عصافير مشاغبة


مصطفى تاج الدين الموسى

عاريان بمشيئةٍ من شهوةٍ وحب، هكذا كانا يلهوان منذ أوّل السهرة بعبثٍ طفولي جميل، كعصفورين مشاغبين يمارسان الآن -بعد أن تجردا من ثيابهما- كل ما يبوح به الخيال من أسرارٍ زهريّة اللون والنكهة، تنعش الجسد فتروي ظمأه. عاريان، لا يستر جسديهما سوى عطريهما وقليلٌ من آهاتٍ خافتة، تبدو وكأنّها لحنٌ شفاف.

في حضن أريكةٍ، على كتف شمعة، في أثناء انسيابٍ هادئ لموسيقى غيتار.. كانا يلهوان.
على الرغم من أنها لا تحب النبيذ كثيرًا، لكن.. هذه اللعبة التي علّمها إياها للتو، راقتْ لروحها جدًا، وجعلتها تضحك بخجلٍ ٍأنثويٍّ رقيق ليرتعش نهداها الناعمان، كوردتين صغيرتين داهمتهما نسمة هواءٍ خريفية باردة.

هو، لم يرق له طعم النبيذ في هذه الليلة إلا ممزوجًا بلعابها.

لعابها العذب كماءٍ مقدّس، كما تصنِّفه حاسَّة التذوُّق لدى روحه.

لهذا، صارتْ كلَّ بضع دقائق، وتحت إلحاح قلبه، تأخذ رشفة ًمن كأس النبيذ، ثمَ -كما شرح لها سابقًا- تترك النبيذ داخل فمها لبرهة، حتى يمتزج جيدًا بلعابها ويتخمّر به. بعدها. تنحني إلى شفتيه وتدسّ بينهما شفتيها، لتفرغ في فمه وببطءٍ، هذا المزيج الأسطوري، وبتواطؤٍ فاضحٍ من أحمر شفتيها، يرتشفه منتشيًا ليدوخ قليلًا، فتدور في عينيه مروحة، هي في السقف متوقفة، ثمّ يضحكان بصخب، وخصرُ ضوء الشمعة يتمايل في الغرفة كراقصة باليه نحيلة.

فعلا ذلك عدّة مرات في لعبتهما الشهيّة هذه، حتى إن الغيتار المختبئ في الكاسيت اشتهى بحسرة أن يتذوَّق هذا المزيج.

في المرّة الأخيرة..

هي، رشفتْ ما تبقى من النبيذ في الكأس.

لكن بعد بضع دقائق سال من بقايا شفتيها، ممتزجًا هذه المرّة مع الدم.

فهذا هو المزيج المفضّل، للقذيفة التي هبطت على غرفتهما.




المصدر