مصالح اقتصادية لفصائل الجنوب تضيّق على حوض اليرموك
4 فبراير، 2017
جيرون
شكلت معارك الجبهة الجنوبية ضد معاقل ما يُعرف بـ “جيش خالد بن الوليد” في ريف درعا الغربي، أحد أبرز مسار الانتقادات لتلك الفصائل، إذ يعدّ كثير من الناشطين في الجنوب السوري أن فصائل الجبهة الجنوبية اتخذت من المواجهات مع “جيش خالد” مسوغًا لتقصيرها وعدم تحريكها الجبهات مع النظام، ولا سيما مع اشتداد حملات النظام وحلفائه العسكرية على مناطق ريف دمشق، وأسفرت عن تهجير معظم معاقل الثورة في محيط العاصمة، وكان آخرها وادي بردى، وعدّوا -من جهةٍ ثانية- أن ما يحكم عمل الجبهة الجنوبية في الوقت الحالي أوامر خارجية من الداعمين والممولين، إلى جانب شبكةٍ من المصالح المالية والعشائرية لقياداتها، مرتكزين -في وجهة نظرهم- على أن الجبهة تحاصر آلاف المدنيين داخل مناطق حوض اليرموك دون أي مسوّغ، في استنساخ لسياسات النظام الإجرامية، إضافة إلى عدم تبني رؤية عسكرية واضحة لمواجهة مخططات النظام وحلفائه، ووقف سقوط مدن وبلدات الجنوب، والمثال الصارخ لذلك -وفق رأيهم- بلدة الشيخ مسكين وحاليًا بلدة محجة.
وعن ذلك قال الناشط مهند الحوراني لـ (جيرون): “الجبهة الجنوبية بحصارها لعشرات الآلاف من المدنيين في حوض اليرموك، تعيد إنتاج ممارسات النظام ضد المناطق الخارجة عن سيطرته، إذ كيف يمكن تسويغ ممارسات حاجز تسيل ضد المحاصرين في حوض اليرموك؟ تشبه ممارسات الأجهزة الأمنية للأسد”.
وأضاف: “عناصر الحاجز، وبذريعة التدقيق وعدم السماح لخلايا التنظيم بالتسلل إلى مناطق قوات المعارضة، أهانوا أهالي اليرموك، وتاجروا بمعاناتهم، وهناك كثير من الشهادات عن ابتزاز عناصر الحاجز للعابرين، وطلب مبالغ مالية كبيرة، لقاء السماح لهم بإدخال بعض المواد الغذائية، وعلى الرغم من جميع البيانات والمناشدات، لم تتخذ فصائل الجبهة الجنوبية -حتى اللحظة- أي إجراء يذكر لتخفيف وطأة الحصار على الأطفال والنساء”.
من جهته، قال الناشط محمد الرفاعي لـ (جيرون): إن “المآسي في الجنوب السوري، لا تقتصر على مكان واحد، فمحافظة درعا، ومنذ أكثر من عام، تُعاني عددًا من المآسي، منها ما يمكن عدّه شكلًا من أشكال الخزي والعار الذي تتحمل مسؤوليته قيادات متخاذلة ومصنوعة، وهناك -أيضًا- مأساة التشرد والجوع والبرد في المخيمات والفلتان الأمني، والمأساة الأكبر، هي نسيان معظم الفصائل العسكرية مفهوم الثورة، وجوهره سلامة المدنيين، وأعتقد أن سبب كل تلك المآسي يعود إلى خضوع عدد من قيادات الفصائل لأوامر أطراف دولية إقليمية (تُسمى بالصديقة)، ويمكن القول بأن الجيش الحر في درعا تحوّل إلى جندي لحماية حدود بعض الدول، وتنفيذ أجندات خارجية”.
وأضاف موضحًا: “المواجهات مع (جيش خالد)، جعلت الجيش الحر في فشلين: أولهما الفشل في التقدم وحسم المعركة، وثانيهما الفشل في مؤازرة المناطق الساخنة، سواء في الجنوب أم في ريف دمشق، لدينا -الآن- تجار حرب، وبعض القيادات تستثمر في معاناة المدنيين، وهذا تمامًا هو الظلم الواقع على أهلنا في حوض اليرموك”.
ولم يختلف الناشط، سامر مسالمة، مع الرأيين السابقين؛ إذ قال لـ(جيرون): إن “أهالي حوض اليرموك، دفعوا ثمنًا باهظًا للحرب بين فصائل الجيش الحر و(جيش خالد) الذي يصفها بالصحوات، في حين تتهمه الفصائل بمبايعة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، فالقصف المتبادل بينهما طال المدنيين الآمنين في منازلهم، إلى جانب الحصار، وما نجم عنه من تداعيات كارثية على ما يقارب 80 ألف مدني يعيشون في قرى المنطقة، وفي حال خرج أحدهم لتوفير بعض حاجاته يتعرض للإهانة والشتم من عناصر حاجز تسيل”.
وأردف المسالمة قائلًا: “حوض اليرموك بات مسرحًا لمصالح اقتصادية بغيضة، يتحكم بها بعض قيادات الجنوب، وهناك قيادات في الجيش الحر اتخذت من الحرب في حوض اليرموك قناعًا للتجارة بمعاناة المحاصرين، وعلى الرغم من إصدار (دار العدل) لعدد من القرارات بخصوص تحييد المدنيين، والتخفيف من وطأة الإجراءات على الحواجز، إلا أن الفصائل لم تلتزم بقرارات القضاء، وربما يعود سبب ذلك إلى أن الفصائل تحتكر المواد الغذائية، وتعمد إلى بيعها سرًا بأسعار باهظة جدًا، وكل هذه الممارسات مرتبطة بحاجز تسيل”.
وبحسب المعلومات الواردة من المنطقة، فإن سعر كيلو السكر وصل إلى 3 آلاف ليرة سورية، في حين أن سعر مبيعه في السوق لا يتجاوز 400 ليرة، ويبلغ سعر علبة الحليب نحو 10 آلاف ليرة، على الرغم من أنها تصل مجانًا من هيئات ومنظمات داعمة.
وعن الحلول الممكنة قال المسالمة: “هناك عدد من الحلول، منها على سبيل المثال، السماح بدخول المنظمات الإغاثية إلى منطقة حوض اليرموك المحاصرة، لتتولى الإشراف على توزيع المواد الغذائية دوريًا وبانتظام، إلا أن الفصائل لم تستجب -حتى اللحظة- لجميع النداءات الموجهة بشأن التخفيف من هذه المأساة الإنسانية التي يعيشها سكان حوض اليرموك”.
وأشار المسالمة إلى أن “عدم إثارة الموضوع كثيرًا، يعود إلى الخوف وتهديد المصالح الاقتصادية للمستفيدين من هذه المأساة، حتى الإعلاميين والناشطين لا يتعرضون كثيرًا إلى موضوع حوض اليرموك؛ بسبب الخوف، ويثار الموضوع بين الحين والآخر على استحياء، خشية ردة فعل الفصائل التي باتت لديها تهم جاهزة، شأنها في ذلك شأن النظام، منها (التعامل مع داعش)، إلى جانب ممارسات عديدة لإبقاء الجميع صامتين، ولكننا لن نصمت، فالمدنيون في حوض اليرموك أهلنا، وما يحصل بحقهم مهين لكل أهالي حوران، وعلى الجميع أن يتحمل مسؤولياته تجاه هذه المأساة”.
[sociallocker] [/sociallocker]