ما هو السيناريو السينمائي؟

كلمة سيناريو: Scenario (من الإيطالية) تحولت إلى مفهوم؛ وهو موجز أو خطة لسلسلة من الأحداث والإجراءات الممكن التنبؤ بها. وإذا تحدثنا عن السيناريو الأدبي السينمائي، سنرى تقاطعات تتحقق في السيناريوهات الأخرى، الدراما التلفزيونية، الإذاعية، وغيرها.

فالسيناريو السينمائي يحتوي على أصالة وتكثيف، وشروط بصرية وإيقاع، وهو بكل صوره السمع/ بصرية مؤهل للتحول إلى سيناريو إخراجي (المرحلة الأخيرة من تحولات السيناريو ليصبح فيلمًا على الشاشة). فالسيناريو الأدبي للفيلم السينمائي، تسبقه مرحلتان من الكتابة:

المرحلة الأولى – كتابة فكرة السيناريو/ الفيلم

المرحلة الثانية – كتابة القصة السينمائية.

وهناك كتابة تقنية، توضع أمام كتابة السيناريو، وهي إجابة عن أسئلة ضرورية لكتابة السيناريو، مدة الفيلم الزمنية، عن أي شيء تحدث الفيلم، المقولة التي يراد طرحها، وأي نوع سيكون السيناريو (كوميديا، تراجيديا… إلخ)، الزمن الفني للسيناريو، وكذلك الشرط الاقتصادي للفيلم، ويحدد منتج الفيلم -أحيانًا كثيرة- القيمة المالية الإنتاجية لتنفيذ الفيلم، فكاتب السيناريو المحترف يستطيع كتابة نصه بما يتلائم مع الموازنة المقترحة.

من خلال السيناريو الأدبي للفيلم نستطيع التعرف إلى المركب المشهدي للفيلم، وحكايته، والبناء الدرامي للأحداث، والشخصيات، ومن خلال التقسيم الفني للمشاهد الدرامية البصرية، ندرك حكاية الفيلم والأحداث وكامل بنائية الفيلم.

إن المشهد السينمائي الذي يقترحه الكاتب بخيال فني، يحتوي بذاته على شروط النص، من إيقاع وصراع وأحداث وحوار، مرتبطًا بالمشهد الذي يليه، بوحدة فنية تحدد سوية الفيلم ابتدائيًا على الورق. كاتب السيناريو يبدع في خلق المبررات الفنية والدرامية للأحداث وسببية وجودها، بحيث يثير خيال المخرج في اقتراح الصورة المعبرة، عن هذا الإبداع.

لا يجوز للمخرج أن يتطاول على أسئلة السيناريو الفكرية، ولا يجوز أن يجعل النص يحيد عن هدفه الأصيل، فالسيناريو فيلم بكامل عناصره، مكتوب على ورق، وظيفة المخرج أن يحقق الرؤية الفنية والفلسفية للمبدع الأول، وهو كاتب السيناريو.

وحدة السيناريو هي المشهد الدرامي، فالسيناريو في المحصلة مجموعة من المشاهد مرتبطة عضويًا بمدماك فني لا يقبل الخلل، ووحدة متسلسلة تحمل كامل مبررات وجودها وتحتوي على الجمالية الفنية والتشويق والإيقاع والحوار. لذلك؛ لا سيناريو بلا وحدة مشهدية، حتى لو جرت تسميته سيناريو أدبي.

في هذه الصيرورة تتجلى إبداعية الكاتب وحرفته وخياله، وقدرته على السيطرة الكاملة لبناء الفيلم، فلغة السيناريو لغة صورية درامية مكتوبة على ورق، وكأنه فيلم جرى تفريغه من الصورة إلى الورق؛ شرحًا وتعبيرًا وحوارًا.

السيناريست يخط بكلماته، ما يمكن أن نشبهه بـ “الصورة الشعرية” في القصيدة، فيأتي المخرج بكاميرته وشخصياته وأمكنته ومقترحاته الأخرى، ليرسم لنا صورًا تحمل مضامين فنية ولونية وصوتية حية، على شاشة من القماش، من كلام كان على ورق.

السيناريو الإخراجي

هو المعالجة الفنية الدرامية الصورية التي تتضمن لغة الكاميرا، الممثل، والمؤثرات المختلفة المقترحة.

وهو -أيضًا- الخطة العملية والفنية لتنفيذ ما هو متخيّل لصناعة الفيلم، بشرطية فنية وتقنية، ومن السيناريو الإخراجي يمكن التحديد النهائي للموازنة والمدة الزمنية والإيقاع الفني المحسوم للفيلم. فالجملة المكتوبة في السيناريو الأدبي على سبيل المثال “الولد يركض على شاطئ البحر نحو أمه”، تصبح عددًا غير متناه من الصور، بحجوم وزوايا مختلفة، تحدد معنى الركض وأسبابه، والمكثف الدرامي لهذا الركض، وبناء على هذا الركض -ضمن القيمة الفكرية في السيناريو الأدبي- يجري اقتراح المؤثرات الصوتية، والضوئية، والصورية بكامل فنيتها، إضافة إلى الموسيقا المقترحة، وهل اللقطة بطيئة لهذا الركض أم سريعة… وكثير من الأسئلة التي يجاب عنها ضمن مشهدٍ، قد لا يتعدى الثواني، وكل ذلك يُحدد في السيناريو الإخراجي. وكذلك تُقترح العدسات والأدوات الملائمة لتحقيق هذه اللقطة.

وفي السيناريو الإخراجي للفيلم السينمائي ترسم المشاهد وبعض اللقطات بمساعدة مصمم المناظر، ويوضع أي اقتراح بصري على المشهد واللقطة من خلال رسم المشاهد، بترقيمها المتسلسل الذي سوف تحققه طاولة المونتاج. وهكذا، فالمخرج يعرف تمامًا مركب فيلمه على طاولة المونتاج، وتسلسل فيلمه بكامل مشاهده ولقطاته، ضمن ترقيم خاص للفيلم.

من ذلك تُحدد متطلبات الفيلم سلفًا، وبإعداد محكم، فيظهر الفيلم المتخيل والمكتوب في السيناريو الأدبي، بمرحلته الثانية (سيناريو إخراجي)؛ ليجري تصويره في مرحلته الثالثة، وعلى طاولة المونتاج تتحقق المرحلة الرابعة، ما قبل الأخيرة وهي المكساج، ثم طباعة الفيلم للعرض.

وللسيناريو بناء تقني لابد من ذكره أخيرًا:

1. رقم اللقطة، بحيث تكون نهائية على طاولة المونتاج.
2. حجم اللقطة (لقطة كبيرة، متوسطة، صغيرة، لقطة تفصيلية)
3. الحوار داخل اللقطة، حوار داخلي أو حوار مع شخصية مشتركة.
4. موضوع اللقطة، (شاب يركض نحوة فتاة، فتاة تنتبه، وهكذا)
5. زمن المشهد، (نهار، ليل، فجر، …الخ)
6. مكان المشهد، أي مكان حدوث المشهد، (خارجي، داخلي، وأين بالتفصيل).
7. المؤثر الصوتي والموسيقي للمشهد، وتفاصيل لقطاته.
8. أدوات تقنية لتحقيق اللقطات داخل المشهد، والعدسات المراد استخدامها
9. ملاحظات يؤكدها المخرج وحاجات أخرى.

وكل ذلك جزء لا يتجزأ من السيناريو الإخراجي لتحقيق الفيلم.