وداعاً الباحث السوري أحمد شاهين .. مات وحيداً غريباً
6 فبراير، 2017
كومنت- الكاتب: محمد خليفة
علمت متأخرا نبأ وفاة الصديق الباحث السوري أحمد شاهين .
مات وحيدا غريبا في الجزائر , ووري الثرى في إحدى مقابرها منذ ثلاث سنوات , وللأسف لم يذكره أحد ولم يكتب عنه أحد , ولم نسمع الخبر بسبب كثرة الراحلين وازدحام طريق السوريين الى السماء !. واقدم اعتذاري له .
هو مثقف آخر ممن قاوموا نظام الاستبداد الاسدي منذ بدايته , واضطر مثلنا للنجاة بنفسه من ( سيناريو تدمر ) شبه الحتمي , ففر الى لبنان منذ السبعينات, احتضنته منظمة التحرير الفلسطينية عندما كان الزعيم الراحل أبو عمار ملاذا لعشرات ومئات المعارضين السوريين في وقت كان الجميع يتنكر لهم تجنبا لغضب الأسد واجهزته .
عمل المرحوم باحثا وكاتبا في مركز الابحاث الفلسطينية , ومنذ ذلك الوقت حتى وفاته لم يتوقف عن الكتابة الشهرية في مجلة المركز , وصدر له عدة كتب .
اعتقله الامن العام اللبناني عام 1983 في عهد سيء الذكر زاهي البستاني , وبقي فترة في سجن رومية حتى أفرج عنه , وسمح له بمغادرة لبنان , فلجأ الى قبرص وعمل مع الصحافة الفلسطينية المهاجرة في تلك الفترة .
في عام 1986 تكررت التجربة فطردته السلطات القبرصية من اراضيها بلا سبب مفهوم !.
غادر قبرص الى اليونان وعاش فيها حتى عام 1991 حين قامت السلطات في عهد حكومة اليميني ميتسوتاكيس السيئة السمعة بطرد عدد من الدبلوماسيين والشخصيات الفلسطينيية , وكان أحمد منهم بلا أي سبب مفهوم !
نقلته منظمة التحرير الى الجزائر ومكث فيها حتى وافته المنية قبل ثلاث سنوات .
أحمد مثقف من السلمية , واسمه الاصلي أحمد جمول , وعندما فر الى لبنان استعمل الاسم المستعار ( احمد شاهين ) ليتفادى خطر الاعتقال أو الاغتيال من المخابرات السورية التي كانت قوية حينها , وظل الاسم لاصقا به حتى الآن , وقليلون الذين يعرفون اسمه الاصلي الحقيقي .
يتميز بالهدوء الشديد , والرزانة , واللطف , والتواضع , تحبه من اللقاء الاول , ويمنحك الثقة من اللحظة الاولى . يتحدث بهدوء ممل , يبتسم باستمرار ويضحك باعتدال . حتى مشيته على الارض تتسم بالهدوء والدعة بلا اعتداد ولا سرعة , يتعايش مع الحياة بكل ما فيها من حلو ومر ولا يعترض ولا يتذمر , ولا يبكي على شيء تاركا الاقدار تفعل فعلها بلا احتجاج !
محاور ديمقراطي , يتقبل كل الآراء مهما كانت ويرحب بها , موضوعي في طرحه وعرض وجهات نظره بلا تعصب , مجبول على الايمان بقضايا الحرية ومرتبط بعمق بالقضية الفلسطينية , والقضايا العربية القومية , يساري مثل كل اقراننا نحن الذين عشنا في الستينات والسبعينات , شارك في المعارضة الحزبية السياسية , ثم تفرغ للمعارضة الفكرية , واكتسب الليبرالية الفكرية , وعاش طوال حياته معاديا لنظام الاسد , ودفع ثمن ذلك غربة مؤبدة عن بلده , وحرمانا من رؤية ابنته الوحيدة التي كبرت وشبت بعيدا عنه لا يراها ولا تراه . هذا النوع من المعاناة لا يعرفه إلا من كابده طوال اربعين سنة , غربة وملاحقة دائمه وحرمان من الاهل والوطن .
وداعا احمد شاهين صديق الغربة والمنفى وزميل القلم والفكر .. نعدك أن نسعى لاعادة رفاتك الى السلمية مع رفات رفيقيك عاصم الجندي المدفون في بيروت , وخالد الجندي المدفون في غزة .. بعد أن نرمي رفات آل الأسد خارج أرضنا الطاهرة !
“فيسبوك”
“لم يعثر المصدر على صورة للراحل”
[sociallocker] [/sociallocker]