الجمعيات الخيرية الأردنية تتكاتف لدعم السوريين


عاصم الزعبي

منذ أن فتح الأردن أبوابه للاجئين السوريين الفارّين من جحيم القتل الذي يمارسه نظام الأسد، وقفت الجمعيات الخيرية الأردنية، بانتماءاتها الحزبية والجغرافية المختلفة، صفًا واحدًا إلى جانب السوريين.

بدأت الجمعيات الخيرية العمل لمساعدة السوريين في المدن، ابتداءً من مخيم الحديقة في مدينة الرمثة، وهو أول مخيم للاجئين السوريين، وصولًا إلى مخيم الزعتري الذي أنشئ عام 2012.

تردف الجمعيات مفوضية اللاجئين في تقديم المساعدات المختلفة للسوريين في المدن والمخيمات، وتتنوع المساعدات والخدمات التي تقدمها، لكن معظمها يقدم المساعدات العينية، من سلل غذائية، ومواد للتدفئة في الشتاء.

وباستمرار الأزمة السورية توجهت معظم الجمعيات الخيرية إلى تقديم خدمات نوعية، مثل التعليم والدعم النفسي، والمشروعات المتعلقة بذوي الحاجات الخاصة، إضافة إلى عملها الأساسي المستمر في تقديم المساعدات العينية، التي تعتمد في معظمها على تبرعات الأردنيين، ومنظمات وجمعيات عربية وغربية.

وفي هذا السياق قال فارع فرحان المساعيد، رئيس جمعية “رعاية الطفل” الخيرية في البادية الشمالية، في محافظة المفرق، لـ (جيرون): “بدأت جمعية رعاية الطفل عملها في مساعدة اللاجئين السوريين، منذ بدء توافدهم إلى الأردن، ومع بداية إنشاء مخيم الزعتري، وذلك؛ عبر سلة واسعة من الخدمات المختلفة للاجئين داخل المخيم، أبرزها تقديم عدد كبير من الكرفانات، إضافة إلى المواد المتعلقة بالتدفئة”.

وأضاف أن الجمعية تُقدّم كفالات للأطفال الأيتام السوريين في مناطق البادية الشمالية، إذ “تكفل حاليًا 300 طفل سوري يتيم، وافتتحت عددًا من المراكز الخاصة بتعليم ذوي الإعاقات، ومدرسة للتعليم الأساسي للطلاب السوريين، كما تدفع الجمعية أجور المنازل لبعض العائلات السورية ذات الأوضاع المادية الصعبة، وتسهم في تقديم العلاج الطبي للسوريين في هذه المناطق”. لافتًا إلى أن ورشات “متنوعة ومتنقلة للدعم النفسي تُقدّم لهؤلاء الأطفال، وحاليًا تقدم المساعدات للاجئين السوريين؛ حتى منطقة الرويشد”، وهي أبعد نقطة في البادية الشمالية، قرب الحدود السورية – الأردنية – العراقية

تعتمد الجمعيات الخيرية في الأردن، على العمل الجماعي التطوعي المنظم، وقد سمح لمتطوعين سوريين العمل في عدد منها، كما قال محمود المتطوع في جمعية “الكتاب والسنة”، لـ(جيرون): ” جئت إلى مدينة الرمثة الأردنية في نهاية العام 2011، وكانت جمعية (الكتاب والسنّة) تُقدّم المساعدات للسوريين القادمين إلى الأردن، وللجمعية فروع في جميع المحافظات الأردنية، وتقدم المساعدات للاجئين السوريين حاليًا في مخيم الحدلات، على الحدود السورية – الأردنية، وهي مساعدات شتوية، كما تقدم الجمعية كفالات للأيتام السوريين، وتعمل دورات لحفظ القرآن الكريم باستمرار”.

وقبل عدة أيام خرّجت جمعية “الكتاب والسنة”، بالتعاون مع “هيئة الشام الإسلامية”، الدورة السادسة من مشروع أمان، الذي يعلم النساء السوريات مهنًا مختلفة، كالتجميل والخياطة، وتستمر مدة الدورة ستة أشهر، إذ تتكفل الجمعية بمستلزمات التدريب، ودعم الخريجات لبدء حياتهن العملية.

لا يقتصر عمل الجمعيات في تقديم المساعدات للسوريين على الجمعيات الإسلامية فحسب، فهناك جمعيات مسيحية لا تقل الخدمات التي تقدمها للسوريين أهمية عن غيرها.

تقدم جمعية “الكاريتاس”، التابعة للكنسية الكاثوليكية، في بلدة الحصن قرب مدينة إربد، مساعدات متنوعة للاجئين السوريين، فمن مساعدات عينية ومادية، إلى مدارس مجانية لتعليم الطلاب السوريين، إلى عيادة طبية مجانية، فيها عيادة نسائية، وعيادة للأمراض المزمنة، فضلًا عن توفير الأدوية.

وقالت أم محمد، سيدة سورية تقيم في إربد، لـ (جيرون): “سجلت في جمعية (الكاريتاس)، وبعد عدة أشهر اتصلوا بي هاتفيًا للحضور في موعد محدد، وعندما ذهبت سلّموني ثلاث قسائم، كل واحدة بقيمة 60 دينارًا أردنيًا، واحدة للمواد الغذائية، وقسيمة للملابس، وأخرى للمنظفات، كذلك أزور عيادة الجمعية إذا أصبت بأي طارئ صحي، أنا أو أولادي، إذ يقومون يكشف الأطباء علينا مجانًا، ويقدمون العلاج مجانًا أيضًا”.

أما سمير فيحصل على مساعدة يعدّها أهم من المساعدات العينية، وأوضح لـ (جيرون)، قائلًا: “في الصيف الماضي سجلت ولديَّ في الجمعية، ليلتحقوا بالمدرسة الخاصة بها، ففي المدارس الحكومية هناك ضغط بالنسبة إلى أعداد الطلاب، وليس لدي قدرة على تسجيلهم في مدارس خاصة، وفي بداية العام الدراسي كلمتني إدارة المدرسة لتخبرني أنها سجلت أولادي، وتوفر المدرسة لهم حافلات النقل، وجميع المستلزمات المدرسية من كتب وحقائب وقرطاسية، حتى أنهم يقدمون وجبات غذائية لجميع الطلاب يوميًا”.

لا يقل عدد السوريين في الأردن حاليًا عن 1.3 مليون، يتوزعون بين عدة مخيمات، وفي المدن الأردنية، ولا تكاد المساعدات التي تقدمها “المفوضية العليا لشؤون اللاجئين” تغطي حاجاتهم المختلفة، خصوصًا أن عدد المسجلين في المفوضية، وتُقدَّم لهم المساعدات نحو 650 ألف لاجئ، من مجمل العدد الاجمالي، لذا؛ كان للجمعيات الخيرية دور مهم في سد ثغرات كبيرة من حاجات اللاجئين السوريين، في ظل دعم حكومي لعمل الجمعيات، وتشجيع العمل التطوعي تشجيعًا كبيرًا.

يعرّف القانون الأردني الجمعيات والهيئات الاجتماعية، بأنها “أي هيئة مؤلفة من سبعة أشخاص فأكثر، غرضها الأساسي تنظيم مساعيها لتقديم الخدمات الاجتماعية للمواطنين، دون أن تستهدف من نشاطها وعملها جني الربح المادي، واقتسامه أو تحقيق المنفعة الشخصية أو أي أهداف سياسية”.




المصدر