دستور سوري، صناعة روسية احذروا التقليد
8 شباط (فبراير - فيفري)، 2017
فوزات رزق
لا يستطيع أحد في سورية أن يتجاهل أهميّة الصناعة الروسية، وقدرتها على إثبات فاعليتها؛ وذلك في مجال الأسلحة والأعتدة الحربية؛ بدءًا من سيارة الزيل 57 وانتهاء بأحدث طراز لطائرات السوخوي والميغ ودبابات تي 82 وما تلاها، مرورًا بصواريخ السكود التي حققت فاعليتها على الأراضي السورية، وذلك؛ بحسب تصريحات كثير من العسكريين الروس الذين تأكدوا من نجاعة أسلحتهم التي باتت الأراضي السورية -عامة- حقل تجارب لها.
واليوم تعكف القيادة الروسية -استمرارًا لجهدها في ترسيخ التعاون ومدّ يد العون للسوريين كي يخرجوا من مأساتهم بسلام- على صوغ دستور جديد لسورية الغد، ظهرت مسوّدته للوجود، وقدمت نسخة منه للمناقشة على مختلف المستويات، فكان صناعة روسية مكفولة ضد العطب وضد الماء؛ إيمانًا من الكرملين أنه من يفعل الخير لا يعدم جوازيه. فبعد أن ساهم العسكر الروس بالقضاء على الإرهاب الذي كان يهدد أمن البلد، كان لا بدّ للسياسيين الروس من أن يدلوا بدلوهم ويكمّلوا معروفهم، وبخاصة أنه أصبح للأصدقاء الروس مصالح؛ فقواعدهم ومنشآتهم على الأراضي السورية التي أقيمت بموجب الاتفاقيات التي عقدت أخيرًا بين الحكومتين: السورية والروسية، ينبغي أن تصان. ليس من المعقول أن تترك الأمور هكذا دون ضمانة. من يضمن بقاء هذه المنشآت الروسية في اللاذقية وطرطوس بعيدة عن الأذى، ومتمتّعة بالحصانة التي منحتها لها هذه الاتفاقيات.؟ بل من يضمن استمرار هذه الحصانة للمواطنين الروس العاملين في هذه المنشآت، وعدم الاعتداء عليهم؟ إذن، لا بدّ من دستور جديد يحمي هذه المصالح وتلك المنشآت والعاملين فيها الذين تكبدوا مشقة الاغتراب عن بلادهم، وجاؤوا لحماية الشواطئ السورية من أي اعتداء محتمل.
قد يقول بعضهم من حق السوريين أن يصوغوا الدستور الذي يلائمهم. أعتقد أن هذا كلام فارغ. فلنذكّر هؤلاء الذين يرفضون الدستور الروسي، أن الدستور الذي سيصنعه السوريون سيكون صناعة وطنية غير مأمونة ولا مكفولة.
فالصناعة الوطنية غير موثوقة. ونحن على سبيل المثال ثقتنا مطلقة بالبضاعة الأجنبية إذ نسمي الصناعة الأجنبية أصلية، فحينما كنا نريد شراء بلورة للكاز -مثلًا- كان الدكنجي يسألنا: أتريدونها وطنية أم أصلية؟ فنقول له: وطنية. لأننا نحب الوطن ولا نملك ثمن بلورة أصلية. فيعطينا بلورة وطنية زجاجها سميك وغير صافٍ، تتخلله فقاعات هواء، وفوهتها غير منتظمة تجرح اليد عند جليها، حينما تمتلئ بالشحار.
والخوف كل الخوف إذا أصرّ السوريون على صناعة دستور وطني، أن يكون مثل البلورة الوطنية التي كنا نذوق الأمرين عند تنظيفها من السخام.
إذن فلتفرحوا أيها السوريون، ولتضحكوا بعبكم، أنكم وجدتم من يصوغ لكم دستورًا أصليًا خاليًا من الغش، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. فأصدقاؤنا الروس أشفق من الأم على ولدها والمثل يقول:
“مين أشفق مني على ولدي؟ جارتي الملاّقة”.
[sociallocker] [/sociallocker]