قراءة في بيان طلاب العلم في الهيئة الشرعية
6 شباط (فبراير - فيفري)، 2017
عبد الحفيظ الحافظ
عندما قيل لتشرشل في أثناء الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، إن الطائرات الألمانية تقصف وتدمر بريطانيا، سأل: – ماذا عن التعليم والقضاء في بريطانيا؟ – فقيل له: إنهما بخير. – فقال لا خوف على بريطانيا.
قبل الثورة على نظام الاستبداد، كان أهم أسلحة هذا النظام لمواجهة الشعب السوري، هو الإبقاء على إعلان حالة الطوارئ، والعمل بالأحكام العرفية من 8 آذار 1963 بالبلاغ رقم2 -2012، وتأسيس محكمة أمن الدولة عام 1968 -2012 خارج القضاء المدني، وأحكامها المبرمة (برئاسة فايز النوري)، وكانت المقصلة التي حاول النظام من خلالها تصفية المعارضة السياسية في سورية.
لم يكتف نظام الاستبداد بمحكمة أمن الدولة فحسب، بل أنشأ محكمة الأمن الاقتصادي -أيضًا- خارج القضاء ووزارة العدل، وترافق كل ذلك مع وجود المحاكم الميدانية والقضاء العسكري والمخابرات العسكرية التي كانت مقصلة أخرى للعسكريين وللمدنيين، على حدّ سواء، وعندما ألغيت محكمة أمن الدولة بفضل الثورة، استعاض النظام عنها بالإحالة إلى محكمة “اللجنة الرباعية”.
وحمى هذا التعطيل للقضاء- عبر إلحاقه بالسلطة التنفيذية- بمرسوم ينص على أن يترأس رئيس الجمهورية المحكمة الدستورية العليا، وينوب عنه وزير العدل مع عضوين يعينهما وزير العدل.
تقوم الدول المدنية في هذا العصر على “استقلالية القضاء وفصل السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية، وأهم ما تعنيه الدولة المدنية: دولة المؤسسات وفصل السلطات واستقلالية القضاء. لكن شرط استقلالية القضاء الحصول على شهادة الحقوق للقضاة، والشريعة للمحاكم الشرعية، وحق التقاضي والدفاع وحضور المحامين، ودرجات المحاكم من البداية إلى الاستئناف وإلى محكمة النقض، شرط ألا يكون أحد أعضاء محكمة الاستئناف أو النقض، أحد أعضاء المحكمة الأدنى.
كنت أتمنى أن يتضمن بيان طلاب العلم الشرعي في “الهيئة الشرعية بحمص- الوعر” رقم 3 المؤرخ في 2/2/2017، التي نكنّ لأفرادها التقدير والاحترام فردًا فردًا، ولها هيئة شرعية فيها نخبة من الفقهاء والعلماء الأفاضل وطلاب العلم، عبارة “نحن مع استقلالية القضاء” لأننا نحن أيضًا مع استقلالية القضاء بدل جملة : “ولا يحق لأي جهة كانت أن تتدخل فيه”، لاسيما أن هذه الهيئة بقيامها بمهام القضاء وحيدة، بلا استئناف ولا نقض، لذا تتطلب حماية حق المدعي والمُدعي عليه أن يكون هناك درجات للمحاكم لكيلا تضيع الحقوق، مع توفر شرط أن لا يكون أحد أعضاء المحكمة الأعلى عضوًا في المحكمة الأدنى.
وجاء في نص بيان الهيئة “نحن طلاب العلم الشرعي في الهيئة الشرعية متمثلة بجميع محاكمها نعلن أن أمور القضاء والمحاكم وآلية اتخاذ القرار فيها أمر داخلي، ولا يحق لأي جهة كانت أن تتدخل فيه”.
ودعا “جميع الأخوة طلاب العلم في حي الوعر أن يشاركونا العمل في الهيئة الشرعية فالمرء قليل بنفسه كثير بإخوانه”. على حد تعبير البيان.
[sociallocker] [/sociallocker]