on
تجارة "الهولوكوست" الرابحة.. كيف خلق الصهاينة أسطورتها وجيروها لمصالحهم؟
رغداء زيدان ـ خاص السورية نت
نشرت الأمم المتحدة على موقعها الإلكتروني رسالة للأمين العام "أنطونيو غوتيريش" بمناسبة إحياء ما يسمى بـ"محرقة اليهود" التي تمر ذكراها 72 اليوم، قال فيها: "من الخطأ البِّين اعتبار محرقة اليهود مجرد نتيجة لجنون مجموعة من النازيين المجرمين. بل على العكس، لقد كانت المحرقة تتويجاً لآلاف السنين من كراهية اليهود واتخاذهم أكباش فداء والتمييز ضدهم، وهو ما نسميه اليوم معاداة السامية".
ومنذ إنشاء ما يسمى "برنامج الأمم المتحدة للتوعية بالهولوكوست" في عام 2006، بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 60/7، قام البرنامج المذكور "بتكوين شبكة عالمية من الشركاء، وبرنامج متعدد الجوانب يتضمن منتجات تعليمية مطبوعة ومنشورة على شبكة الإنترنت، وأدلة دراسية للتلاميذ، وحلقات دراسية، وبرامج للتطوير المهني، وسلسلة أفلام، ومعرض دائم بالمقر الرئيسي للأمم المتحدة في نيويورك. وتتوج أعمال البرنامج كل عام بالاحتفال باليوم الدولي لتذكر ضحايا الهولوكوست في جميع أنحاء العالم، في 27 يناير/كانون الثاني".
وقد اختارت الأمم المتحدة تاريخ 27 يناير/ كانون الثاني كونه ذكرى سقوط آخر معتقل من معتقلات النازيين الذي وقع بيد الحلفاء في الحرب العالمية الثانية وهو معتقل " أوشفتيز".
ما هو الهولوكوست؟
تطلق كلمة هولوكوست على الإبادة الجماعية التي تعرض لها اليهود على أيدي النازيين خلال الحرب العالمية الثانية التي انتهت في أغسطس / آب 1945م.
وتقوم دولة الاحتلال الإسرائيلي بتنكيس الأعلام كل عام في 27 إبريل/ نيسان، حيث تعد هذا اليوم هو الذكرى السنوية للمجزرة، التي يقول اليهود إنه راح ضحيتها ستة ملايين يهودي في الفترة بين 1941 إلى 1945.
وفي مقاله المنشور على شبكة الإنترنت بعنوان "تجارة الهولوكوست الرابحة" يقول المفكر عبد الوهاب المسيري رحمه الله: "الهولوكوست Holocaust وهي كلمة يونانية لا تعني مجرد التدمير حرقاً، كما تشير الموسوعة البريطانية، ولكنها كانت في الأصل مصطلحاً دينياً يهودياً يشير إلى القربان الذي يُضحَّى به للرب ويُحرق حرقاً كاملاً غير منقوص على المذبح.
ولهذا كان "الهولوكوست" يُعد من أكثر الطقوس قداسةً، وكان يُقدم تكفيراً عن خطيئة الكبرياء. وفي العبرية يُشار إلى هذه الحادثة باستخدام كلمة شواه، التي تعني الحرق، كما تُستخدم أحياناً كلمة حُربان وتعني الهدم أو الدمار، وكانت تُستخدم للإشارة إلى هدم الهيكل. وهكذا، فإن اختيار المصطلحات في حد ذاته، سواء في الإنجليزية أو العبرية، لوصف حادثة تاريخية محددة هي القضاء على جزء من يهود أوروبا، يخلع على هذه الحادثة صفة القداسة وينزعها من سياقها التاريخي والحضاري المتعين"
وقد أقرت الدول الأوروبية وأمريكا قوانين وتشريعات تجرم كل من أنكر "الهولوكوست"، مما عزز الأيديولوجية الصهيونية حول الموضوع.
ما بين الواقع والأسطورة
يقول مروجو قصة "الهولوكوست" إن النازيين الألمان قاموا بإبادة اليهود في أوروبا الشرقية خلال الحرب العالمية الثانية بواسطة أفران غاز كبيرة، وتم حرق وإبادة حوالي 6 ملايين يهودي.
لكن هناك من شكك بهذه القصة من أساسها فالمؤرخ البريطاني "ديفيد إيرفينغ" قال في مقابلة مع قناة الجزيرة الفضائية في برنامج بلا حدود 4/ 6/ 2004م: "إنه لا توجد أي وثيقة فيما يتعلق بغرف الغاز" تلك.
والجدير بالذكر أن هذا المؤرخ البريطاني أعلن للمرة الأولى في سبتمبر/أيلول عام 90 بأنه لم تكن هناك غرف للغاز في معسكر الاعتقال (أوشفيتز) بألمانيا، وأن غرفة الغاز تلك أقامها البولنديون هناك عام 48، بعدها قاضاه اليهود، ومُنع إثر إدانته عام 92 من دخول ألمانيا، ورفض السماح له بدخول كندا وإيطاليا والنمسا، وكذلك بدأت الحرب الشعواء ضد كتبه، وقد اُعتقل مرة أخرى بتاريخ 17/11/2005 في العاصمة النمساوية حيث كان من المقرر أن يدلي بمحاضرة عن النازية أمام مجموعة من الطلبة.
الباحث الفرنسي "بول راسينيه" صاحب كتاب "ترهات أوليسيوس" قال إن 500 ألف أو مليون من اليهود ماتوا خلال الحرب العالمية الثانية، معظمهم بسبب سوء الظروف المادية وأن ذلك لم يحصل تدريجياً وبشكل منتظم على أيدي النازيين.
ورغم أن "راسينيه" قد تم توقيفه في معسكرات الألمان أثناء الحرب العالمية الثانية وبقي هناك 19 شهراً إلا أن ذلك لم يشفع له بأن تكون شهادته موضوعية وبعيدة عن المبالغة أمام مروجي قصة "الهولوكوست" واُتهم بأنه من معادي السامية.
وبحسب المسيري في مقالة "جنود نازيون يهود" فإن اليهود والغرب عملوا على إلباس حادثة الهولوكوست نوعاً من القداسة، حيث تم نزعها من سياقها الحضاري الغربي، وجعلت مثل الأيقونة، التي يظن العابد أن الإله قد حل فيها، وبالتالي لا يمكن للمؤمن بها أن يشكك فيها أو أن يتساءل عن معناها أو دلالتها.
تجارة الهولوكوست الرابحة
يقول الكاتب الأمريكي اليهودي "نومان فنكلستين" الذي عانى والداه من محنة الاعتقال في مخيمات التعذيب النازية أثناء الحرب العالمية الثانية، في كتابه "صناعة الهولوكوست تأملات في استغلال المعاناة اليهودية": إن "تفعيل صناعة الهولوكوست لم ينجم من ضعف إسرائيل أو عزلتها، ولا الخوف من هولوكوست ثانية بعد حرب 1967 (التي احتلت فيها إسرائيل مناطق عربية جديدة)، فمع حلول السبعينيات خفت وطأة معاداة السامية في الحياة الأمريكية. ومع ذلك قرع اليهود ناقوس الخطر محذرين من نزعة عداء للسامية جديدة، وتحولت حالة التخوف هذه إلى هيستريا مختلفة خدمت أهدافاً متعددة للحركة اليهودية الأمريكية المنظمة".
وفي الكتاب الذي تُرجم للعربية عام 2001 بيّن "فنكلستين" كيف استغل اليهود هذه الحادثة لتحقيق مآربهم، وأوضح كيف ظهرت "الخدعة الكبرى" الأولى مع ظهور كتاب "العصفور المدهون" لمؤلفه "جيرزي كوسنيسكي " والذي لفق الأحداث المرضية التي رواها، ثم سار على طريقته كتاب آخرون.
ويضيف "فنكلستين": أنه بالرغم من براءة العرب من هذه الحادثة، فإن موسوعة الهولوكوست التي حررها "إسرائيل غوتمان" حملت مفتي القدس الحاج أمين الحسيني درواً رئيسياً فيها، وراح الإسرائيليون يروجون للعلاقة بين العرب والنازيين.
ومع نمو تجارة الهولوكوست، أخذ المنتفعون من هذه الصناعة يتلاعبون في أرقام الناجين، وذلك بغرض المطالبة بمزيد من التعويضات، وبدأ الكثيرون يتقمصون دور الضحية. ومنذ عام 1993، ادعى القائمون على هذه الصناعة، كما يقول المسيري في مقاله "تجارة الهولوكوست الرابحة" نقلاً عن "فنلكستين"، بأن 10 آلاف ممن نجوا من الهولوكوست يموتون كل شهر، وهو أمر مستحيل كما يبدو، لأنه يعني أن هناك ثمانية ملايين شخص نجوا من الهولوكوست في عام 1945 وظلوا على قيد الحياة، بينما تؤكد الوثائق أن كل اليهود الذين كانوا يعيشون على الأراضي الأوروبية التي احتلها النازيون عند نشوب الحرب لا يزيد عن سبعة ملايين فقط.
وهكذا تحولت الهولوكوست إلى أداة ابتزاز للدول الأوروبية، وخصوصاً ألمانيا، لإرغامها على مساندة إسرائيل، وكذلك الأمر بالنسبة للأمريكيين.
كما استخدمت لتسويغ الجرائم الإسرائيلية ضد الفلسطينيين. حيث استخدم الصهاينة الهولوكوست كمبرر يخلصهم من المساءلة الأخلاقية والإنسانية عن جرائمهم تجاه الشعوب الأخرى.
تعويضات لا تنتهي
وقعت دولة الاحتلال الإسرائيلي مع ألمانيا الاتحادية عام 1952م اتفاقية "لوكسمبورغ" التي التزمت فيها ألمانيا بدفع تعويضات لليهود الناجين من الهولوكوست.
وفي الفترة بين عامي 1953- 1965م قامت ألمانيا بدفع تعويضات بقيمة 12 مليار مارك ألماني أي حوالي 845 مليون دولار أمريكي، منها 100 مليون دولار لصالح الضحايا المطالبين بالتعويضات فيما ذهب باقي مبلغ التعويضات لدولة إسرائيل.
كما التزمت الحكومة الألمانية بدفع معاش شهري لكل يهودي ثبت تعرضه لأي مطاردة من قبل الحكم النازي في الفترة بين عام 1933م، ونهاية الحرب العالمية الثانية.
وفي عام 1988م قامت ألمانيا بدفع 120 مليون دولار أمريكي كتعويضات أتاحت لبقية ضحايا الهولوكوست من اليهود الحصول على مبلغ شهري يقدر بحوالي 290 دولاراً لكل شخص لبقية حياته.
وفي عام 1999م وافقت الحكومة الألمانية على دفع تعويضات جديدة لأشخاص يهود وغير يهود كتعويض على الرق والسخرة في المصانع النازية خلال الحرب العالمية، وقد حصل حوالي 140 ألف يهودي من أكثر من 25 دولة على مثل هذه التعويضات حتى عام 2006م.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2012 وافقت الحكومة الألمانية مجدداً على دفع تعويضات جديدة يستفيد منها 80 ألف يهودي لم يحصلوا على تعويضات لعدم معرفتهم بها. ويحصل هؤلاء على مبلغ 2556 يورو مرة واحدة، في حين يحصل من يثبتوا تعرضهم للسجن أو الملاحقة أو الاختباء ستة أشهر من النظام النازي على 300 يورو شهرياً مدى الحياة.
ولا توجد إحصائيات رسمية حتى الآن حول قيمة محددة للتعويضات التي دفعتها ألمانيا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى الآن لليهود أفراداً أو مؤسسات، إلا أن الحكومة الألمانية ذكرت في بيان مقتضب صدر في يونيو/ حزيران 2010 أن هذه التعويضات ناهزت 63 مليار يورو.