مستقبل غامض وآمال تبخرت.. كيف يرى السوريون قرارات "ترامب" بشأن الهجرة؟


رغداء زيدان ـ خاص السورية نت

مازالت أصداء قرارات الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" المتعلقة بالدخول لأمريكا وموضوع قبول اللاجئين والتأشيرات تتردد بقوة في أرجاء العالم، وخاصة بين السوريين.

فقد وقّع "ترامب" يوم الجمعة الماضي قراراً تنفيذياً، يعلّق برنامج قبول اللاجئين في الولايات المتحدة لمدة 4 أشهر، ويوقف قبول اللاجئين السوريين في الولايات المتحدة حتى إشعار آخر.

كما وقّع قراراً يمنع منعاً مؤقتاً للزائرين من سوريا وبعض الدول الإسلامية الأخرى (اليمن، ليبيا، العراق، إيران، الصومال، السودان) بحجة أن الخطوات ستساعد في حماية الأمريكيين من الهجمات الإرهابية.

وعلق "ترامب" كذلك، وبشكل فوري، برنامج الإعفاء من الحصول على تأشيرة الدخول الولايات المتحدة الأمريكية، ما يعني أنه أصبح على من كانوا معفيين من التأشيرة، لسبب أو آخر، الحصول عليها من جديد.

فكيف ستكون نتائج هذه القرارات على السوريين داخل وخارج أمريكا؟

دولة قانون

يرى الدكتور السوري المقيم في أمريكا منذ سنوات أحمد قطشة في تصريحه  لـ"السورية نت" أنه "لا يمكن إنكار أن هناك مشاعر خوف وترقب نعيشها هذه الأيام هنا، حيث أنه لا يمكن توقع تصرفات هذا الرئيس أو توقع ردات فعله"

ويضيف: "هذا الخوف والترقب لا ينسحب فقط علينا كسوريين، بل على جميع المسلمين في هذه البلاد وخاصة أولئك الذين تعود أصولهم للبلدان المذكورة (في قرار الحظر). ولا نعرف للصراحة ماذا يخبئ المستقبل".

ويؤكد د. قطشة الباحث والمدرس في أحد الجامعات الأمريكية أن "هناك قانوناً ودستوراً يحمي حقوقنا كمقيمين نظاميين أو مهاجرين، ومن جهة أخرى هناك سلطة تنفيذية بإمكانها أن تصدر قرارات لا تتعارض بالضرورة مع الدستور لكن بنفس الوقت تحدث ضرراً لنا".

ويستدرك: "هناك الكثير من الغموض ما يزال حول تفاصيل القرار، وبالتالي هناك الكثير من الأسئلة التي لا تملك إجابة واضحة بعد".

من جهته يبيّن الدكتور فراس حسن شاويش القادم لأمريكا منذ وقت قريب نسبياً من سوريا أن "الشعب الأمريكي متحضر ولطيف بالعموم، وترامب لا يشكل أغلبية بمحبيه، لكنه استطاع الوصول للسلطة بوعوده عن تحسين الاقتصاد وإرجاع المصانع الأمريكية للبلاد، الأقلية هم من أيدوه لمواقفه العنصرية".

ويضيف: "هذه البلاد نشأت على الحريات، ولكن ترامب يحاول تغيير ذلك بإرجاع سطوة السيد العنصري الإقطاعي الأبيض".

أما "نهى" وهي ناشطة سورية مقيمة في أمريكا فترى أن قرار "ترامب" هو "عنصري وأول خطوة في طريق انهيار ديمقراطية أمريكا".

وتضيف في حديثها لـ"السورية نت" أن "الهدف الأول والأخير لرئاسة ترامب هو نجاح ثروته واستخدام السلطة لذلك والدليل توظيف أفراد عائلته في البيت الأبيض".

لكن الناشطة ترى أن بوادر نجاح مقاومة هذه القرارات التي رفضتها شرائح واسعة في أمريكا بدأت تظهر، مشيرة إلى "مظاهرات بأغلب مطارات أمريكا والمدن الكبيرة مثل: لوس أنجلس شيكاغو تكساس نيويورك، تطالب بوقف هذه القرارات"، مذكرة بالقاضية الفيديرالية التي أوقفت قرار "ترامب" في نيويورك استجابة لمقاومة منظمات حقوقية مدنية لهذا القرار.

وكانت محكمة نيويورك الفيدرالية، أصدرت يوم السبت الماضي، أي بعد يوم فقط من صدور قرار "ترامب"، قراراً بتعليق تنفيذ الأمر الذي أصدره الأخير.

وتبع ذلك إصدار المحاكم الفيدرالية في ولايات كاليفورنيا وفرجينيا وواشنطن وماساتشوستس، قرارات تقضي ببقاء المواطنين من الدول السبع الذي تم توقيفهم في المطارات، في الولايات المتحدة، وعدم ترحيلهم إلى الخارج.

تبعات القرار على اللاجئين السوريين

شادي السيد مواطن سوري قُبل في وقت سابق في ملف الهجرة لأمريكا الذي ترعاه الأمم المتحدة، واجتاز الفحوصات المطلوبة، ومازال ينتظر المرحلة الأخيرة للمغادرة إلى أمريكا، وقد قال لـ"السورية نت": "أعتبر قرار ترامب الأخير فيما يخص تعليق السماح للاجئين بدخول الولايات المتحدة، صدمة وغير مبرر، خاصة أن معظم المقبولين في ملف الهجرة الأمريكي عن طريق الأمم المتحدة شملت ملفاتهم دراسة أمنية مشددة وسواها من إجراءات الأمان لأكثر من عامين، عدا عن الإجراءات في مكاتب الأمم المتحدة والتي قد تتجاوز العام".

وأضاف: "إن اللاجئ بعد انتظار لما يقارب 3 أعوام على أمل دخول الأراضي الأمريكية بحثاً عن حياة جديدة، فجأة ينتهي كل شيء كان قد أعده في رسم خطوات لمستقبل جديد".

ويتساءل شادي: "كيف لرئيس دولة عظمى تضع من الحرية والديمقراطية مثالاً لها، اعتماد قانون يشمل ملايين المسلمين والعرب ويصنفهم في قائمة الإرهاب".

ووصف القانون بأنه "بعيد عن الإنسانية والعدالة ومنافي للقيم الأمريكية" وقال: "كنت آمل لو أن أي بلد مستقبل للاجئين تم قبول ملفي لديهم وفقاً للملفات المرفوعة من مفوضية اللاجئين، غير الولايات المتحدة".

وتعتقد الناشطة نهى أن قرار "ترامب" سيؤثر على المقيمين السوريين بأمريكا غير المجنسين، كما أنه سيؤثر على عمل المنظمات الإغاثية والإنسانية، بالإضافة إلى تأثيره على عمل المنظمات الحقوقية المدافعة عن حقوق الإنسان.

أما الدكتور قطشة فيرى "أن المشكلة الأكبر ستكون هم اللاجئون الذين سيُمنعون من الدخول، وهناك بعض الحالات حصلت أنهم وصلوا للولايات المتحدة بعد صدور القرار بنصف ساعة ومنعوا من الدخول".

ويبيّن الدكتور أن "أغلب هؤلاء اللاجئين لا يتحدثون اللغة الانكليزية وهذا سيشكل عائقاً إضافياً أمامهم لفهم ما يحدث. إضافة لذلك هناك السوريون الذين لا يملكون حق الإقامة الدائمة وانتهت فترة صلاحية فيزهم، حيث كانوا يوضعون في السابق تحت بند يسمى حق الحماية المؤقتة. هذا الحق يضمن لهم عدم الترحيل وهناك الكثير من السوريين تحت هذا البند، ويمكن تخيل وضعهم وخوفهم اليوم من صدور قرار يمنع عنهم تجديد هذه الحماية، وسيحرم هؤلاء، لا قدر الله، في هذه الحالة من حقهم في العمل والعيش بكرامة، فيما يبدو أنه حظ السوريين في كل مكان".

تعامل الأمريكيين مع السوريين

ويوضح د. شاويش في حديثه لـ"السورية نت" أن التعامل مع المهاجرين بأمريكا جيد عموماً، ويقول: "حيث أعيش وهي ولاية في الوسط الشمالي الأمريكي بمدينة شيكاغو، الدولة توفر وسائل الحياة الأساسية للقادمين لمدة ثلاثة أشهر، بعد ذلك على المهاجر أن يجد عملاً ليعيش من خلاله وتبقي الدولة على بعض المساعدات القليلة مثل التأمين الصحي".

ويوضح: "لكن لو رفض المهاجر العمل عندها تقوم الدولة بقطع كل أنواع المساعدات عنه وصولاً للتأمين الصحي" وهذا ما تفعله مع أبناء البلد الأصليين وليس المهاجرين فقط، أي أن التعامل مع المهاجر كالتعامل مع ابن البلد.

ويؤكد د. شاويش أن "أمريكا بلد قام على الهجرة وسكان أمريكا الأصليون هم الهنود الحمر وهم قلة وموجودون ببعض الولايات، لذلك ليس هناك عنصرية عموماً".

ويضيف: طبعاً هناك حالات خاصة تظهر فيها العنصرية "ولكنها تقريباً بنفس نسبة العنصرية بين مكونات الشعب الأمريكي نفسه، مثلاً من لديه عنصرية ضد الأمريكي الآسيوي سيكون لديه عنصرية ضد المهاجر العربي مثلاً، أما عن العنصرية ضد المسلمين فهي قليلة جداً حيث أعيش وغالباً ترامب هو من يحاول نشرها" بقراراته وتصريحاته ضد المهاجرين والمسلمين.

ويؤكد د. قطشة ما قاله د. شاويش حول العنصرية بأمريكا ضد المهاجرين، ويقول: "حتى الآن لم نتعرض نحن لعبارات عنصرية أو مضايقات، لكن هناك حوادث حدثت وتحدث وبشكل يومي. وفي الوقت نفسه هناك الكثير من الدعم والتعاطف وهناك الكثير من حملات جمع التواقيع لمعارضة هذا القرار".

هل سيحمي القرار أمريكا؟

وتعليقاً على قرار "ترامب" بشأن وقف قبول اللاجئين، وحظر دخول مواطنين من دول إسلامية معينة، كتب "دونالد كيروين"، وهو مدير تنفيذي لمركز دراسات الهجرة في أمريكا، و"إدوارد آلدن" وهو زميل بارز في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، في صحيفة "واشنطن بوست" السبت الماضي، أن تلك الإجراءات من شأنها إضعاف الأمن الأمريكي، لا تعزيزه.

ووفقاً للباحثين، تتطلب حماية الأراضي الأمريكية توفير معلومات استخباراتية جيدة، وتعاوناً وثيقاً مع حلفاء من أجل التعرف على تهديدات مؤكدة. ولكن البدائل التي اقترحها "ترامب" ستضعف من ذلك التعاون، وستضر بالدبلوماسية الأمريكية، وتجعل الولايات المتحدة أكثر عرضة للإرهاب.

ويرى الباحثان أن تطبيق تلك الإجراءات، ستؤدي، لاستهداف مسافرين شرعيين، وللإساءة لعلاقات مع دول رئيسية في الحرب على الإرهاب. مؤكدَين أن احتجاجات ستصدر عن حلفاء وثيقين مثل ألمانيا، وحتى كندا التي فتحت أبوابها للاجئين سوريين. وستدرك تلك الدول أن الولايات المتحدة لا تشاركها في تحمل عبء الأزمة الإنسانية في الشرق الأوسط.

ويلفت الباحثان إلى أن الإجراءات المقترحة ستعوق قدرة أجهزة الاستخبارات وقوى الأمن على كسب تعاون الجاليات المستهدفة في الولايات المتحدة.

وسياق متصل وفي مراسيم نظمها مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير) في واشنطن السبت، اعتبر ممثلو الأديان أن قرارات الرئيس الأمريكي موجهة ضد المسلمين، وتعد تطبيقاً عملياً للهجمات العنصرية التي أطلقها "ترامب" خلال حملاته الانتخابية  .

وأكدوا أن قرارات "ترامب" لا تحقق الأمن والاستقرار، بل من شأنها أن تمنح أعداءنا الذريعة لمحاربة الإسلام أكثر من ذي قبل بحسب قولهم .

الجدير بالذكر أن قرارات "ترامب" لاقت ردود فعل وانتقادات لدى زعماء ومنظمات حقوقية وناشطون حول العالم. حيث حثت منظمة الأمم المتحدة "ترامب" على الاستمرار في حماية اللاجئين بغض النظر عن عرقهم أو جنسيتهم أو دينهم.

وقالت منظمة العدل الدولية إن القرار قد يؤدي إلى نتائج كارثية، بينما قالت منظمة "هيومان رايتس ووتش" إن القرار صفعة للاجئين، وإنه لن يفعل الكثير للتعامل مع قضايا الإرهاب.




المصدر