هل سيدفع ترامب روسيا للابتعاد عن الأسد وإيران؟.. إليك ما قد تطلبه موسكو مقابل ذلك
7 شباط (فبراير - فيفري)، 2017
بدأت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عملها، بسلسلة من الخطوات الموجهة ضد إيران، وفرضت عقوبات عليها، في وقت تتحدث فيه الإدارة عن نقاشات تدور حول ما الذي يمكن إحداثه في الاتفاق النووي الذي توصلت إليه واشنطن وطهران بفترة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، والذي يعارضه ترامب.
وفي الوقت الذي أبدى فيه الرئيس ترامب مواقف أكثر ليونة اتجاه روسيا، واستعداد الأخيرة للتعامل مع الولايات المتحدة، يبق الرئيس الأمريكي الملياردير غير مرتاح للعمل المشترك الروسي الإيراني في سوريا، وهو ما دفع صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية إلى القول إن “دبلوماسية دق الأسافين قد تكون أحد الخيارات الرئيسيّة لإدارة الرئيس الأميركي الجديد في الشرق الأوسط، خاصة بين روسيا وإيران”.
محاولة لإفساد التحالف
وتشير الصحيفة في تقرير لها نشر ترجمته موقع “هافينغتون بوست عربي”، الإثنين، إلى أن إدارة أوباما تدرس سبل إفساد التحالف العسكري والدبلوماسي الروسي مع إيران سعياً وراء إنهاء النزاع في الملف السوري، بحسب ما قال كبار المسؤولين الأميركيين والأوروبيين والعرب المشاركين في مناقشة السياسات الجديدة للرئيس المنتخب مؤخراً.
ونقلت الصحيفة عن أحد أحد كبار المسؤولين بالإدارة الأميركية أن البيت الأبيض ليست لديه مخاوف من روسيا ولا يرى الرئيس بوتين “أقل شأنا”، وشدد على أن إدارة ترامب لا ترى أن روسيا تمثل نفس الخطر الذي استشعرته تجاه الاتحاد السوفيتي خلال الحرب الباردة وفِي الوقت ذاته فإن ترامب ملتزم بفرض القيود على إيران.
وقال المسؤول: “إذا كانت هناك إمكانية للإيقاع بين روسيا وإيران، فإننا نود دراسة ذلك”.
ومنذ توليه رئاسة أميركا صدر عن إدارة الرئيس ترامب تصريحات متناقضة حيال العلاقة مع روسيا، فبينما أدانت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي، العمليات الروسية وطالبت بإعادة موسكو شبه جزيرة القرم لأوكرانيا، كشرط لرفع العقوبات، أشار نائب الرئيس مايك بنس الأحد الفائت إلى أن واشنطن يمكنها رفع العقوبات المفروضة على موسكو على الفور “في حال تعاونها مع الولايات المتحدة في حربها ضد تنظيم الدولة الإسلامية”.
ووفقاً لـ”وول ستريت جورنال” ذكر أحد كبار المسؤولين الأوروبيين الذي أجرى مناقشات مع فريق الأمن القومي لترامب خلال الأسابيع الأخيرة أن “هناك دون شك تقارباً بين روسيا وإيران. ومع ذلك، فإن ما سيطلبه بوتين مقابل تقويض ذلك التحالف ليس واضحاً بعد”.
مهمة صعبة
ويعتقد خبراء روس ن إقناع بوتين بالتراجع عن تحالفه مع إيران سيكون صعباً للغاية وباهظ التكلفة على حساب تحالفات الولايات المتحدة مع شركائها الغربيين.
وأمضت إدارة أوباما سنوات في محاولة إقناع روسيا بالتخلي عن إيران، خاصة فيما يتعلق بالملف السوري، ولم تحصد سوى قيام الدولتين بتكثيف عملياتهما العسكرية هناك من أجل دعم النظام الحاكم في دمشق.
وذكر دميتري سايمز، أحد الخبراء الروس ورئيس مركز المصالح القومية في واشنطن “إذا ما خفض الكرملين حجم إمدادات السلاح المقدمة إلى إيران، فمن الأرجح أن ينتظر تخفيفاً هائلا في العقوبات المفروضة على روسيا. فالروس لا يؤمنون بالهبات المجانية”.
وذكر الكرملين أنه يستهدف تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة في ظل إدارة ترامب، ولكنه أعرب خلال الشهور الأخيرة أيضا عن عزمه مواصلة التعاون مع إيران.
وتعول الإدارة الأمريكية على الانقسامات المحتملة بين موسكو وطهران حول الاستراتيجية المستقبلية في سوريا والشرق الأوسط الأوسع نطاقاً.
ويقول مايكل ليدين، الخبير الأكاديمي الذي كان يعمل مستشاراً لدى مستشار مجلس الأمن القومي: “تتمثل القضية فيما إذا كان بوتين مستعداً للتخلي عن آية الله خامنئي. وأعتقد أن ذلك ممكن إذا ما اقتنع أننا سنتولى أمر إيران. واستدرك قائلا”أشك في أنه يرى ذلك اليوم”.
وأجرت روسيا وإيران وتركيا محادثات في كازاخستان خلال الأسابيع الأخيرة حول سوريا، وذكر المشاركون في المحادثات، التي استبعدت كبار الدبلوماسيين الأميركيين، أن روسيا بدت أكثر تقبلاً من إيران لمناقشة مستقبل سوريا دون وجود الأسد في سدة الحكم، بحسب الصحيفة الأمريكية.
نقطة اختلاف
ويتجلى أحد أوجه الاختلاف بين روسيا وإيران حيال سوريا، في أن بوتين نجح إلى حد كبير في إنقاذ الأسد من الانهيار من خلال الضربات الجوية، لكن الكرملين يهتم بتحصين تواجده العسكري طويل الأجل في سوريا ولا يرى بالضرورة أن الأسد شريك مستمر بتلك المحادثات، بحسب مسؤولين غربيين.
وعلى النقيض من ذلك، تلتزم إيران التزاماً كاملاً تجاه الأسد باعتباره شريكاً رئيسياً في شحن الأسلحة والأموال إلى الوكلاء العسكريين لإيران في لبنان والأراضي الفلسطينية، بما في ذلك “حزب الله” وحركة حماس. ومن الأرجح ألا تكون علاقة أي رئيس عربي لسوريا في المستقبل، حتى لو كان وثيق الصلة بالأسد، بمثل قوة علاقة الأسد حالياً بطهران.
ويقول فريد هوف، المسؤول السابق بالخارجية الأميركية الذي كان يتولى الإشراف على سياسة سوريا خلال الفترة الأولى لحكم الرئيس أوباما: “تدرك روسيا جيداً مدى فساد وعجز نظام حكم الأسد (…) وتعلم أن استقرار سوريا – وهي دولة تستحق أن يكون لها قواعد عسكرية بها على المدى الطويل – لن يتحقق في ظل وجود الأسد في سدة الحكم”.
ثمن كبير
ويعرب عدد من الخبراء الروس بواشنطن عن اعتقادهم أن بوتين سيطالب بثمن فادح مقابل أي تحرك من جانبه للابتعاد عن إيران.
وعلاوة على رفع العقوبات، يعتقد الخبراء أن بوتين سيطلب من الولايات المتحدة تخفيف حدة انتقاداتها للعمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا ووقف التوسع في فتح باب العضوية في حلف الناتو أمام البلدان المجاورة للحدود الروسية.
ومن المزمع أن تنضم مونتنيغرو (الجبل الأسود) إلى حلف الناتو هذا العام. ولا يزال يتعين على مجلس الشيوخ الأميركي التصويت بالموافقة على انضمامها للحلف.
وخلال تقرير صدر يوم الجمعة 3 فبراير/شباط 2017، حذر معهد دراسات الحرب في واشنطن أنه حتى لو قررت موسكو الابتعاد عن طهران، فلن يحد ذلك من النفوذ الهائل لإيران على المؤسسات الاقتصادية والعسكرية والسياسية السورية.
وذكر التقييم أن “أي جهود أمريكية للقضاء على نفوذ إيران في سوريا من خلال روسيا سوف تنتهي دون شك بالفشل”.
وأشار التقرير إلى أن روسيا قدمت منظومة S-300 المضادة للصواريخ إلى إيران بعد أن قامت طهران والولايات المتحدة وخمس قوى عالمية أخرى بتنفيذ الاتفاق النووي منذ عام واحد. وتحدث الكرملين منذ ذلك الحين عن التوسع في التعاون العسكري والنووي مع طهران.
ومع ذلك، سعى ترامب إلى تحسين العلاقات مع موسكو، وهو الأمر الذي أيده بوتين علانيةً. وأشار الرئيس الأميركي الجديد إلى إمكانية تخفيف العقوبات المفروضة على روسيا إذا ما اتخذ الكرملين خطوات جادة نحو التعاون في محاربة تنظيم “الدولة الإسلامية” في سوريا والعراق ومواجهة مخاطر الأمن القومي التي تهدد الولايات المتحدة.
في المقابل ، فقد أوضح ترامب ومستشاروه منذ تولى الرئاسة أن فرض القيود على إيران سيكون من بين أولوياتهم. وأقروا أيضاً سراً أن تعاون الكرملين ليس أمراً مؤكداً.
[sociallocker] [/sociallocker]