تغير في خارطة فصائل المعارضة السورية.. وتوقعات بانحسارها في تشكيلين رئيسيين


مراد القوتلي - خاص السورية نت

أفضت المواجهات العنيفة بين جبهة "فتح الشام" وعدد من فصائل المعارضة، إلى تغيير في خارطة القوى العسكرية، وانتهت حرب البيانات التي اشتعلت لأيام بين الأطراف المتقاتلة، بتشكيل جديد أُعلن عنه، أمس السبت، باسم "هيئة تحرير الشام".

وضمت الهيئة كل من "فتح الشام، وحركة نور الدين الزنكي، وجبهة أنصار الدين، ولواء الحق، وجيش السنة"، في خطوة انقسم حولها المعارضون السوريون بين مؤيد ومعارض.

انشقاق وانضمام

واللافت في التطور الأخير حصول حالات انشقاق مع بعض الكيانات العسكرية وانضمامها لأخرى، بالإضافة إلى اتخاذ بعض الفصائل الصغيرة قرارها بالانضواء إما تحت تشكيل "هيئة تحرير الشام"، أو "حركة أحرار الشام" التي لم تندمج مع الهيئة، شأنها شأن عدد آخر من الفصائل.

وشهدت الساعات القليلة الماضية استقالة القائد السابق لحركة "أحرار الشام" من أبو جابر الشيخ من الحركة، وكذلك استقالة "أبو يوسف المهاجر" الناطق العسكري باسم الحركة، انضما إلى "هيئة تحرير الشام"، كما انضم إلى الأخيرة كل من "سرية الأقصى"، و"كتائب الصحابة".

وأعلن عدد من رجال الدين انضمامهم إلى الهيئة أبرزهم "عبد الله المحسيني" الذي ردد دائماً أنه مستقل، فيما قال معارضون سوريون إنه "أخفى لوقت طويل تأييده لفتح الشام" مؤكدين مواصلة ارتباطها بـ"تنظيم القاعدة".

في المقابل أعلن القطاع الشمالي لحركة "نور الدين الزنكي" عن انشقاقه عن الحركة بعد الاندماج مع "فتح الشام"، كما اتخذ قسم من "جيش السنة" خطوة مشابهة.

في حين أن مقاتلي كتاب "إمام المجاهدين"، ولواء "المقداد بن عمرو" الذي كان يقاتل في داريا أعلنوا انضمامهم إلى حركة "أحرار الشام".

وسبق أن انضمت 5 فصائل إلى الحركة يوم الخميس الفائت خلال المواجهات مع "فتح الشام"، وهي: "ألوية صقور الشام، وجيش الإسلام - قطاع إدلب، وجيش المجاهدين، وتجمع فاستقم، والجبهة الشامية - قطاع ريف حلب الغربي"، ولحقت بها فيما بعد كتائب "ثوار الشام".

بوادر تشكيلين رئيسين

ويبدو أن المشهد العسكري للمعارضة السورية سينحسر بشكل أساسي في تشكيلين أساسين، الأول "هيئة تحرير الشام" التي تسعى جاهدة لضم فصائل أخرى إليها، والثاني وهو لم يلعن عنه بشكل رسمي بعد لكن توقعات تشير إلى تبلوره خلال الأيام المقبلة، وعلى رأسه "أحرار الشام" والفصائل التي انضمت إليها مؤخراً مع الفصائل التي قد تتخذ قرارها بالانضمام لـ"الأحرار" مستقبلاً.

وفي هذا السياق، يقول المحلل العسكري ومدير وحدة المعلومات في مركز "عمران" للدراسات الاستراتيجية، نوار أوليفر في تصريح لـ"السورية نت"، إنه بعد تشكيل "هيئة تحرير الشام" سيبقى الوضع العسكري للفصائل في حالة تخبط وغير واضح.

ولم يستبعد أوليفر خروج تشكيل جديد موازٍ لتشكيل "هيئة تحرير الشام"، مشيراً أنه إلى حين ظهور هذا التشكيل فإن كافة الفصائل لم تنضم إلى "تحرير الشام" ستبقى في حالة قلق من قيام الهيئة بطردهم من مواقعهم، أو السيطرة على مناطق رباطهم مع النظام.

ونظراً للخلافات الكبيرة بين "هيئة تحرير الشام" وبقية الفصائل على رأسها "الأحرار" فقد تشهد الساحة السورية صراعاً بين الطرفين، يقول عنه أوليفر أنه سيتركز في شقين رئيسين، وهما السيطرة على المناطق الحدودية، ونقاط التماس مع قوات النظام.

ويرجح المحلل العسكري أن تتخذ الفصائل الصغرى قرارين إما الانضمام إلى التشكيلات الأقوى "تحرير الشام" أو "أحرار الشام"، أو أنها قد تجد في غرفة عمليات "درع الفرات" مخرجاً لها يجبنها حالة التصادم الحاصلة بين كبرى الفصائل.

ماذا بعد الاندماج؟

لا يمكن اعتبار "هيئة تحرير الشام" غرفة عمليات معركة ومهام محددة، كما هو حال غرفة عمليات "جيش الفتح" الذي تأسس في مارس/ آذار 2015 من عمل عدة فصائل مع بعضها بغية السيطرة على محافظة إدلب.

والآن سيُنظر إلى "هيئة تحرير الشام" على أنها جسم عسكري موحد خصوصاً وأنه بحسب بيان تأسيسها فإن الفصائل المنضوية فيها أعلنت عن حل نفسها، وسيلقي ذلك بظلاله على تعامل الأطراف الدولية والإقليمية مع الفصائل المندمجة مع "فتح الشام".

وفي هذا السياق يقول أوليفر لـ"السورية نت"، إن "هيئة تحرير الشام أصبحت جسماً عسكرياً جديداً انصهرت فيها كافة الفصائل التي انضمت إليها بأسمائها ورايتها جنباً إلى جنب مع جبهة فتح الشام والتي أدرجها التحالف على قوائم الإرهاب، وفي الفترة الأخيرة كثف من غاراته على مواقعها وقيادتها في محافظة إدلب. وهذا الأمر قد يجعل من تلك الفصائل المنضمة أهدافاً مشروعة لطيران التحالف".

ويشير أوليفر أنه حتى "قبل إعلان تشكيل الهيئة استهدف طيران التحالف نقطة يتمركز فيها عناصر من الزنكي وجبهة فتحة الشام بالقرب من دار عزة بريف إدلب الشمالي في 19 كانون الثاني 2016، مما أدى إلى مقتل العشرات من مقاتلي التشكيلين".

ومن شأن "هيئة تحرير الشام" أن تعطي قوات التحالف وروسيا ونظام بشار الأسد المزيد من المبررات لشن ضربات جوية وعمليات عسكرية في مناطق تواجدها بحكم اندماجها الواضح والصريح مع "فتح الشام"، فضلاً عن أن قادة فصائل المعارضة ومتابعين للمشهد العسكري للمعارضة السورية رأوا أن هذا التكشيل يعزز رواية النظام في وجود قاعدة كبيرة للقاعدة بالشمال السوري ينبغي أن تتكاتف جهود الجميع لاستئصالها.

وعليه فإن أوليفر يرى أن خارطة قوى الثورة السورية من بعد استعادة النظام لحلب، وبدء معارك "درع الفرات"، وتشكيل "هيئة تحرير الشام" ستصبح محصورة في 3 تشكيلات هي: قوى حليفة لجبهة فتح الشام، وأخرى غريمة لها، وثالثة ستفضل سياسية النأي بالنفس.




المصدر