حافلات التعليم المتنقلة تنقذ مستقبل المئات من أطفال درعا


مضر الزعبي: المصدر

يدفع أطفال سوريا ثمن صراعات الأمم التي تجري على أرضهم، لا يعرف هؤلاء الأطفال لم حرموا من كل شيء، وأصبح البعض منهم يظن أن الحرب هي من مسلمات الحياة وأنها منتشرة في كل مكان، لأنه لم يرَ خلال السنوات الست الماضية أياً من مظاهر الحياة، وانحصرت ذاكرتهم بمشاهد القصف والدمار والموت.

ويبقى أخطر ما في الأمر هو حرمان جيل كامل من أطفال سوريا من التعليم، وهذا ما يشكل التهديد الحقيقي لسوريا ومستقبلها، وسط تغافل من المجتمع الدولي الذي تنتظر معظم شركاته الكبرى أن تضع الحرب السورية أوزارها للتسابق على مشاريع إعادة بناء الحجر في بلد أنهكت الحرب أجياله.

وفي المقابل تبقى آمال السوريين معقودة على جيل الشباب الذي آمن بوطنه، فأوجدت مجموعة من الشباب في منظمة (غصن الزيتون) بريف حلولاً لمشاكل التعليم في مخيمات النازحين، وذلك عن طريق الحافلات المتنقلة، التي تتنقل معهم أينما رحلوا هرباً من قصف الطيران الروسي وقوات النظام.

وقال مدير التعليم في منظمة (غصن الزيتون) محمد الفارس، لـ “المصدر”: “إن منظمة غصن زيتون من منظمات المجتمع المدني التي تعمل على الاهتمام بكافة فئات المجتمع وبالذات الأطفال، وتهدف إلى النهوض بواقع التعليم وحماية الطفل للتخفيف من آثار الحرب في ظل الظروف الاستثنائية التي تعيشها سوريا، ومن أجل ذلك قامت بالعديد من المشاريع جلها يتوجه للطفل من مدارس للتعليم والترفيه ومراكز ثقافية ومراكز دعم نفسي وخيم تعليمية وغيرها”.

وأضاف أنه من بين مشاريع المنظمة كانت حافلات الزيتون، التي تجوب المخيمات للوصول إلى الأطفال الذين تركوا مقاعد الدراسة مجبرين، لينتهي بهم المطاف مع ذويهم في خيم هرباً من المناطق التي تشهد اشتباكات، وتعتبر نقاط تماس عسكري مباشر.

وأشار إلى أنه تم تجهيز هذه الحافلات بكل وسائل التعليم والترفيه وبالمراسم واللوحات التي تلفت أنظار الأطفال، وذلك بالإضافة إلى مجموعة من ألعاب الذكاء والمجسمات وجهاز عارض (بروجيكتور) لعرض البرامج الهادفة.

وأوضح “محمد الفارس” أنه يشرف على كل حافلة مجموعة من الشبان المدربين على مجموعة من برامج الدعم النفسي وحماية الطفل، وكذلك حال جميع البرامج التربوية والتعلم عن طريق اللعب وغير ذلك.

وتحدث مدير التعليم في منظمة (غصن الزيتون) عن فكرة حافلة الزيتون، وقال إنها انطلقت مع بداية عام 2015 وذلك بحافلة واحدة تجوب بعضاً من مخيمات الجنوب السوري، وقد لاقت التجربة بعد ذلك رواجاً بين الأطفال وذويهم، مما أدى إلى توسعتها ليبلغ عددها أربع حافلات تجوب العديد من مخيمات المنطقة الشرقية والغربية، ومنها انتشرت الحافلات لتجوب مخيمات القنيطرة وزيزون ومخيمات أبناء منطقة (اللجاة)، بالإضافة لعدد من المناطق الأخرى، ووصل عدد الأطفال المستفيدين من الحافلات إلى قرابة 1200 طفلا.

وأكد الفارس أن منظمة غصن زيتون تشرف على العديد من المشاريع التعليمية والتنموية، منها 14 داراً تسمى كل واحدة منها (دار الزيتون) للتعليم والترفيه، وكذلك ثمانية مراكز للدعم النفسي والاجتماعي والتوعية، وستة مراكز ثقافية تهتم بفئة اليافعين، وكذلك تم مؤخراً إنشاء خيم تعليمية ضمن أغلب مخيمات النزوح في الجنوب السوري، والتي يبلغ عددها 22 خيمة تعليمية، وغيرها العديد من المشاريع التي صُلب اهتمامها ومحور عملها هو الطفل.

ويذكر أن محافظة درعا شهدت خلال العام الماضي نقلة نوعية بعملية التعليم نتيجة عمل الشبان في المحافظة على مجموعة من البدائل لتعويض الطلاب، وذلك عقب التدهور الحاد الذي أصاب العملية التعليمة في السنوات الأربع الأولى من حرب النظام على المناطق الثائرة، والتي أدت لحرمان عشرات الآلاف من الطلاب من مدارسهم بسبب التهجير واستهداف المدارس بشكل مباشر، لتكون الحافلات المتنقلة والخيام من أبرز الحلول لتلافي التدهور بالعملية التعليمة ولإنقاذ جيل بأكمله من الضياع.





المصدر