بيانات جديدة: عمل المرأة السورية اللاجئة في الأردن


جيرون

أطلقت منظمة “تمكين للدعم والمساندة” في الأردن، تقريرها الاستشرافي المعمق، في منتصف كانون الثاني/ يناير الحالي، بعنوان “عمل المرأة السورية اللاجئة في الأردن”. وقالت الباحثة شيرين مازن التي أعدّت التقرير، لـ (جيرون): إن الدراسة “بنيت بالاعتماد على عدة معايير، منها إجراء مراجعة لجميع الدراسات والتقارير والاتفاقيات الدولية، والتشريعات الوطنية ذات العلاقة بعمل المرأة، إضافة إلى إجراء مجموعة من المقابلات مع عدد من المختصين، ونساء سوريات عاملات، وأصحاب عمل، وجرى تحليل المقابلات والوقوف على خصائصها، ومعرفة تفاصيل العمل فيها”.

تنطلق أهمية التقرير، من تناوله أوضاع المرأة اللاجئة، والوضع القانوني والاقتصادي لشريحة واسعة من النساء، كما يكتسب أهمية عملية من خلال تحليل بيئة العمل، وحقوق العاملات، ومدى فاعليتها على أرض الواقع، في ظل ندرة الدراسات المتعلقة بهذا الجانب.

تُقدّر نسبة النساء السوريات بالنسبة إلى مجمل عدد اللاجئين السوريين في الأردن، بنحو 51 في المئة، يعمل منهن 15 في المئة، إذ تشير الدراسات إلى أن 28 في المئة من العائلات السورية في الأردن تقودها امرأة، منها 35 في المئة تعمل فيها ربة الأسرة.

تضمن التقرير مقابلات مع 150 امرأة سورية عاملة، في عدة قطاعات، وضمن أحوال قاسية، ولساعات عمل طويلة لا تتناسب مع الأجر المُعطى، كما تقول شيرين التي تؤكد أن هذا انتهاك يجري على النساء العاملات السوريات والأردنيات، على حد سواء، إذ ” تتقاضى النساء العاملات اللواتي جرت مقابلتهن أجرًا يتراوح بين 100 – 300 دينار أردني شهريًا، فيما يعملن ما بين 12 – 15 ساعة يوميًا، دون الحصول على أجر إضافي، ودون أن تشملهن مظلة الضمان الاجتماعي، ودون أي حق من الحقوق العمالية، بحجة توفير مكان عمل لهن، وأن عملهن غير رسمي”.

نقص الدخل المادي لهؤلاء السيدات هو العقبة الكبرى، وهو ما يُشكّل لديهن خوفًا من العنف والاستغلال، إضافة إلى الصدمات النفسية التي يواجهها أطفالهن، ما جعلهن يتجهن إلى سوق العمل لسد بعض الحاجات الضرورية، كإيجار المسكن وتوفير بقية المستلزمات. وقد تنوع العمل النسائي للمرأة السورية في الأردن بين عمل جماعي مؤسساتي وفردي.

يتطرق التقرير إلى أجور النساء اللواتي جرت مقابلتهن، إذ إن أجور 60 بالمئة منهن ما بين 100 و150 دينارًا، و23 بالمئة منهن ما بين 150 و200 دينار، و10 بالمئة منهن ما بين 200 و300 دينار، بينما 7 بالمئة منهن يتجاوز أجرهن 300 دينار.

وتقول شيرين: ” كثيرًا ما يرافق عمل المرأة السورية استغلال حاجتها للعمل من بعضهم، وذلك بعدم دفع الأجور، والطرد من العمل بعد عدة أيام، دون دفع الأجر، وفي قليل من الحالات يتعرضن للتحرش من رب العمل”.

وقد أكد عدد من هؤلاء النساء أنهن تعرضن لتهديد مباشر بالفصل من العمل والخصم من الأجر، إذا طالبن بحقوقهن العمالية، أو إذا رفضن قرارًا يعدّ مخالفًا لحقوقهن، كما أكدت النسوة اللواتي جرت مقابلتهن، عدم وجود أي معايير للصحة والسلامة المهنية في أماكن العمل.

تقول سندس، شابة سورية، لـ (جيرون): “أعمل في محل لبيع مواد التجميل في مدينة إربد، لمدة 12 ساعة يوميًا، مقابل أجر 150 دينارًا، وأنا مضطرة لذلك؛ لإعالة عائلتي بعد أن فقدت زوجي في الحرب، فما تقدمه مفوضية اللاجئين لا يكفي لتسديد أجرة المنزل وبقية المستلزمات”.

ينص قانون العمل الأردني، في المادة 57 منه، على أن عدد ساعات العمل اليومية هي 8 ساعات فقط، وتنص الفقرة الأولى من المادة 59 من القانون نفسه على أنه يجوز تشغيل العامل بموافقته أكثر من ساعات العمل اليومية أو الأسبوعية، على أن يتقاضى العامل عن ساعة العمل الإضافية أجرًا لا يقل عن 125 في المئة من أجره المعتاد، وهذا مالا يجري تطبيقه قط في حالة النساء السوريات العاملات، ما يعد انتهاكًا صريحًا للقانون.

وعلى الرغم من إعفاء أصحاب العمل من رسوم استصدار تصاريح العمل، إلا أن قسمًا كبيرًا من النساء السوريات يرفضن استصدار تصريح عمل، خوفًا، كما يعتقدن، من توقف مساعدات المفوضية، أو إمكانية إعادة التوطين في بلد ثالث، على الرغم من أن وزارة العمل الأردنية أكدت أن استصدار تصاريح العمل لا يؤثر في مساعدات المفوضية أو الخدمات التي تقدمها للسوريين العاملين في الأردن.

يوصي التقرير، بتفعيل دور مفتشي وزارة العمل، للكشف عن الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة السورية العاملة، في سوق العمل الأردني، وتفعيل دور مفتشي المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي؛ لضمان اشتراك جميع النساء العاملات في برنامج الضمان الاجتماعي.

كما يوصي بتطوير قاعدة بيانات دقيقة تشمل جميع النساء السوريات العاملات، وقطاعات عملهن، وتوسيع مظلة التأمينات الإجتماعية الواردة في قانون الضمان الاجتماعي، ليشمل التأمين الصحي جميع المشتركين في الضمان، والنص في قانون العقوبات الأردني أو القوانين الجزائية الأخرى نصًا صريحًا على تجريم العمل القسري.

عدة تقارير، ومنها تقرير منظمة “تمكين”، تؤكد أن عائلة سورية من بين كل أربع عائلات في الأردن، تكفلها امرأة بمفردها؛ من أجل البقاء على قيد الحياة، وتخوض النساء أوضاعًا صعبة من أجل تدبير الأمور المعيشية، ويناضلن للمحافظة على كرامتهن، والاهتمام بعائلاتهن في منازل متداعية ومكتظة وخيام غير آمنة.

تأمل شيرين، أن تكون هناك استجابة سريعة من وزارة العمل الأردنية لهذا الواقع، وتقديم الدعم اللازم للنساء السوريات العاملات للمحافظة على حقوقهن في العمل.




المصدر