“حماية”.. مشروع متكامل ومفهوم مختلف للعمل الإغاثي


ليس المهم أن تقدم المعونة المختزلة بسلة إغاثية في كل حين، بل ربما ينتظر منك الناس أن تعطيهم مفاتيح لفتح أبواب المعيشة والحياة الكريمة الموصدة بوجوههم.

جمعيات ومنظمات أدركت هذه الحقيقة وسعَت إلى دعم المجتمع السوري عبر بوابة أوسع من مجرد المساعدة المؤقتة وإنما من خلال التدريب وتوفير فرص العمل أو حتى تأهيل البنية التحتية.

لا يعني ذلك الإستغناء عن تقديم كل أشكال الإغاثة لكن على ألا يكون ذلك على حساب الإستدامة. وعلى هذا الدرب سار مشروع “حماية” في دعم المدنيين بريف إدلب، ولا سيما النساء اللاتي تضرّرن من الأوضاع في البلاد في مختلف المجالات، وذلك  بدءاً من تقديم العون للأرامل، مروراً بمساعدة الأيتام والعاطلين عن العمل والأسر فاقدة المعيل، وليس نهايةً بدعم الأفراد لتأسيس مشاريع تنموية وربحية بهدف تحقيق ربحٍ مستدام.

و”حماية” هو برنامج يهدف لحماية المرأة ويتفرع هذا البرنامج الى مشاريع “منظمة ركين، بيت الحكمة، جمعية واعتصموا ومنظمة الفرقان ومنظمات اخرى”.

 

جمعية “واعتصموا”

 

يقول مصطفى أكتع، أحد العاملين بجمعية “واعتصموا الخيرية” لـ صدى الشام: “إن الجمعية تعمل على حماية المرأة اقتصادياً من خلال تأمين فرص عمل للنساء فاقدات المعيل، ليكون مصدر الدخل سنداً لها وليحميها من أن تكون عرضة للاستغلال والابتزاز ويساعدها على تربية أبنائها تربية سويّة جيدة من خلال تأمين متطلباتهم وعدم اشعارهم بغياب المعيل”.

وأضاف أنه يتم توفير العمل للمرأة غير المتعلمة بما يناسب وضعها، وذلك في مركز مخصص للنساء لتحضير مواد المونة والمربيات والخضراوات المجففة ومواد أخرى، لافتاً إلى أن المشروع  ُسمّي “خيرات الشام” بالتعاون مع منظمة بيت الحكمة، و بوجود مرشدات نفسيات لتوعية هؤلاء النساء وتأمين الدعم النفسي لهم.

وتابع: “تأسست جمعية (واعتصموا) في 5/9/2012  في ريف إدلب الجنوبي، وأهم أهدافها هي السمو بالعمل الإنساني لتحقيق متطلبات المنطقة اجتماعياً واقتصادياً وتنموياً وتعليمياً”.

 

 

 

ومن أبرز إنجازات الجمعية بحسب ” أكتع” مشاريع: المول، الكازية،  فرن الأربعين، الاتصال الفضائي الانترنت، بيت المونة”، إضافةً إلى مركز العلاج الفيزيائي، وتعبيد الطرقات، والإنارة، وإنشاء مركز إيواء. ويُضاف إليها مشاريع تعليمية وأبرزها إنشاء مدرسة صيفية، ومدرسة خاصة، ومشاريع إغاثية مثل توزيع ألبسة، وسلل إغاثية، ومساعدات مالية.

وبيّن أكتع أن الجمعية لديها مكتب الأيتام الذي يكفل أكثر من 500 يتيم شهرياً، حيث توفر الجمعية 80 فرصة عمل 40 منها لرجل معيل في أُسر فقيرة، و40 أخرى لامرأة فاقدة المعيل، وأشار إلى أن الجمعية تسعى لاستقطاب جميع المشاريع التنموية لإعالة وتوظيف فاقدات المعيل، وتوفير فرص عمل للشباب العاطل عن العمل، وتأمين المساعدات الشهرية للفقراء، وكفالات الأيتام عن طريق الربح من المشاريع التنموية التي يتم تأسيسها، وإعادة إنشاء مشاريع جديدة للوصول إلى الاكتفاء الذاتي داخل المنطقة التي تغطّيها الجمعية، وتعميم هذه التجربة على مناطق أخرى مجاورة.

وأكد أن الجمعية تواجه صعوبات عدّة لتحقيق متطلبات المنطقة التي تغطّيها وأبرزها أن معظم المنظمات المساندة تترك مناطق الداخل السوري بسبب اعتبارها منطقة ساخنة وتتّجه إلى المناطق الحدودية ما يحرم السكّان في الداخل من الانتفاع، إضافة إلى توجّه معظم المنظمات إلى المشاريع الاغاثية وابتعادهم عن المشاريع التنموية، الأمر الذي يزيد من صعوبة المهمة.

وأردف: “إن جمعيتنا تقوم بتفعيل دور المرأة وحمايتها عن طريق دورات توعية وحملات المناصرة وكانت الجمعية في بداية تأسيسها قد تبنّت بشكل رئيسي فكرة إعالة فاقدة المعيل بأي طريقة تتاح لها وخصوصاً فيما يتعلق بكفالات الأيتام ودورات التوعية.

 

منظمة ركين

 تأسست في المناطق المحرّرة بجهود عدد من المتطوعين الذين بدؤوا العمل الإنساني في عام 2012 لتوحيد الجهود لإغاثة الشريحة الأشد عوزاً من السوريين في الداخل، وحصلت على ترخيص في تركيا عام 2016، وفقاً لما أوضحت عضو إدارة منظمة ركين “إيمان الشامي”.

وأضافت أن الجمعية تهدف إلى المساهمة في تحويل المجتمع السوري لمجتمع منتج يعتمد على ذاته، وإيصال المساعدة إلى الناس الأكثر حاجة، خصوصاً الأرامل والأيتام، إضافةً إلى توفير الخدمات الصحية لجميع أفراد المجتمع بما يتوافق مع المعايير الدولية، والعمل على بناء الخبرات واكتساب المهارات من خلال التدريب والتعليم.

ولفتت إلى أن أبرز التحديات التي تواجهها المنظمة تتمثّل في إيجاد داعمين دون أجندة أو طلبات خاصة، فضلاً عن قلّة الموظفين الخبراء في العمل الإنساني، إضافةً لعدم وجود رؤية واضحة للعمل الإنساني في المناطق المحرّرة في سوريا، ومخاطر السلامة والأمن الناجمة عن القصف والتفجير التي تواجه العمل الإنساني.

وبيّنت الشامي أن “ركين” أَنشأت ثلاثة مخيّمات شمال محافظة إدلب، تؤوي 650 مهجّراً، وحفرت ثمانية آبار في مخيّمات :أطمة، وصامدون، وعائدون. ودعمت 20 مخبزاً في إدلب بـ 515 طنّاً من الطحين وقدمت 15 سيارة إسعاف في حلب، وكما أمدّت ثلاثة مشافي بالادوية والمعدّات وأدخلت أول قافلة مساعدات إلى حلب المحاصرة بعد فك الحصار الأول عنها.

 

 

وأوضحت الشامي أن مشروع “حماية” أنشأ ثلاثة مراكز للدعم النفسي في ريف إدلب، ووظّف 70 شخص في مشاغل أنشأها، إضافةً لإنشاء مراكز لإرشاد النساء وتوعيتهم في القضايا التي تخص المرأة كالرضاعة الطبيعية وتربية الأولاد والتعليم والزواج المبكر.

 

بيت الحكمة

 يعود تأسيس مركز بيت الحكمة الثقافي إلى نهاية عام 2015. ويسعى العاملون بالمركز إلى تفعيل دور الشباب في المجتمع من رجال ونساء من خلال تأهيل كوادر شبابية متميزة، حسبما يذكر المدير التنفيذي للمركز ” ابراهيم تريسي”. ويضيف في حديثه  لـ “صدى الشام” أن فكرة إطلاق المركز جائت من حاجة المجتمع لهذه المراكز الثقافية والتعليمية.

ويوضح تريسي أن المركز استطاع تدريب أكثر من 200 امرأة بمجالات مختلفة ومنها تخريج 10 نساء بدورة الحلاقة النسائية ومساعدتهن على افتتاح صالونات خاصة، ويتابع: “نسعى إلى افتتاح دورات متعددة وللمتابعة مع المتدربات بعد التخرج ومساعدتهن على الانطلاق بأعمالهن”.

وحول أبرز الصعوبات التي تواجه المركز بيّن تريسي أنها تتمثّل في الوضع الأمني الراهن من جهة، وقلّة الموارد من جهةٍ أخرى.



صدى الشام