائهم في اليونان، ريثما يُنظر في طلباتهم ويُبتّ فيها.

وفي 18 آذار/ مارس 2016، توصلت أنقرة والاتحاد الأوروبي في بروكسل، إلى اتفاق يهدف لمكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب البشر، إذ طبقته تركيا في 4 نيسان/ أبريل 2016، باستقبال المهاجرين الواصلين إلى جزر يونانية، ممن تأكد انطلاقهم من الأراضي التركية.

وضمن بنود الاتفاق، يجري اتخاذ الإجراءات اللازمة؛ من أجل إعادة المهاجرين غير السوريين إلى بلدانهم، بينما يجري إيواء السوريين المعادين في مخيمات ضمن تركيا، وإرسال لاجئ سوري مسجّل لدى أنقرة إلى بلدان الاتحاد الأوروبي مقابل كل سوري يُعاد إليها.




المصدر