من يتحمل مسؤولية الحرائق المتكررة في مخيمات ريف حلب الشمالي؟
8 فبراير، 2017
لا يكاد سكان المخيمات في ريف حلب الشمالي ينتهون من حريق حتى يصحوا على آخر، فقد التهمت الحرائق الأسبوع الماضي خياماً عدة في مخيم باب السلامة الحدودي للمرة الثالثة على التوالي في غضون شهرين، مخلفةً وراءها عدداً من الجرحى، بينما اتجهت المؤشرات إلى “مدافئ الكاز” باعتبارها السبب وراء إشعال هذه الحرائق المتكررة.
وتدفع درجات الحرارة المنخفضة في المنطقة بالأهالي ممن تقطعت بهم السبل إلى استخدام وسائل تدفئة غير آمنة، مثل مدفأة الكاز على الرغم من المخاطر المرتفعة الناجمة عن استخدامها، ولسان حالهم يقول:”الموت احتراقاً ليس أهون منه تجمداً”.
يقول علي العيد وهو أحد سكان المخيم لـ”صدى الشام”: “لم تقدّم إدارة المخيم لنا مدافئ الحطب، أو مادة الحطب، كما أن مادة المازوت مرتفعة الثمن، لذلك نلجأ إلى التدفئة على الكاز الذي ارتفع ثمنه مؤخراً أيضاً، وصار مكلفاً أيضاً كغيره من وسائل التدفئة الأخرى”، ويشير إلى أن سعر الليتر الواحد من النوع المكرر بطريقة بدائية يصل إلى حوالي 250 ليرة سورية.
وبحسب العيد فإن المدفأة الواحدة تحتاج إلى حرق حوالي 2 ليترمن مادة الكاز، ما يجعل من توفيره تحدياً اقتصادياً لا تستطيع الكثير من العائلات تجاوزه.
ويوضح أن السبب الرئيسي الذي يقف وراء تسبب هذه المدافئ باشعال الحرائق، يعود إلى جهل الأهالي باستخدامها، وإلى قلة جودة المدافئ الموزعة من قبل بعض المنظمات الإغاثية، مبيناً أن ” الأهالي يقومون بتعبئة المدفأة بمادة الكاز وهي مشتعلة، بينما تقتضي السلامة أن تكون غير مشتعلة وباردة أيضاً”.
ويستطرد ” تتسبب مادة الكاز المتوفرة في السوق المحلية باندلاع غالبية الحرائق”، لافتاً إلى أن “مادة الكاز المنتجة بطريقة بدائية تحوي على نسب عالية من مادتي البنزين والكيروسين، ما يجعل من اندلاع الحرائق أمراً طبيعياً”.
بدوره قال معاون مدير مخيم باب السلامة نزار نجار لـ صدى الشام: “لم نتسلم هذا العام مدافئ من المنظمات، وكل المدافئ التي يتم استخدامها تم توزيعها في العام الماضي”، مشيراً إلى عدم صلاحية هذه المدافئ للاستخدام لأكثر من موسم واحد.
وأضاف “لقد وزعت منظمة “وورد فيجن” 45 ليتر من مادة الكاز الجيد خلال شهرين لكل خيمة، ولم تقُم بتوزيع كميات أخرى، ما دفع الأهالي إلى شراء مادة الكاز السيئة من السوق السوداء، الأمر الذي يتسبب في زيادة حوادث الحرائق”.
من جانب آخر أشار نجار إلى غياب مراكز الدفاع المدني عن كل المخيمات المنتشرة على الشريط الحدودي التركي، معرباً عن أسفه لعدم استجابة مديرية الدفاع المدني للطلبات المتكررة من إدارات المخيمات بتزويدهم بأجهزة إطفاء يدوية على الأقل.
وتابع:” في الحادثة الأخيرة لم تصل فرق الدفاع المدني إلا بعد أن أتت ألسنة النيران على عشر خيم، وبعد أن أخمد الأهالي الحريق بالمياه والأغطية”.
من جهته أشار مدير الدفاع المدني السوري رائد الصالح إلى صعوبة التعامل مع الحرائق في المخيمات، نظراً لأن معدل احتراق الخيمة بشكل كامل لا يستغرق أكثر من 70 ثانية، لأن الخيام مؤلفة أساساً من مواد قابلة للاشتعال، فضلاً عن وجود الأغطية البلاستيكية المطليّة بمادة الشمع التي تستخدم في عزل الخيمة، والتي تساعد في اندلاع الحريق بشكل سريع للغاية.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ صدى الشام” :”ليست المشكلة بوجود الدفاع المدني أوعدم وجوده في المخيمات، بقدر ما تكمن في استخدام أقمشة وعوازل غير معدة لمقاومة الاحتراق”، مشيراً إلى استحالة السيطرة على الحريق وسط وجود كل هذه المواد القابلة للاشتعال.
ورداً على شكاوى إدارت المخيمات حول عدم تأمين مطافئ يدوية لهذه المخيمات قال الصالح: “حتى مع وجودها فهي غير مجدية البتة، والحل الوحيد للتعامل مع هذا النوع من الحرائق هو تحييد بقية الخيام المحيطة، منعاً لتوسيع مساحة الحرائق فقط”.
لكن الصالح بالمقابل أعرب عن أسفه لعدم تمكن الدفاع المدني في ريف حلب الشمالي من تغطية كل المخيمات بسبب كثرة عددها، وقلة عدد عناصر الدفاع المدني، وقال: “نحن بصدد دراسة توزيع فرق دفاع مدني دائمة في المخيمات الحدودية، أو العمل على تدريب عدد من المتطوعين من سكان المخيمات على التعامل مع الحرائق”.
يذكر أن حريقاً ضخماً كان قد اندلع في مخيم باب السلامة في أواخر العام الماضي أدى حينها إلى مقتل طفلين من عائلة واحدة وإصابة بقية الأفراد بجروح متفاوتة الخطورة، نتيجة لاستخدام وسائل تدفئة غير آمنة (مدفأة الكاز)، كما سُجلت حرائق أخرى في مخيمات “شمارين” و”روبار” وغيرها من المخيمات الأخرى.
[sociallocker] صدى الشام
[/sociallocker]