معدلات التضخّم في سوريا إلى ارتفاع.. وتوقّعات بظروف معيشية أسوأ
8 شباط (فبراير - فيفري)، 2017
ما يزال التضخّم في سوريا مستمرّاً دون أي توقّف، وهو ما يظهر جلياً في ارتفاع الأسعار، وهو ما أثقل كاهل السوريين الذين يعيشون في مناطق نظام الأسد أو المعارضة على حدٍّ سواء، إذ أن موجة التضخّم الهائلة التي تعود لعدّة عوامل لا تعرف شيئاً عن جبهات المعارك وانقسام المناطق الجغرافية عسكرياً.
ويؤدّي ازدياد معدّلات التضخّم إلى انخفاض القيمة الشرائية للعملة المحلية، بسبب ارتفاع الأسعار وعدم قدرة العملة على تلبية احتياجات السوق.
ماذا يعني التضخّم النقدي؟
يقول باحث متخصّص بالشأن الاقتصادي لـ “صدى الشام”: “إن التضخّم النقدي هو مصطلح يشير إلى الارتفاع الكبير في أسعار السلع والأسواق حتى تتضاءل القيمة الشرائية لليرة، وتصبح غير قادرة على تأمين السلع الأساسية التي يحتاجها الإنسان بشكلٍ يومي”، لافتاً إلى أن أثر التضخّم يظهر بشكلٍ سريع، ويشعر به المواطن العادي محدود الدخل الذي لا يملك موارد مالية كبيرة لتلبية احتياجاته الأساسية.
وشرح الباحث الذي رفض الإفصاح عن اسمه لـ “صدى الشام” أنه على غرار التضخّم النقدي هناك تضخّم في الأسعار، وتضخّم في الدخل، وفي التكاليف، وفي الائتمان المصرفي، لكنه أشار إلى أنه عندما يحدث أي نوع من أنواع التضخم هذه فإنه سرعان ما ينعكس على البقية، ويمتد التضخّم ليشمل النواحي الأساسية، لأن التداول الاقتصادي يكون مترابطاً.
أرقام مخيفة
قبل أيّام أظهرت بيانات رسمية نقلتها وسائل إعلام موالية لنظام الأسد أن معدّل التضخم ارتفع بنسبة 27% بين شهري أيار وحزيران الماضيين، مضيفةً أنه بهذه النتيجة يصبح إجمالي معدّل التضخّم 660% حتى شهر حزيران من عام 2016، مقارنة مع شهر حزيران من عام 2010، أي أنه وبالنسب المئوية فإن التضخّم خلال سنوات الثورة السورية ارتفع بنسبة 39.6%.
وفي مطلع شهر كانون الأول من الماضي نشر “المكتب المركزي للتعبئة والإحصاء” التابع للنظام بياناتٍ تشير إلى أنَّ التضخّم ارتفع في سوريا بنسبة 521% بين أيار من عام 2010 وأيار من عام 2016، وهذه الأرقام تتطابق مع الأرقام السابقة، ولا سيما أن شهر أيار شهد نسبة تضخّم بمعدّل 1.8% مقارنة مع شهر نيسان الذي سبقه.
وذكرت بيانات المركزي حينها أنّ معدّل التضخّم في قطاعات السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى ارتفع بمعدل 298% حتّى شهر أيار، مقارنةً مع شهر أيار من عام 2010، في حين بلغ معدّل التضخّم في قطاع الصحّة خلال الشهر ذاته 374% مقارنة بالفترة ذاته، بينما بلغ معدّل التضخّم في قطاع التعليم 200%، والمطاعم 1318% والتي سجّلت أعلى نسبة تضخّم سنوي في تاريخ سوريا.
وكان الخبير الاقتصادي شفيق عربش، المدير السابق للمكتب المركزي للإحصاء، قد أجرى قياساً لتوقعات التضخم لعام قادم بناءً على معدلات الارتفاع الوسطية السابقة، وتوصل إلى أن النصف الثاني من العام 2016 سيشهد زيادةً في التضخم بمعدل 30%، ما يعني وصول تقديرات ارتفاع مستوى الأسعار في عام 2016 إلى 69 % وهو ما تحقّق فعلاً.
توقّعات متشائمة
يجزم الباحث الذي تحدث لـ “صدى الشام” أن أبرز أسباب ارتفاع معدلات التضخّم هي ارتفاع أسعار المشتقّات النفطية وعلى رأسها المازوت في شهر حزيران الماضي، والذي أدّى حينها إلى ارتفاع ملحوظ في أسعار السلع والخدمات في الأسواق، ورافقه انخفاض في سعر صرف الليرة السورية أمام القطع الأجنبي، موضحاً أنه حتى بعد تحسّن الليرة السورية أمام الدولار فإن الأسعار والخدمات لم تعد للانخفاض بل ارتفعت مجدّداً، وهذا من أبرز علامات التضخّم النقدي.
واعتبر أن السياسة النقدية التي ينتهجها نظام الأسد قد فشلت تماماً ولا سيما فيما يخص ضبط الأسواق، والقضاء على الاحتكار الذي تقف خلفه شخصيات مقرّبة من الأسد، لأن إفلاتها من قبضة الرقابة سيؤدّي إلى تذبذب الليرة السورية بسبب ارتفاع الأسعار وبالتالي المزيد من التضخّم.
وأضاف: “إن الحكومات التي تعاقبت خلال سنوات الثورة في سوريا كانت جميعها حكومات حرب مخصّصة لإدارة البلاد كما تسير الظروف بشكلٍ عام، ولم يكن لديها أي بعد نظر أو خطط استراتيجية لمواجهة التضخّم أو وضع جداول زمنية لوقف تمدّد الدولار على حساب الليرة السورية”، مشيراً إلى أنه لا حكومة النظام ولا حتى أي حكومة أخرى حالياً بإمكانها إنقاذ الأسواق السورية من موجات التضخّم، ومؤكّداً أنه سيستمر وسينعكس أكثر على حياة السوريين ما سيزيد الوضع سوءاً.
ويرى الباحث أن الحل “الإسعافي” من وجهة نظره هو أن تتجه حكومة النظام حالياً إلى رفع معدّل الاستيراد لكن ليس كما تفعل الآن وتبيع المنتجات السورية إلى إيران بمبالغ زهيدة، ودعا إلى إيجاد سوقٍ بديل من الممكن تصريف أي من المنتجات السورية فيه إن وجد، موضحاً: “أن موارد سوريا المعدّة للاستيراد حالياً لا يمكن اعتبارها قادرة على مواجهة التضخّم لكن ربمّا يتم استثمار ما بقي منها وتصريفها في سوق يحسّن الليرة السورية.
[/sociallocker]