“مستشفى ريف دمشق التخصصي” يعمل في أوضاع استثنائية


جيرون

يشكل مستشفى ريف دمشق التخصصي علامة فارقة في القطاع الصحي في ريف دمشق، إذ يعدّ أحد أبرز المراكز الطبية في الغوطة الشرقية، يقدم خدماته لأكثر من ربع مليون إنسان مازالوا يعيشون داخل المنطقة؛ وعلى الرغم من الحصار وضعف الإمكانات، استمر المستشفى في عمله تحت وطأة أشد الأوضاع قسوة، ولا سيما مع القصف المتواصل والاستهداف المتعمد للكوار والنقاط الطبية، إلى جانب انعدام كثير من الأدوية والمعدات الطبية الضرورية.

يضم المستشفى أقسام (الإسعاف، العناية المركزة، العمليات والجراحة العامة، مركز غسيل الكلى، وهو الوحيد في المنطقة، قسم الأطفال، المعالجة الفيزيائية) وجميع هذه الأقسام تقدم خدماتها مجانًا لأهالي الغوطة الشرقية، اعتمادًا على إطار (كادر) طبي اختصاصي، إلى جانب ممرضين متطوعين، ويستمر العمل في المستشفى بفضل تبرعات أهلية، ودعم تقدمه منظمات طبية دولية.

يعاني العمل في القطاع الطبي، كغيره من القطاعات داخل المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، من صعوبات بالغة، تبدأ بالقصف ولا تنتهي بالحصار وانعدام كثير من المواد والأدوات الطبية.

في هذا السياق، قال ياسر الشامي، المدير الإداري في مستشفى ريف دمشق التخصصي، لـ (جيرون): إن “نقص الأدوية، والمستهلكات الطبية، وعدم توفر الأجهزة الطبية أو قطع الغيار اللازمة للصيانة، يجعل من عملية الصيانة اللازمة للأجهزة صعبة جدًا، في ظل عدم قدرة الشركات والوكلاء على دخول الغوطة، ولافتقارنا إلى الفنيين المختصين”.

وأشار إلى “فقدان كثير من الكوادر الطبية، بعد أن اضطرت تلك الأطر (الكادرات) إلى ترك مناطقها؛ بفعل القصف المتواصل من النظام وحلفائه، يضاف إلى ذلك فقدان الأمان في المراكز والأقسام الطبية؛ لأنها دائمًا ما تكون هدفًا لأنواع شتى من القصف العنيف، دون أن ننسى ضعف الإمكانات المالية، وغياب دعم يمكنه تغطية ما يحتاجه الملف الطبي، فالمساعدات التي تدخل عن طريق الأمم المتحدة لا تفي بالغرض من حيث النوع، وغالبًا ما تجري عرقلة دخولها من حواجز النظام، أو يستهدفها بالقصف”.

لكن الشامي لفت إلى ملمح تفاؤل يتمثل في “أن الفريق القائم على العمل في المستشفى، يضم مجموعة من الأطباء الاختصاصيين الذين يشرفون على مجمل الأقسام، إلى جانب فريق من الممرضين المتطوعين”.

أكد الشامي أن القطاع الطبي يحتاج إلى “دعم كبير، يتطلب تضافر جهد المنظمات والجمعيات الأهلية مع المنظمات الدولية ذات الصلة، بحيث “يتمكن هذا القطاع من النهوض بالأعباء الكبيرة الملقاة على مسؤولية العاملين فيه”، وأضاف: “لا بد من الضغط على النظام وحلفائه؛ لإجبارهم على السماح بدخول الكميات اللازمة من الأدوية والمستهلكات الطبية، بما يفي حاجة المواطنين، وكذلك إدخال الأجهزة الطبية البديلة عن الأجهزة القديمة أو غير المتوافرة، وتجنيب المدنيين والمنشآت الطبية والتعليمية والمدنية عمومًا ويلات الحرب”.

وشدّد على أن الواقع الطبي داخل الغوطة الشرقية، يحتاج إلى “وقفة جدية من جميع المنظمات والمؤسسات ذات الصلة (وطنية ودولية)؛ لتأمين ما يحتاجه هذا القطاع”، ولا سيما أن “المواد اللازمة لقسم غسيل الكلى نفدت كليًا، وهو ما يهدد حياة 30 مريضًا يحتاجون إلى 250 جلسة شهريًا، إلى جانب نفاد الأدوية اللازمة لعلاج مرض السل، وهو ما يعني كارثة حقيقة ستطال أكثر من 225 حالة مسجلة، هذا دون الحديث عن الحالات غير المكتشفة بعد”، لافتًا إلى أن “تطعيمات الأطفال نفدت منذ بداية العام الحالي، وهذا يتطلب ضغطًا حقيقيًا على النظام وحلفائه لمنع حدوث كارثة إنسانية ستطال مدنيين لا ذنب لهم سوى أنهم اختاروا البقاء في ديارهم”.




المصدر