‘واشنطن بوست: “كيف أصبحت تولسي غابارد لسان حال الأسد في واشنطن”’

4 شباط (فبراير - فيفري)، 2017
8 minutes

أحمد عيشة

النائبة تولسي غابارد (ديمقراطي- هاواي) تتحدث في المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي في فيلادلفيا يوم 26 تموز/ يوليو، 2016. (ج. سكوت آبل وايت/ أسوشيتد برس)

كان نظام بشار الأسد في سورية يسعى لتشكيل مجموعة ضغطٍ هادئة في واشنطن، ومموّلةً جيّدًا، وذلك قبل أن يبدأ بقتل شعبه، ولكن انتصار تلك الحملة المؤثرة ظهر واضحًا تمامًا هذا الشهر، حيث نجحت في جلب النائبة تولسي غابارد (ديمقراطية- هاواي) إلى دمشق، وتكفُّلها بعد عودتها بالدعاية للأسد كالببغاوات.

لم تكن غابارد أوّل مسؤولٍ أمريكي منتخب يلتقي الأسد، ففي السنوات الأولى من رئاسة الأسد، سافر عددٌ من كبار المشرّعين في الولايات المتحدة علنًا ​​لرؤية الشاب طبيب العيون والناطق باللغة الإنكليزية، الذي أصبح رئيسًا، على أمل أنه قد يكون إصلاحيًّا، ويبتعد عن إيران، وحتى يصنع السلام مع إسرائيل. آنذاك، زارت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي (ديمقراطية- كاليفورنيا) الأسد في عام 2007، ومن بعدها، ترأس السناتور جون كيري (ديمقراطي- ماساشوتس) وفدًا في عام 2009.

بعد أن بدأ القتل في عام 2011، وعلى الرغم من اختفاء أصدقاء الأسد في واشنطن إلى حدٍ كبير، وُلدت حملةُ ترهيبٍ ونفوذ سرية. وبدأ مكتب التحقيقات الاتحادي FBI، تحقيقًا مع السفير السوري عماد مصطفى، بسبب شهادةٍ تشير إلى أنّه كان يتتبع السوريين الأمريكيين الذين أظهروا تمردًا على الحكومة السورية، هذا التتبع الذي يمكن أن يهدّد أسرهم في الوطن (سورية)، بعدها غادر مصطفى إلى بكين في عام 2012، لكنَّه ترك شبكةً من الأصدقاء، من السوريين الأميركيين الذين تربوا على علاقات وثيقة مع النظام، وعملوا لمصلحة الأسد.

كان واحدًا من السوريين الأمريكيين، والذي كان مقربًا من عماد مصطفى، غالبًا ما كان يزوره في مكان إقامته في كليفلاند- واشنطن، هو رجل الأعمال بسام خوام، ووفقا لثلاثة من السوريين الأمريكيين الذين قابلهم معا، ولا يرغبون في ذكر أسمائهم خوفًا من الانتقام. بعد خمسِ سنواتٍ، لم يعد يُرى مصطفى في أيّ مكان، بينما لا يزال خوام نشطًا، إذ نظّم رحلة لـ غابارد إلى دمشق، ورافقها، كما رتّب لها لقاءً مع الأسد.

“كان هذا الرجل يعمل لتشكيل مجموعة ضغطٍ لمصلحة بشار الأسد في الولايات المتحدة، حتى قبل وجود ثورة، ونحن قلقون بشدة لأنه يحاول مساعدة مجرم حربٍ في بناء علاقاتٍ مع أعضاءٍ من الكونغرس الحالي”، كما قال محمد علاء غانم، مدير العلاقات الحكومية في المجلس السوري الأمريكي، وهو منظمةٌ غير حكومية تعمل مع المعارضة السورية.

كما انضم عضو الكونغرس السابق دنيس كوسينيتش (ديمقراطي -أوهايو) إلى الرحلة، لم يكن الأمر محضَ صدفةٍ، فقد رتّب خوام لـ كوسينيتش لقاءً مع الأسد مراتٍ عدّة، كان آخرها في عام 2013. كما تبرع لحملات كوسينيتشن، وأدرج نفسه طبيبًا خاصًّا في ملفّاتِ لجنة الانتخابات الاتحادية ذات الصلة.

في ملفاتٍ أخرى للجنة الانتخابات الاتحادية FEC، فقد أدرج خوّام نفسه مديرًا تنفيذي للمصح النفسي “أكسيس” في أوهايو، حيث عرّفه على أنّه فرعٌ من مركز الخدمات الاجتماعية والاقتصادية للجالية العربية، ومقره ميتشيغان، وتقول غابارد أنَّ مركز أوهايو هو من تكفّل برحلتها. المشكلة هي، أنَّ مركز أوهايو لم يعد موجودًا منذ سنواتٍ عدّة.

“يمكنني أن أؤكد لكم أنَّ خوام لم يكن موظفًا في المنظمة، وأنه غيرُ منتسبٍ على الإطلاق إلى مركز أكسيس أوهايو”، كما قالت لي رانا تايلور، مديرة الاتصالات في منظمة مركز أوهايو أكسيس.

وأوضحت السيدة تايلور ذاتها، أنَّ مركز أكسيس أوهايو أقامت شبكةً وطنية للجماعات العربية الأميركية، وأنه كان هناك عضوًا في منظمة أوهايو منذ سنوات عديدة، لكنها قالت إنها انتهت منذ فترة طويلة. وأضافت “ليس لديهم أيّ نوعٍ من هيكلية أو هيئة حاكمة”، ولا وظائف لهم، وليسوا ناشطين بصفة عضوٍ بأيّ شكلٍ من الأشكال”.

غابارد، في بيانٍ صحفي، دعت بسام خوام وشقيقه، إيلي، الذي انضمّ أيضًا إلى الرحلة “دعاة السلام منذ فترة طويلة”. أخبرني مكتبها أنه “لا توجد لها معرفة سابقة أو علاقة” مع الأخوين ووجهت جميع الاستفسارات إلى المنظمة أو إلى كوسينيتش. الرسائل التي تركت لـ خوام وكوسينيتش لم تلق ردًّا أو جوابًا.

المصدر الفعلي لتمويل الرحلة غيّرُ واضحٍ أيضًا، ولكن لا يوجد أدنى شك في أنَّ نظام الأسد سهّل أمورها، إذ لم تكتفِ المجموعة بمقابلة الرئيس، لكنها قامت أيضًا بالذهاب إلى مناطق حساسةٍ واقعة تحت حماية القوات الحكومية، وفي اجتماعاتٍ مرتبة، قال السوريون لـ غابارد: إنَّ الأسد هو الحاكم الكريم، الذي يحارب الإرهابيين، وأنَّ سياسة الولايات المتحدة بمعارضته ظالمةٌ.

لدى عودتها، أشارت إلى هؤلاء السوريين في مقابلاتٍ وفي مقالات الرأي لتعزيز معارضتها القائمة منذ زمن طويل، لما وصفته بسياسة الولايات المتحدة لـ “تغيير النظام” في سورية. وأكدَّت أيضًا على عدم وجود متمردين معتدلين في سورية، وأنَّ الولايات المتحدة تموّل تسلح كلًّا من القاعدة، والدولة الإسلامية. كلا الادعاءين غير صحيح، ولكن، كلٌّ منهما يلائم رواية نظام الأسد عن مجمل الحرب.

المعارضة المبدئية لتدخل الولايات المتحدة في سورية هي أمرٌ، وأن تصبح أداةً دعائية لقاتلٍ جماعي ولحملة نفوذٍ هي أمرٌ آخر. إنَّ تعاون غابارد مع النظام السوري أضعف جهدها لتعزيز نفسها بصفتها صوتًا فاعلًا في السياسة الخارجية؛ فإذا كانت غابارد حقًّا لا تعرف من هم الرجال الذين رعوا “مهمّتها لتقصّي الحقائق” في سورية، فينبغي عليها أن تعرف. بالنسبة إلى كثيرين، تثبت القضية كلّها أنَّ حملة نفوذ الأسد لدى واشنطن لا تزال على قيد الحياة وعلى ما يرام، والآن لديها من ينطق باسمها، وهم أعضاءٌ حاليون في الكونغرس، فهل تدرك ذلك أم لا؟

اسم المقالة الأصلي How Tulsi Gabbard became Assad’s mouthpiece in Washington الكاتب جوش روجين، Josh Rogin مكان النشر وتاريخه واشنطن بوست، The Washington Post،29/1 رابط المقالة https://www.washingtonpost.com/opinions/global-opinions/how-tulsi-gabbard-became-assads-mouthpiece-in-washington/2017/01/29/215e9c70-e4bf-11e6-a547-5fb9411d332c_story.html?utm_term=.9eef2a7bb5b7 ترجمة أحمد عيشة

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]