عدد من الأطباء مع معداتهم والأدوية وبوسائل متواضعة داخل عيادات متنقلة يسعون لتأمين الخدمات الطبية لأعداد كبيرة من سكان المناطق الخارجة عن سيطرة النظام والخالية من النقاط الطبية بمعظمها.

هذا المشهد يلخص مبدأ عمل هذه العيادات التي شكلت حلاً تغلّب على واقع صعب تعيشه المناطق المحررة.

حول هذا الموضوع تواصلت “صدى الشام” مع عدد من مشرفي العيادات المتنقلة في أرياف إدلب وحلب وحماة لمعرفة آلية عملهم، ومساعيهم لسد جزء من النقص في القطاع الطبي لدى سكان تلك المناطق والتي يغلب فيها انتشار المخيمات على مساحات جغرافية واسعة.

ومن بين هذه النماذج هناك عيادات متنقلة افتتحتها هيئة “ساعد” بتاريخ 21 كانون الأول 2017 بدعم من الهيئة الاسلامية العالمية، وتتألف من ثلاثة عيادات (داخلية، أطفال، نسائية) بالإضافة إلى صيدلية، ويشرف على كل منها طبيب مختص إلى جانب قابلة قانونية.

 

تقدم هذه العيادات الدعم الطبي والدوائي لقرى وبلدات ريف حلب الغربي بمعدل يوم في الأسبوع ولمدة خمسة أيام، من الساعة 8 صباحاً حتى 3 عصراً، إذ تفتقر هذه المناطق إلى خدمات طبية وتحوي عددًا كبيرًا من مهجري مدينة حلب.

وقال المشرف على العيادات “مصطفى العلاوي” لــ صدى الشام: ” إن الإقبال على عياداتنا جيد جدًا فيوميًا نستقبل قرابة 120 مراجعًا ومراجعة في العيادات الثلاث، وحالياً ننسق مع المجالس المحلية والجوامع بكل منطقة نذهب إليها لتسيير أمور المرضى بشكل أفضل، ولدينا رقم للشكاوى وعنوان بريد إلكتروني للاستفسار مطبوع على ورق الوصفات التي نكتبها لهم”.

أما العيادات المتنقلة التابعة لمؤسسة أورينت الإنسانية فقد أنشأت منذ ستة أشهر نتيجة الوضع الطبي السيء، والمعارك المحتدمة والهجمة الشرسة لقوات النظام والمليشيات الأجنبية الداعمة لها والتي أدت إلى موجات نزوح كبيرة تركزت بمناطق مختلفة وأفرزت مخيمات غير مخدّمة طبيًا وإسعافيًا في ريف إدلب الشمالي والجنوبي منها مخيم “كللي” و”كفتين” و”عين شيب” و”بكفلون”، ويأتي إنشاء هذه المخيمات كمرحلة أولى يتم خلالها تكليف طبيب وطبيبة يقدمان الأدوية أيضًا داخل العيادة.

 

وقال مدير عيادات أورينت “عمار خطيب” إن المرحلة الثانية من العمل وبالاتفاق مع المنظمات الأخرى شهدت توجه عياداتهم إلى مناطق نزوح أهالي حلب المهجرين مثل “مرعيان” و”كفرشلايا”، وبإشراف مدير وكادر مؤلف من طبيبة اختصاص داخلية وقابلة قانونية وممرض يعالجون 60 حالة يوميًا بمعدل عمل 24 يوم بالشهر.

أما بريف إدلب الشرقي فتعمل العيادة المتنقلة التابعة لمنظمة SRD  وتغطي 6 مناطق ومخيمات (حوا ومخيماتها، الشيخ بركة ومخيماتها، مخيم النور، مخيم جدار معراتا، مخيمات معصران، مخيمات معرشورين) ويديرها طبيب عام، ومرشدتان اجتماعيتان إحداهما تعمل بالقبالة، وممرضان مع موثق.

ويقوم الطبيب العام بعلاج الحالات التي ترِده، أما تلك التي لا يتمكن من تشخيصها فيحولها إلى أقرب مركز طبي تابع للمنظمة ذاتها. حسبما يوضح المنسق الإعلامي “مروان الدغيم” الذي أشار إلى أن دوام العيادة من الساعة 8 صباحًا حتى 2 ظهرًا، ويتم أسبوعيًا معاينة 350 حالة تقريبًا في المناطق التي يزورونها، وهنالك عيادات أخرى في مناطق أبو الظهور بريف إدلب، وثانية بريف حلب الغربي.

 

 

ويسعى العاملون في عيادة SRD  للتخفيف عن الناس خصوصاً لجهة توفير الدواء مجانًا في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية وتحديداً في المخيمات النائية، بالإضافة إلى إقامة حفلات ترفيهية للأطفال بين الحين والآخر.

وليس ببعيد عن الأرياف آنفة الذكر هنالك عيادات متنقلة انطلقت بعملها مع أواخر عام 2015 في ريف حماة الشرقي، وبضع نقاط من ريف إدلب الجنوبي الشرقي، واستهدفت 26 مخيماً وتجمعًا سكانيًا في منطقة جغرافية واسعة لا يوجد فيها أي مركز طبي ويصل عدد سكانها المستفيدين إلى حوالي ٢٥ ألف نسمة ثلثهم نازحون.

وعن آلية عملهم قال منسق العيادات “خالد علي المصطفى”: “تَخرج سيارة العيادة المتنقلة التابعة لمنظمة Relief International وفيها طبيبا أطفال وآخران اختصاص داخلية، وممرضان وقابلة، وتتم داخلها معاينة المرضى ويُصرف الدواء من العيادة، أما الدواء غير الموجود فيُكتب بوصفة خارجية، إلى جانب إحالة المرضى الذين لا يمكن معالجتهم فيها للمركز الطبي المناسب سواء كان تابع لنفس المنظمة أو غيرها”.

ولدى منظمة Relief International عيادتان أي سيارتان مدة دوامهما ٧ ساعات يوميًا، وكل عيادة تزور ١٣ نقطة مرتين بالشهر، يصل لكل منهما حوالي ٢٠٠٠ مريض شهريًا.

إذاً ومما تقدم يمكن القول أن العيادات المتنقلة وإنْ كان يُنظر لها كحلّ مؤقت لتعويض النقص في خدمات المراكز الصّحية والمستشفيات، لكنها باتت مع الوقت تقوم بدور لا غنى عنه يُحتّم نشرها على أوسع نطاق خصوصاً وأن نظام الأسد وروسيا أثبتا أن هذه المراكز هي أهداف دائمة لقصفهم وعملياتهم العسكرية.

[sociallocker] صدى الشام
[/sociallocker]