Written by
MICRO SYRIA ميكروسيريا
on
on
مصطفى فحص يكتب: طهران وواشنطن وقواعد الاشتباك الجديدة
مصطفى فحص
نجحت إيران بالاستثمار في أزمات المنطقة، حققت أرباحا كثيرة، منها مشروعة وأخرى غير مشروعة، فقد حصدت وبالجملة مكاسب ضخمة، أغلبها نتيجة للأخطاء الأميركية الفادحة في المنطقة، منذ إسقاط نظام صدام حسين، مرورا بالموقف الأميركي من الثورة السورية، وصولا إلى الاتفاق النووي الذي أطلق العنان للرغبة الإمبراطورية الإيرانية على حساب شعوب ودول المنطقة.
منذ أربع عشرة سنة لم تكن إدارة جورج بوش الابن مدركة لحجم التغيير الذي أقدمت عليه في العراق. لم تكن التبريرات الأميركية مقنعة بأن ما حصل هو فقط تغيير سياسي بالقوة العسكرية، أما بالنسبة لطهران فإن ما حدث في التاسع من أبريل (نيسان) هو تحول جذري في الثوابت السياسية التي حكمت الشرق الأوسط منذ سقوط الدولة العثمانية، لذلك اندفعت للتعامل مع الواقع الجديد كفرصة تاريخية انتظرتها أكثر من 5 قرون.
منذ عام 2003 نجحت طهران في فرض شروطها على واشنطن، دفعتها إلى الاعتراف بدورها في العراق، ونجحت في تقاسم النفوذ معها. كان الأميركيون شبه خاضعين لشروط الابتزازات الإيرانية، ورغم الوجود العسكري الأميركي الهائل، فإن واشنطن فشلت في الحد من سيطرة طهران على مفاصل السلطة في بغداد. قبضت طهران على لعبة التفاصيل فتحولت إلى شريك مضارب، تحول هذا الشريك بفضل سياسة الانكفاء التي مارسها باراك أوباما إلى حاكم مطلق للعراق، الذي أضيف لخريطة التمدد الإيراني إلى جانب سوريا ولبنان.
راهن الإيرانيون على فوز هيلاري كلينتون، كان بعضهم على قناعة شبه نهائية بأنها ستحافظ على كثير من ودائع باراك أوباما، فتهيأوا للتعامل معها كأن ولايتها الرئاسية الأولى هي بمثابة ولاية ثالثة لباراك أوباما، لكن ببعض التفاصيل الجديدة التي قد تزعجهم، فاستعدوا لمرحلة مراوغة جديدة، أتقنوا في السابق إدارتها واستخدام أوراق كثيرة كفيلة لكي تجبر السيدة كلينتون على مراجعة مواقفها، لكن نتائج 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الأميركية، جاءت عكس ما تشتهي سفنهم.
لم يتأخر المقيم الجديد في البيت الأبيض عن رفع البطاقة الصفراء بوجه نظام طهران، لم ينتظر مهلة المائة يوم الممنوحة له لتشكيل إدارته وتحديد أولوياته كي يبلغهم أن الزمن تحول، وأن ليونة سلفه ولّت إلى غير رجعة، لكن طهران التي اعتادت على سياسة الابتزاز واللعب على حافة الهاوية قررت أن تستطلع مباشرة، لحاجتها إلى أن تعرف ما يخبئه الرئيس دونالد ترمب وفريقه، فوقعت في التجربة. كانت التجربة الصاروخية الإيرانية الأخيرة كفيلة بإخراج ما في جعبة دونالد ترمب ووزير دفاعه من احتمالات تصعيدية جدية، فلم تتأخر قطع من الأسطول العسكري الأميركي عن الوصول إلى بحر العرب وخليج عدن. أصدرت الإدارة الأميركية حزمة عقوبات جديدة، وأعلنت أن مستقبل الاتفاق النووي سيكون على طاولة البحث في الأيام المقبلة، كما لم يتأخر نائب الرئيس الأميركي مايك بنس في تحذير القيادة الإيرانية من اختبار حزم الرئيس ترمب.
للمرة الأولى منذ انتصار الثورة الإيرانية تواجه إيران احتمال الصدام المباشر مع الولايات المتحدة، بقيادة جنرال أميركي على دراية كبيرة بأغلب تفاصيل المنطقة، وخصوصا العراق، فمنذ تسلمه قيادة البنتاغون لم يتردد وزير الدفاع الأميركي الجديد ماتيس من تحديد أهدافه، وهو يفضل الذهاب مباشرة إلى أصل المشكلة، على عكس أسلافه الذين أرهقتهم طهران في إشغالهم بالفروع، فنجحت حينها في حصد مكاسب كبيرة من خلال معارك فرعية خاضت معظمها خارج أراضيها، وعليه لم يعد مستبعدا أن تشهد المنطقة في الأشهر المقبلة تحولات جذرية من اليمن إلى العراق حتى سوريا، قد تستدعي وجودا أميركيا أكبر يجعل طهران أمام خيارين لا ثالث لهما، إما التنازل الذي يساعد في الوصول إلى تسوية فيها مصلحة لها ولجوارها، وهي خطوة تتطلب من القيادة الإيرانية أن تقوم بتجرع السم للمرة الثالثة، حفاظا على بقائها وبقاء النظام، ولكن هذه المرة بشروط جديدة، وإما خيار المواجهة التي ستحسمها موازين القوة التي في أقل تقدير ستحول إيران إلى بلد محاصر خسر أغلب أذرعه الخارجية، لا يختلف عن نموذج كوريا الشمالية.
في «عشرة الفجر» وهي الأيام العشرة الأولى من شهر فبراير (شباط) التي تحتفل إيران فيها كل عام بذكرى انتصار الثورة، يرتفع خطاب التحدي إلى أعلى المستويات، ومعه تبالغ طهران في استعراض عضلاتها، فتبدو المنطقة أمام احتمال مواجهة جدية بين راديكاليتين، الأولى إيرانية يقودها الحرس الثوري الذي يتصرف كأنه على مشارف خوض حرب وجودية، والثانية تيار راديكالي أميركي لن يتراجع عن استخدام القوة من أجل فرض رؤيته على المنطقة والعالم، مدفوعا بهاجس إعادة الاعتبار للتفوق الأميركي، وقدرة واشنطن على قيادة العالم.
منذ أربع عشرة سنة لم تكن إدارة جورج بوش الابن مدركة لحجم التغيير الذي أقدمت عليه في العراق. لم تكن التبريرات الأميركية مقنعة بأن ما حصل هو فقط تغيير سياسي بالقوة العسكرية، أما بالنسبة لطهران فإن ما حدث في التاسع من أبريل (نيسان) هو تحول جذري في الثوابت السياسية التي حكمت الشرق الأوسط منذ سقوط الدولة العثمانية، لذلك اندفعت للتعامل مع الواقع الجديد كفرصة تاريخية انتظرتها أكثر من 5 قرون.
منذ عام 2003 نجحت طهران في فرض شروطها على واشنطن، دفعتها إلى الاعتراف بدورها في العراق، ونجحت في تقاسم النفوذ معها. كان الأميركيون شبه خاضعين لشروط الابتزازات الإيرانية، ورغم الوجود العسكري الأميركي الهائل، فإن واشنطن فشلت في الحد من سيطرة طهران على مفاصل السلطة في بغداد. قبضت طهران على لعبة التفاصيل فتحولت إلى شريك مضارب، تحول هذا الشريك بفضل سياسة الانكفاء التي مارسها باراك أوباما إلى حاكم مطلق للعراق، الذي أضيف لخريطة التمدد الإيراني إلى جانب سوريا ولبنان.
راهن الإيرانيون على فوز هيلاري كلينتون، كان بعضهم على قناعة شبه نهائية بأنها ستحافظ على كثير من ودائع باراك أوباما، فتهيأوا للتعامل معها كأن ولايتها الرئاسية الأولى هي بمثابة ولاية ثالثة لباراك أوباما، لكن ببعض التفاصيل الجديدة التي قد تزعجهم، فاستعدوا لمرحلة مراوغة جديدة، أتقنوا في السابق إدارتها واستخدام أوراق كثيرة كفيلة لكي تجبر السيدة كلينتون على مراجعة مواقفها، لكن نتائج 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الأميركية، جاءت عكس ما تشتهي سفنهم.
لم يتأخر المقيم الجديد في البيت الأبيض عن رفع البطاقة الصفراء بوجه نظام طهران، لم ينتظر مهلة المائة يوم الممنوحة له لتشكيل إدارته وتحديد أولوياته كي يبلغهم أن الزمن تحول، وأن ليونة سلفه ولّت إلى غير رجعة، لكن طهران التي اعتادت على سياسة الابتزاز واللعب على حافة الهاوية قررت أن تستطلع مباشرة، لحاجتها إلى أن تعرف ما يخبئه الرئيس دونالد ترمب وفريقه، فوقعت في التجربة. كانت التجربة الصاروخية الإيرانية الأخيرة كفيلة بإخراج ما في جعبة دونالد ترمب ووزير دفاعه من احتمالات تصعيدية جدية، فلم تتأخر قطع من الأسطول العسكري الأميركي عن الوصول إلى بحر العرب وخليج عدن. أصدرت الإدارة الأميركية حزمة عقوبات جديدة، وأعلنت أن مستقبل الاتفاق النووي سيكون على طاولة البحث في الأيام المقبلة، كما لم يتأخر نائب الرئيس الأميركي مايك بنس في تحذير القيادة الإيرانية من اختبار حزم الرئيس ترمب.
للمرة الأولى منذ انتصار الثورة الإيرانية تواجه إيران احتمال الصدام المباشر مع الولايات المتحدة، بقيادة جنرال أميركي على دراية كبيرة بأغلب تفاصيل المنطقة، وخصوصا العراق، فمنذ تسلمه قيادة البنتاغون لم يتردد وزير الدفاع الأميركي الجديد ماتيس من تحديد أهدافه، وهو يفضل الذهاب مباشرة إلى أصل المشكلة، على عكس أسلافه الذين أرهقتهم طهران في إشغالهم بالفروع، فنجحت حينها في حصد مكاسب كبيرة من خلال معارك فرعية خاضت معظمها خارج أراضيها، وعليه لم يعد مستبعدا أن تشهد المنطقة في الأشهر المقبلة تحولات جذرية من اليمن إلى العراق حتى سوريا، قد تستدعي وجودا أميركيا أكبر يجعل طهران أمام خيارين لا ثالث لهما، إما التنازل الذي يساعد في الوصول إلى تسوية فيها مصلحة لها ولجوارها، وهي خطوة تتطلب من القيادة الإيرانية أن تقوم بتجرع السم للمرة الثالثة، حفاظا على بقائها وبقاء النظام، ولكن هذه المرة بشروط جديدة، وإما خيار المواجهة التي ستحسمها موازين القوة التي في أقل تقدير ستحول إيران إلى بلد محاصر خسر أغلب أذرعه الخارجية، لا يختلف عن نموذج كوريا الشمالية.
في «عشرة الفجر» وهي الأيام العشرة الأولى من شهر فبراير (شباط) التي تحتفل إيران فيها كل عام بذكرى انتصار الثورة، يرتفع خطاب التحدي إلى أعلى المستويات، ومعه تبالغ طهران في استعراض عضلاتها، فتبدو المنطقة أمام احتمال مواجهة جدية بين راديكاليتين، الأولى إيرانية يقودها الحرس الثوري الذي يتصرف كأنه على مشارف خوض حرب وجودية، والثانية تيار راديكالي أميركي لن يتراجع عن استخدام القوة من أجل فرض رؤيته على المنطقة والعالم، مدفوعا بهاجس إعادة الاعتبار للتفوق الأميركي، وقدرة واشنطن على قيادة العالم.
المصدر: الشرق الأوسط
مصطفى فحص يكتب: طهران وواشنطن وقواعد الاشتباك الجديدة على ميكروسيريا.
ميكروسيريا -
أخبار سوريا
ميكرو سيريا