شباب البعث القومي في سورية: الثورة السورية على مفترق طرق ما العمل؟


شباب البعث القومي

في سورية

بيان موّجه إلى الأمة العربية

بعد  إسقاط حلب

الثورة السورية على مفترق طرق

ما العمل ؟

يا أبناء أمتنا العربية

أيها الشعب السوري العظيم

تتوالى الأحداث وتتسارع الخطى في القضية السورية إثر إسقاط حلب بتواطؤ إقليمي ودولي، وفي ظل غياب العرب الذين يلوذون بالصمت كصمت القبور ؟! كما في ظل التغييب المتعمد للشعب السوري إن لم نقل إلغاءه من المعادلة ومصادرة قراره.

فعندما نعود بالذاكرة إلى البدايات نجد النظام الأسدي قد عمل بكل الوسائل لوصم هذه الثورة بالمؤامرة ونعتها بالإرهاب. وقد ساعده على ذلك مساهمة الممولين؟! وحركة السفراء الأجانب، وخفّة ما يسمى بالمعارضة ( مسبقة الصنع )، ناهيك عن الدور الخبيث لغرف العمليات “الموك” و “المومم” … شجعوا على العسكرة بسلاح ليس للدفاع عن النفس أو حماية الشعب إنما من أجل استمرار التدمير وعدم الحسم لهذا الطرف أو ذاك ؟! وبعد أن كان النظام آيل إلى السقوط رغم دعم ايران والميليشيات لجؤوا إلى الروس لإنقاذ النظام وهذا ما كان. ولسوء حظ هذا الشعب هو أنه مبتلي بنظام يستبيح من أجل بقائه كل شيء، ولا يتورع عن القيام بالمجازر والتدمير.

إننا اليوم على أبواب مرحلة تتسم بالغموض والخوف على المستقبل ولا تخلو من الإحباط إن لم نقل اليأس ومليئة بالمفاجآت، وليس أقلها التقسيم وتقاسم النفوذ كلٌ حسبَ دورهِ !!! وفي غمرة هذه التعقيدات التي تحيط بقضيتنا، لابد من مراجعة نقدية وشفافة والبحث عن طريق الخلاص بالقطيعة مع كل ما هو لصق بالثورة من أخطاء وخطايا. والبداية مع النفس، ومن ثم مع الأخر شقيقٌ أو صديقٌ للشعب السوري  …..

وقبل التطرق لهذه المراجعة التي هي الهدف العاجل اليوم لابد من التذكير ببعض المحطات التاريخية لهذا النظام، والهدف من ذلك إحياء الذاكرة السياسية لدى الشباب والأجيال القادمة، وهذه المسألة في غاية الأهمية. هناك نقطة مفصلية في تاريخ هذا النظام حيث تأسس على الخيانة بتسليمه الجولان لإسرائيل، وكذلك على الإنقلاب العسكري للإستيلاء على السلطة بقوة السلاح ومن هذه الأدوار والجرائم التي أرتكبها بحق شعبنا وبحق الأمة العربية :

أولاً  قام هذا النظام بإنقلاب على حزب البعث وقيادته التاريخية وأودعهم السجون إثر الإنقلاب في 23 شباط 1966 ثم دخل حرب حزيران في عام 1967 حيث جرى تسليم الجولان بدون قتال وتسليم الحكم لوزير الدفاع في حينه حافظ الأسد مكافأة له، علماً بأنه كان يُطلَق على الجولان “خط ماجينو” نظراً للتحصينات العسكرية فيه ولم يتم مسآلة هذا النظام أو محاسبته على أكبر خيانة في التاريخ السوري حتى يومنا هذا.

ثانياًبعد هذه الهزيمة الكبرى، أقدم حافظ الأسد على إنقلابه العسكري الثاني في عام 1970 وأنفرد منذ ذاك التاريخ بالسلطة، وبدأ حكم آل الأسد الأبدي تلى هذا الإنقلاب ما يسمى بحرب تشرين 1973 التي استولى فيها العدو الإسرائيلي على قرى وأراضي جديدة، وسميت زوراً وبهتاناً حرب التحرير ؟!

ثالثاًأما المحطة الأخطر في تاريخ النظام هو الموقف الخياني في تدمير القومية العربية وطعنهُ العراق الشقيق بوقوفهِ مع ايران الخميني، عندما وقف العراق عام 1980 وخاض حرباً بطولوية ضد تصدير “الثورة” أي تصدير الفتنة والإنقسام الطائفي وتهديد هوية المنطقة العربية، وهذا ما يجري اليوم أمام أعيننا، بشكل لا سابق له في التاريخ.

رابعاًقيام النظام بمجزرة حماة المروّعة عام 1982 والتي ذهب ضحيتها أكثر من أربعين ألف إنسان وهدم الأحياء على رؤوس أصحابها وفي ظل سكوت عالمي مطبق.

خامساًحدث في نفس العام احتلال بيروت من قبل اسرائيل – شارون واستفردوا بالمقاومة الفلسطينية وقيادتها والأنكى من ذلك تم محاصرتهم في طرابلس من قبل جيش الأسد عبر البر ومن البحر اسرائيل.

سادساً كان له موقف “بطولي” في حفر الباطن حيث أرسل قواته تحت القيادة الأمريكية وإعلان الحرب على العراق وكان ثمن ذلك إطلاق يده في لبنان، وكانت فاتحة لتفجيرات دموية واغتيالات وعمليات خطف لا حصر لها ولا عد.

سابعاًوفيما يتعلق بالإغتيالات فقد تم اغتيال اللواء محمد عمران في عام 1972 في طرابلس في لبنان ومن ثم الأستاذ كمال جنبلاط، ومن بعده الأستاذ الشهيد صلاح الدين البيطار في باريس، ناهيك عن الجرائم والإغتيالات والتصفيات التي لا تحصى والتي حصلت فيما بعد.

بعد هذا الإستعراض لبعض مآثر هذا النظام  السؤال الذي يطرح نفسه بقوة لماذا هذه الحماية لهذا النظام والسكوت ايضا على النفوذ الايراني الذي يمتد من بغداد إلى دمشق وبيروت من قبل ؟ّ!

الجواب ببساطة بأن هناك اتفاق ضمني مع اسرائيل للحفاظ على أمنها أولاً حيث حُقٍقت أهدافاً لها من وراء ذلك ما لم تحلم به وذلك بتهديم العراق وسورية وإلغائهما من خارطة المواجهة. وهناك إشارة رمزية فارقة في المشهد الدامي اليوم في سورية جيش “القدس” التابع للفلسطينيين وفيلق “القدس” التابع لإيران يقاتلون ويقتلون الشعب السوري في حلب وغيرها، إن لهذه المشاركة دلالة للإطمئنان بالنسبة إلى اسرائيل – الجيوش التي تخون إسمها !!

وهناك حقيقة ثابتة في المنطقة بأن القوى الإقليمية الثلاث اسرائيل وايران وتركيا – حيث سورية المحكومة جغرافياً غبر التاريخ – لها مصالح ومطامع فيها تختلف الواحدة عن الأخرى، مع تباين للموقف لكلٍ منهم.

أيها الشعب العربي في كل مكان أخطر ما في المشهد السياسي للإقليم هو غياب الدور العربي برغم من التهديد الإيراني الغير مسبوق على الأمن القومي العربي. وما يشغل بال شعبنا جملة تساؤلات في ظل هذه المحنة الغير مسبوقة بالتاريخ والتي يمرّ فيها الشعب السوري والشعب العراقي.

– هل قتلوا الإحساس بالتضامن الأخوي مع شعب يذبح يومياً ؟! في ظل صمت مهين للعرب أجمعين قيادات ومفكرين ومثقفين؟!

– ألا تستحق سورية وشعبها من الجامعة وأمينها العام وقفة تعبّر عن النخوة والكرامة ؟! نحن نعرف أن الجامعة مصادر قرارها من قبل النظام المصري. وحتى لا تقع مصر وقيادتها في الفخ الايراني، فعلى مصر مسؤولية تاريخية وقومية ولها دور قيادي إذا تنازلت عنه تعرّض أمنها والأمن القومي العربي إلى خطر داهم وهذا خطر وجودي لذلك على الشعوب أن تأخذ زمام المبادرة بيدها وتصحو؟

إن الشهيد صدام حسين قد نبه باكراً وكشف عن عمالة آل الأسد وتآمرهم مع ايران ودورهم في تدمير القومية العربية ووقوفهم في صف أعداء الأمة  فقد قال عن حرب تشرين “أننا ذهبنا إلى سورية من أجل تحرير الجولان ودخلنا الحرب بكل بسالة في الوقت الذي كانوا في دمشق يحزمون أمتعتهم للفرار. لكن حين وصلت الأوامر بوقف إطلاق النار طلبوا منا الرحيل. وسأل العرب “ألا تعرفون من ساعد ايران ضد العراق وفتح مجاله الجوي وساعد ايران؟!” ثم استطرد قائلاً بأن فضح الخونة هو أنبل وأهم الواجبات الوطنية والقومية وكشف الحقائق وايقاظ الوعي والضمير العربي”.

يا أبناء شعب سورية والعراق المنكوبين بالمجرمين والمتخلفين. إن الإيمان بالله ورسلهِ والأديان السماوية ومكارم الأخلاق ما هي إلّا صفات وتقاليد عميقة لشعبنا وهذه ميزتهُ. لكن الخطر الحقيقي والمدّمر تحوّل الأديان والطوائف إلى أحزاب سياسية وتنظيمات مسلّحة. لأننا نؤسس للإنقسام والتقاتل والإحتراب العبثي، لا يجوز معالجة الطائفية بطائفية مضادة، والتخلف بتخلف مثله، ولا الميليشيات بمليشيات من نوعها ومماثلة لها، ولا الإرهاب بإرهابٍ آخر مثله لأننا في هذه الحالة نقع في فخ الأعداء الذي نصبه الغزاة الطائفيين الفرس. نحن شعب لديه قضية وطنية بإمتياز، وإسقاط حلب أعطى الجميع درساً قاسياً لكنه مفيد لمن يريد أن يستفيد منه وهو ضرورة القطيعة مع الفصائلية والرايات والقيادات المتعددة.

إن المسألة أو القضية الأساسية التي يتوجب الإنتباه لها هو الحرص على الهوية العربية. فإذا خسرت سورية هويتها خسرت نفسها وهذه الهوية نجاةٌ للجميع أقليات وأكثريات، أيٌّ كان تصنيفها الديني أو الطائفي أو العرقي. إن خلق التناقضات وإثارة الأحقاد ما بين مجموعات السكان في سورية واستخدام هذه الفئة أو تلك سياسة ثابتة للنظام وهذا ما  استخدمته من قبل الدول الإستعمارية في بلادنا.

أيها الشعب العربي الصابر أن قدر شعبنا اليوم أن ينتزع قضيته من أيدي ايران والمليشيات والمنظمات الإرهابية وبقيّة القوى الإقليمية والدولية وهذا لا يتم إلا بتوحّد كلمة شعبنا.

نحن نوّجه نداء ودعوة صريحة إلى كل سوري، كل وطني في هذه البلاد من أجل توحيد القوى المبعثرة وانقاذ ما تبقى من بلادنا. لا الفعل الطائفي الذي قاده النظام والميليشيات الإيرانية على مختلف مسمياتها أدّت إلى نتيجة غير التدمير، ولا رد الفعل الطائفي على سلوك النظام أوصلنا إلى أي نتيجة ؟!

فما تسمى بالمعارضة والموالاة هم بيد الأجانب، وبلادنا يعبث فيها الغرباء قتلاً ودماراً. فالمطلوب، من جنيف إلى الإستانة درسٌ واحد، ومن خلال السنوات الستة للثورة لا يمكن الوصول إلى حل بدون توازن القوى !! أو توازن الضعف !! وفي الحالتين اليوم نحن بأيدي الأجانب والمموّلين فلا يد لنا في حل قضيتنا بدون أن نشكلّ كتلة واحدة من الشعب بكل فئاته وطوائفه وأعراقه ولدى الكتلة ذراعها العسكري، ومن موقع وطني فلا خلاص لنا إلّا العودة إلى الشعب فهو الضرورة لأنه مصدر السلطات ومصدر الشرعية. ومن هنا إننا ندعو إلى هيئة وطنية سورية من شخصيات تتمتع بالوطنية والنزاهة والإستقلالية. هذه الهيئة هي لجنة تحضيرية للدعوة إلى مؤتمر وطني. الشرط الوحيد على هذه الهيئة أن لا تتسلم أي مسؤولية مستقبلية ومهمتها العمل على  :   

أولاً : تشكيل الجيش الوطني السوري كونه مؤسسة مكلّفة بحماية البلاد وهو الضامن لإعادة الأمن والإستقرار في البلاد. وعمودهُ الفقري فصائل الجيش الحر كونهم بالأساس ضباط وأفراد من الجيش ذوو خبرة مهنية عسكرية. لا انتماء لها سوى الإنتماء الوطني كي يكون رمزاً للوحدة الوطنية وشعاره ( الدين لله والوطن للجميع ).

ثانياً : توّجه هذه الهيئة ( نداء المصالحة الوطنية ) لأبناء الشعب كافة عدا الذين تلوثت أيديهم بالدم السوري والذين يتوجب محاسبتهم لينالوا جزاءهم العادل. شعبنا مؤهل ولديه القدرة والحكمة والإنتصار على الذات وهذه الثورة الحقيقية او الثورة داخل الثورة كما يقال.

ثالثاً :  استعادة القرار الوطني السوري وذلك عبر الهيئة الوطنية سالفة الذكر – أي الإنصهار بالمشروع الوطني الذي هو حجر الزاوية في عملية الإنقاذ والخلاص. لا يجوز السكوت أو اللامبالاة تجاه هذه الكارثة، ولا يجوز أن نبقى أدوات بيد الآخرين. لا يجوز أن ننتظر الحلول من الخارج. لسنا تحت سن الرشد ولا يظن أحداً معارضة أو موالاة بأن انتصار الأجنبي هو انتصار له هذا وهم والوطنية لا تتجزأ.

هناك أمراً مهماً ألا وهو الدستور، والدستور حسب الأعراف القانونية هو القانون الأساسي للدولة. وهذا من أعمال السيادة ومن إختصاص الشعب. يتم إقراره من قبل هيئة تأسيسية منتخبة لهذا الغرض وعندما تقرّه الهيئة يعرض على الشعب للإستفتاء عليه. لا يجوز أن يكون وثيقة مستوردة أو يُفرض من الخارج كما حصل في العراق في دستور بريمر سيء الصيت وما تزال تداعياته قائمةً حتى  الآن.

إحذروا وتنبّهوا جميعا لما بعد الاستانا إلى مؤامرة التقاتل الداخلي أي التدمير الذاتي والتي تبدو ملامحها قد بدأت ما بين المنظمات والتنظيمات المسلحّة. فنكون بذلك قد قدمّنا خدمة مجانية في تدمير قوتنا وخيانة كبرى لدماء الشهداء. لا عذر لأحد وخاصة الذين يحملون السلاح للدفاع عن الأرض والعرض فشعبنا ذاق الويلات وصبر ودفع ثمناً غالياً. لا تكونوا إلعوبة في يد الآخرين، واحذروا الفتاوى والمموّلين وما يسمى بالداعمين الملغومين وتحملّوا مسؤولياتكم التاريخية وأنها لثورة حتى النصر.

شباب البعث القومي في سورية

دمشق 1 شباط 2017





المصدر