حكاية المشهد الأخير… وادي بردى يستقبل حافلات التهجير بعد 40 يوماً من الصمود


محمد كساح: المصدر

بدأت ظهر اليوم الأحد (29 كانون الثاني/يناير)، حافلات التهجير التي تُقل ثوار وادي بردى بريف دمشق وعائلاتهم بالخروج من منطقة وادي بردى، متجهة إلى محافظة إدلب، بعد اتفاق بين الثوار وقوات النظام تم تنفيذ أولى بنوده أمس برفع علم النظام على منشأة نبع عين الفيجة.

وكغيره من مقاتلي وادي بردى، يتجهز “فؤاد” لركوب الباصات التي بدأت بالتوافد إلى الوادي حيث سيسافر في رحلة طويلة مغادراً الوطن الذي شارف على الوفاة إلى الوطن – المنفى.

وأما الناشط الصحفي “أبو محمد البرداوي” والذي واظب على تغطية أحداث الوادي خلال الحملة بشكل يومي، فتمنعه إصابته الراهنة عن السير بشكل طبيعي والتفكير في مرارة التهجير الذي ينتظره في الساعات المقبلة.

وبعد حملة عسكرية عنيفة جداً دامت قرابة أربعين يوماً وقّع ثوار وادي بردى على اتفاق مصالحة تضمن أحد بنوده خروج مقاتلين مع ذويهم إلى الشمال السوري.

وقالت الهيئة الإعلامية – وهي الواجهة الإعلامية الرئيسية للوادي حيث دأبت على نشر تغطيات يومية لمجريات الحملة العسكرية – إن 8 باصات دخلت إلى الوادي حيث سيدخل قرابة 40 باصاً ليحملوا المقاتلين اليوم باتجاه محافظة إدلب.

ومن خلال ناطقها الرسمي “عمر الشامي” أكدت الهيئة في تصريح لـ “المصدر” أن قرابة 1400 شخصاً تجهزوا اليوم ليغادروا المدينة ضمن الاتفاق المذكور.

وقال “الشامي”: “نصت بنود الاتفاق بداية على وقف إطلاق النار وكافة الأعمال العسكرية بين الثوار وبين النظام، تلاها دخول عشرين عنصراً من قوات النظام إلى منشأة نبع الفيجة لرفع علمهم وتصويره، في وقت أخلى فيه الثوار تمركزهم من المنشأة إلى محيطها، وبقي معهم أحد الثوار لتنسيق تنفيذ النقاط حسب الاتفاق”، وأضاف: “بعد ساعات قليلة ستتم عملية الخروج”.

مأساة

قبل أسبوع تقريباً أصيب “البرداوي” بطلقة قناص حرارية في قدمه، منعته الإصابة عن العمل المضني الذي واظب عليه في تغطية أحداث مدينته، ويقول رفاق “البرداوي” عندما حاولت “المصدر” التواصل معه: “لا يمكن لأبو محمد الوصول إلى النت المقطوع نهائياً عن الوادي، لذلك لن تستطيع التحدث معه”.

ويتابع أحد رفقاء “البرداوي” قائلا: “أبو محمد سيغادر مدينته. لقد أسدل الستار على المشهد الختامي من حكاية وادي بردى”.

وبالنسبة لـ “فؤاد” الذي يتأهب للخروج، لم تعد مسألة مغادرة الوادي هي ما تؤرقه في هذه اللحظات، “أنا أفكر في أمر آخر. منذ أسبوع أخرجت زوجتي من وادي بردى بسبب القصف الشديد. الآن أنا في حيرة من أمري”.

ويشير “فؤاد” إلى أن من بنود المصالحة خروج المقاتلين مع ذويهم. لكن “من سيضمن لي سلامة زوجتي أثناء دخولها إلى الوادي، لقد غدروا بنا عدة مرات خلال الاتفاقات السابقة! أعتقد أنني سأغادر المدينة وحيدا!!”.

وعشية إصابته، كتب “البرداوي” على صفحته الشخصية في فيسبوك: “أعتذر من الجميع على التقصير في تغطية أخبار المنطقة والحملة التي تشنها قوات النظام وميليشيا حزب الله اللبناني وقوات درع القلمون، وذلك بسبب الإصابة التي تعرضت لها منذ عدة أيام في قدمي ما جعلني طريح الفراش وغير قادر على الوصول للإنترنت بشكل قطعي”.

أوضاع صعبة للغاية

يأتي البدء بتنفيذ اتفاق وادي بردى بعد ثمانية وثلاثين يوماً على مضي الحملة العسكرية التي يشنها النظام وميليشيات تابعة لإيران وحزب الله اللبناني على وادي بردى.

وزاد وجود نبع عين الفيجة ضمن الوادي من شراسة قوات النظام وإيران، حيث تعتبر مياه النبع المصدر الرئيسي لتغذية دمشق بالمياه. كما تسعى ميليشيا حزب الله لفرض السيطرة على قرى الوادي العشرة باعتبارها موقعاً استراتيجياً هاماً على طريق لبنان – دمشق عبر سلسلة جبال القلمون.

ويقول “عمر الشامي” خلال إفادته حول الوضع المعيشي السيء في الوادي “أكثر من مائة ألف نسمة تعيش تحت غطاء من القصف الجوي والمدفعي والصاروخي جعل من المنطقة ركاماً بشكل حقيقيّ”.

وترافقت حملة النظام على وادي بردى مع حصار مطبق أدى لندرة المواد الضرورية من غذاء وأدوية ومحروقات، إضافة لصعوبة الحصول على المياه بعد استهداف نبع عين الفيجة وتلوث مياهه.

ومن أبرز المشاهد التراجيدية التي عاشها الأهالي انقطاع شبكات الاتصالات والانترنت، ما جعل الأهالي مغيبين تماماً عن ذويهم وعن الأحداث التي تجري خارج البقعة التي حوصروا فيها.

وبدأ سريان اتفاق المصالحة يوم السبت الماضي حيث أكد “الشامي” وقف إطلاق النار عشية توقيع الاتفاق.





المصدر