مسؤول عربي لـ”العربي الجديد”: المواجهة العسكرية الأميركية الإيرانية محتملة


موضوعان يحضران بقوة في حديث مطوّل، أقرب إلى أن يكون جولة أفق أجرتها “العربي الجديد” مع مسؤول عربي رفيع المستوى، دولته فاعل مباشر في معظم الملفات الساخنة في المنطقة العربية ومحيطها عموماً. الموضوعان المهيمنان يظلان سورية من جهة، والتصعيد الأميركي ــ الإيراني “المحتمل وغير المستبعد” بحسب المسؤول العربي من جهة ثانية. ويبدو في حديث المصدر العربي الدبلوماسي، كم باتت ملفات المنطقة مترابطة بشكل عضوي. من التسريبات حول إمكانية دعوة النظام السوري لحضور القمة العربية المقبلة المقررة في العاصمة الأردنية عمان يومي 30 و31 مارس/آذار المقبل، وهو أمر غير مطروح حالياً بحسب تعبير المسؤول، مروراً بالاستعدادات الميدانية التي باشرتها كل من واشنطن، التي أرسلت المدمرة “يو إس إس كول” إلى باب المندب، وإيران التي بدأت مناورات عسكرية برية، وتتحضر للإعلان قريباً عن “خمس مفاجآت عسكرية تشمل أسلحة برية وجوية” بحسب كلام حكامها، يبدو المسؤول في حديثه إلى “العربي الجديد” مدركاً خطورة المرحلة عربياً وخليجياً وشرق أوسطياً بشكل عام. كما يحمل اللقاء مع المسؤول العربي، كشفاً عن عدد من الإجابات حول جملة من العناوين المطروحة حالياً على مستويات انعكاسات السياسة الخارجية الأميركية لإدارة دونالد ترامب تجاه قضايانا العربية.

فلسطينياً، لا يرجح أن تقوم الإدارة الأميركية بتنفيذ مشروع نقل سفارتها لدى إسرائيل إلى القدس المحتلة، بينما لا يرى أن المواجهة العسكرية الأميركية ــ الإيرانية مستحيلة، ويكشف في الوقت نفسه عن عدم صدور ردّ إيراني على الرسالة الخليجية التي نقلتها دولة الكويت إلى طهران الشهر الماضي، وسط عدم ترجيحه إعادة العضوية للنظام السوري في صفوف جامعة الدول العربية، من دون أن ينسى الإضاءة على جدول أعمال اجتماع دعت إليه دولة قطر على هامش قمة الأمن في ميونخ بين 17 و19 فبراير/شباط الحالي، لوزراء خارجية مجموعة “أصدقاء الشعب السوري”، استباقاً للموعد المبدئي لاجتماعات جنيف المقررة، حتى الآن في 20 فبراير الحالي.

ويعرب المسؤول العربي، في الجلسة الحوارية مع “العربي الجديد”، عن ثقته بأن إدارة الرئيس دونالد ترامب مختلفة كلياً عن إدارة سلفه باراك أوباما، “وقد كشفت عن بعض توجهاتها كتلك المتعلقة بإيران، ولكنها لم تضع النقاط على الحروف بعد، في ما يخص سورية والعراق وفلسطين”. ويقول المسؤول إن الموقف الأميركي من سورية لم يتضح في صورته الحقيقية حتى الآن، وإذا أردنا أن نقرأ فقط التفاهمات الأميركية ــ التركية، فإننا نصل إلى نتيجة أنها سوف تنعكس إيجاباً على سورية، ولكن نحن بحاجة إلى ننتظر لنرى ما هي التفاهمات التي يمكن أن تتم في هذا الصدد بين واشنطن وموسكو، ومثال ذلك المناطق الآمنة التي طرحتها إدارة ترامب وتجاوبت معها أنقرة بوصفها مشروعاً تركياً قديماً، وتعارضها موسكو، وكذلك معركة الرقة التي أعلنت أنقرة أنها توصلت إلى ملامح خطة حول تحريرها مع واشنطن، ولكن موسكو أبدت معارضة لها”.

ويكشف المصدر، من موقعه المسؤول، أن على جدول أعمال زيارة مدير الاستخبارات الأميركية مايك بومبيو التي بدأت أمس الخميس إلى تركيا، جملة من القضايا منها المناطق الآمنة وتفاصيل خطة تحرير الرقة، بما في ذلك تحفظات تركيا على مشاركة المسلحين الأكراد في العملية. ويشكك المصدر المسؤول بما يصفه “الخلطة العجيبة” التي تتلخص في واقع أن “هناك تحسناً في العلاقات التركية ــ الروسية، وتحسناً في العلاقات الأميركية ــ الروسية، وتفاهماً حول القضاء على داعش، ولكن تبدو المعادلة غير متوازنة في ظل تمسك إيران وروسيا بالرئيس السوري بشار الأسد، بموازاة التوجه الأميركي الجديد ضد إيران”.

ويوضح أنه في هذا السياق، يأتي طلب عقد “اجتماع أصدقاء سورية” من أجل أن تقدم تركيا إحاطة بالتطورات التي تمت منذ انعقاد أستانة حتى الآن، ولا سيما أن هناك وزراء خارجية جدداً عديدين تم تعيينهم في مناصبهم، مثل الوزراء الأميركي والإيطالي والأردني. وعن الدعوة لهذا الاجتماع، يشرح المسؤول بأنها تقوم على عقد اللقاء قبل موعد جنيف 4، وذلك على هامش مؤتمر ميونخ للأمن والتعاون (الذي يعقد بين 17 و19 من الشهر الحالي)، كاشفاً أن هناك موافقة فرنسية على الدعوة، في انتظار الموافقة الأميركية.

ويوضح المصدر أن المطروح في الاجتماع ثلاث نقاط: 1ــ تثبيت المواقف والتأكيد على المرجعيات بشأن الحل في سورية على أساس قرار مجلس الأمن الدولي 2254. 2ــ تثبيت الموقف من أن الهيئة العليا للمفاوضات هي المفوض السوري المخول بتشكيل الوفد والتفاوض، في ظل ضغط موسكو لإضافة شخصيات لا صلة لها بالمعارضة مثل قدري جميل ورندة قسيس، وكذلك محاولات المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا تشكيل وفد يكون بالمناصفة بين سياسيين وعسكريين. 3ــ تقديم تقرير من طرف تركيا (بوصفها ضامناً لاتفاق وقف إطلاق النار) عن حال المفاوضات منذ أستانة وحتى الآن.
وفي الحديث المطوّل مع “العربي الجديد”، حدد المصدر العربي، والذي التقى مع شخصيات من الإدارة الأميركية الجديدة، ثلاثة معالم واضحة في توجهها: ــ صرامة في وجه إيران، وــ اعتبار وجود الأسد مشكلة، وــ محاربة “داعش”. وفي ما يخص إيران، أوضح المصدر أن ما صدر عن الإدارة الأميركية الجديدة تجاه طهران لا عودة عنه، وسياسة واشنطن في طور التغير والسؤال المطروح على حد تعبيره هو: هل يصل التصعيد إلى حد المواجهة العسكرية؟ وهنا كان جواب المصدر أن “هذا محتمل وغير مستبعد”.

ويلفت المصدر إلى أن طهران لا تبدي مرونة لمعالجة مشاكل المنطقة وهي متورطة في العراق وسورية واليمن والخليج. ويكشف المسؤول، لـ”العربي الجديد”، أن طهران لم ترد على الرسالة التي وجهتها لها دول مجلس التعاون الخليجي أخيراً وحملها وزير الخارجية الكويتي صباح خالد الحمد الصباح إلى الرئيس حسن روحاني، وتضمنت مطالب التوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، والتوقف عما يسمى تصدير الثورة، ورفع يد إيران عن شيعة الخليج كون الأولوية هي للمواطنة وليس للطائفة، على حد تعبير المسؤول في حديثه لـ”العربي الجديد”.

أما في ما يخص دعوة النظام السوري لإعادة احتلال مقعده في القمة العربية التي طرد منها عام 2011، فيجيب المصدر أن المسألة طرحت في اجتماع مجلس الجامعة العربية الأخير، ولم يتم الاتفاق عليها، ويستبعد كلياً أن يجري حسمها قبل انعقاد القمة، على اعتبار أن الموضوع يحتاج إلى قرار جديد من مجلس الجامعة وتصويت لن يكون في صالح عودة النظام في الظرف الحالي. كما يستبعد المصدر أن تقدم الإدارة الأميركية على نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، متحدثاً عن “مؤشرات إلى تراجع ترامب عن هذا التوجه، بعدما لمس أن المسألة سوف تنعكس سلباً عليه، وبعد أن تلقت الإدارة تحذيرات من دول عربية وإسلامية”.



صدى الشام