ضعف التمويل يفاقم معاناة مصابي الحرب السوريين

1 شباط (فبراير - فيفري)، 2017
6 minutes

آلاء عوض

لا يوجد إحصاء رسمي بأعداد مصابي الحرب السوريين في تركيا، وعلى الرغم من المستوى المعقول للطبابة في تركيا، موازنة مع بلدان اللجوء الأخرى، إلا أن هناك منغصات تستحق تسليط الضوء عليها.

سجّلت أرقام صادرة عن منظمة “سند لذوي الاحتياجات الخاصة” المتخصصة بالشأن الطبي للسوريين، وجود حوالي 1000 مصاب حرب سوري في تركيا، وهم من ذوي الإعاقات الدائمة.

في حين أكدّت إحدى الجمعيات الطبية وجود ما يزيد عن 2500 مصاب حرب سوري في ولاية غازي عنتاب الحدودية وحدها، وهم من ذوي الإعاقات الدائمة أيضًا.

بحسب الطبيب زيدون الزعبي، فإن هناك مئات الإصابات الأخرى، يمكن أن تتحوّل إلى إعاقات دائمة أو بتر، إذا لم يُستكمل علاجها، وتابع بقوله لـ (جيرون): “يُعدّ حصول مرضى الحرب السوريين على العلاج ضمن الأراضي التركية قضية إشكالية، تتعلّق بالطاقة الاستيعابية للمنظمات الإغاثية الطبية السورية، والمعنيّة بالعلاج الفيزيائي، كما لا توجد مؤسسة شاملة مختصة بجميع الإصابات، وتتوزع مراكز للأطراف الصناعية في عدد من المدن والولايات التركية، وخاصة الجنوبية، إضافة إلى بعض مراكز العلاج الفيزيائي، ويجري التعامل مع المصابين والمرضى بحسب الطاقة الاستيعابية، إلا أن هناك عددًا لا بأس به من المصابين لا يحصلون على العلاج، إما بسبب عدم معرفتهم بالإجراءات، أو بسبب استيفاء المراكز الطبية لكل شواغر العلاج لديها، وبالتالي عدم قدرتها على استقبال المزيد”.

لفت الزعبي، إلى صعوبات متعددة تواجه المصابين خلال رحلة العلاج، “فالمراكز الطبية والمنظمات المعنيّة بالسوريين، تقدّم الخدمة الطبية الطارئة والمُستعجلة لضعف الإمكانات، ومن ثَمّ؛ يجب على المرضى بعد تخطّيهم مرحلة الخطر، استكمال علاجهم على حسابهم الشخصي، وأهمها العلاج الفيزيائي والأطراف الصناعية الذكية، كذلك تعاني بعض المريضات، من قلة المعالجات الفيزيائيات، إذ يرفض أزواجهن أو ذووهن المعالجين الفيزيائيين الرجال”، مشيرًا إلى أن حاجز اللغة “يحول أحيانًا دون استكمال العلاج بالطرق المثلى”، منبهًا إلى “قلة المراكز الطبية السورية، وصعوبة استصدار تراخيص لها ضمن الأراضي التركية، ما يزيد من الاعتماد على المراكز التركية التي لا تعيّن مترجمين بالقدر الكافي”.

من جهته قال مدير المركز الطبي في مدينة الريحانية الحدودية، ياسر سيد، لـ (جيرون): إن مصابي الحرب “يعانون في تركيا أوضاعًا صعبة، يأتي في مقدمها صعوبة استخراجهم بطاقة الحماية الموقتة (الكمليك) لتلقّي العلاج، كما أن المنظمات الطبية العاملة تعاني من قلة التمويل المطلوب لتأمين المعدّات العلاجية والحركية الضرورية لذوي الإعاقات الدائمة”.

وأشار إلى ضرورة حيازة (الكمليك) لتلقّي العلاج، مُفصّلًا: “يجري علاج الحالات الباردة بعد استخراج (الكمليك) في المستشفيات التركية، وهي مجانية، أما بالنسبة للحالات المُستعجلة والخطِرة، فيمنح لهم استثناءً العلاج، ومن ثم؛ استصدار بطاقة الحماية الموقتة التي تؤدي إلى مجانية العلاج والدواء”.

تتزايد يوميًا أعداد المرضى والمصابين الواصلين إلى تركيا عبر الحدود، إلا أنه، وبحسب سيد، “فإن هناك مُحدّدات لإدخالهم، إذ لا يُسمح بدخول أكثر من 30 مصابًا يوميًا، وسط وجود كثير من الحالات المرضية المزمنة، إلى جانب الإصابات الحربية، كمرضى القلب والسرطان، وهؤلاء لم يحصلوا على العلاج لفترة طويلة في سورية، ومن ثَمّ؛ يكون وضعهم حرِجًا”، مشيرًا إلى “محاولة بعض المنظمات إمداد المصابين، وخصوصًا المبتورة أطرافهم، بمستلزماتهم الضرورية للحركة، كالكراسي والووكر والعكاكيز، إلا أن كثرة الأعداد تحول دون وصولها إلى الجميع”.

نبّه الزعبي إلى أن “إصابات الحرب لا تقتصر على الجسدية، فهناك عطب نفسي أصاب عددًا ليس بقليل من السوريين، وهؤلاء لا يمكنهم الاستشفاء إلا على أيدي سوريين يتكلّمون لغتهم”، مشيرًا إلى “ضرورة التركيز على الجانب النفسي من قبل المنظمات الطبية السورية وخصوصًا للمبتورة أطرافهم”.

كانت الأمم المتحدة نشرت دراسة أكدت فيها وجود نحو 2.8 مليون سوري من ذوي الإعاقات الدائمة، وحاولت بعض الجهات المدنية والطبية أخيرًا التركيز على ملف مصابي الحرب السوريين، فأطلقت حملة ناشدت فيها المعنيين تقديم المساعدة والدعم، مشيرة إلى “تحوّل أعداد كبيرة من الجرحى والمصابين، إلى أشخاص ذوي إعاقة دائمة، بسبب شدة الإصابة، أو لعدم توفر الإسعاف والعلاج الطبي، وإعادة التأهيل اللازم، وقد أخرجت المستشفيات المرضى بسرعة، بسبب الضغوطات الكبيرة، ولعدم توفر القدرات والإمكانات للتعامل مع أعداد كبيرة من المرضى والجرحى، كما عانى عدد كبير من الأشخاص ذوي الإعاقة الذين بُترت أطرافهم، أو تعرضوا لتشوهات كبيرة من إهمال طبي نتيجة الوضع القائم، ونتيجة لذلك؛ ازدادت الاضطرابات النفسية، مثل الإحباط والضغوط النفسية الشديدة في سورية، فالجروح النفسية قد تكون أصعب من الجروح الجسدية، وخاصة بعد الإعاقة”.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]