اقتصاد ألمانيا حقق أسرع وتيرة نمو في 2016


تمكّن الاقتصاد الألماني من تحقيق أسرع وتيرة نمو خلال العام الماضي لم يسجلها خلال السنوات الخمس الأخيرة، وبلغت نسبته 1.9 في المئة في مقابل 1.7 في المئة عام 2015 و1.6 في المئة عام 2014.

وتوقع خبراء ومراقبون استمرار الحركة الاقتصادية الناشطة هذه السنة، مع ترجيح زيادة الإنفاق الخاص والحكومي واستمرار انخفاض الفوائد، ما سيساعد ألمانيا في تعزيز مكانتها كمحرك اقتصادي لمنطقة اليورو، على حدّ ما يراه خبراء كثر. وعوّضت هذه العوامل ضعف دور الصادرات عموماً، التي ظلت طويلاً دعامة أساسية لاقتصاد تشكّل الصناعات التحويلية فيه ما يصل إلى ربع ناتجه الإجمالي.

وكان الاقتصاديون الألمان توقعوا في الفترة الأخيرة، نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.7 أو 1.8 في المئة في أحسن الأحوال، لذا جاء نموه 1.9 في المئة مفاجأة سارة لهم، وكذلك للعمال والموظفين الذين سيحصلون على إضافات ملموسة على أجورهم هذه السنة أيضاً. وللدولة نصيب وافر من هذا النمو، إذ سجلت خزينتها دخول 6.2 بليون يورو من الضرائب إليها، بفعل تزايد استيراد البضائع واستهلاك المواطنين.

وإذ لم يستبعد المكتب المركزي للإحصاء «ديتاتيس» في فيسبادن، أن يكون النمو في الربع الأخير من العام الماضي حقق 0.5 في المئة بعد 0.2 في المئة فقط في الربع الثالث منه، توقع هو ومعهد البحوث الاقتصادية «إيفو» في ميونيخ، أن يسجّل النمو في الربع الأول من هذه السنة 0.5 في المئة. وحققت خزينة الدولة فائضاً مالياً قيمته 6.2 بليون يورو، بفضل الضرائب على الاستهلاك الخاص والمشاريع الخاصة. ورأى خبراء أن النمو الاقتصادي الجيد والفائض المالي الكبير، طغيا على الآثار السلبية الناتجة عن صدمة قرار بريطانيا القاضي بالخروج من الاتحاد الأوروبي، والمعروف بـ «بريكزت». وفيما زاد الاستهلاك الداخلي للألمان بنسبة 2 في المئة عن العام الماضي، ارتفع إنفاق الدولة على رعاية نحو مليون لاجئ بنسبة 4.2 في المئة.

ورجح خبراء واقتصاديون استمرار معدل الإنفاق الخاص والعام المرتفع هذه السنة أيضاً، ورأوا أن سوق العمل «تشهد وضعاً تاريخياً مناسباً في ظل تضخم منخفض، ولو كان معدل التضخم زاد إلى 1.6 في المئة في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، بسبب ارتفاع سعر الطاقة». وليس معروفاً بعد، إذا كان هذا الارتفاع ظرفي وموقت، لكنه يسير على ما يبدو في الاتجاه الذي يريده البنك المركزي الأوروبي الساعي إلى رفع معدل التضخم إلى 2 في المئة، لإعادة التوازن المالي إلى عهده السابق لأزمة المال العالمية التي تشهدها دول منطقة اليورو منذ العام 2009.

واعتبر خبراء أن ازدهار قطاع البناء والعقارات، ساهم في شكل ملموس في قفزة النمو الحاصلة، إلى جانب ازدياد استثمارات الشركات الألمانية في آلاتها وشاحناتها إلى 1.7 في المئة العام الماضي. فيما لم يقدّم قطاع الصادرات الخارجية أي دعم، على رغم إشارة التوقعات إلى تحقيق ألمانيا رقماً قياسياً جديداً في قيمة صادراتها لعام 2016. لكن الزيادة في الواردات من الخارج ضيّقت هامش الأرباح. وأفادت مؤسسة التصنيف والاستشارات الأميركية «إرنست أند يونغ» أواخر الشهر الماضي، أن دخل الشركات الألمانية المئة الأكبر في البلاد، «حقق رقماً قياسياً وصل إلى 90 بليون يورو تقريباً خلال العام الماضي».

وأعلن البنك المركزي الألماني أخيراً أن الدولة الألمانية «تمكنت من توفير 50 بليون يورو فوائد، كان يتوجب عليها دفعها إلى الدائنين لو لم يخفّض البنك المركزي الأوروبي الفائدة على اليورو إلى الصفر تقريباً، على دفعات منذ العام 2008. ومنذ ذلك العام وحتى نهاية العام الماضي، بلغت قيمة فوائد القروض التي وفّرتها ألمانيا على نفسها 250 بليون يورو، على حد قول ناطق باسم البنك المركزي الألماني. وطاول هذا الأمر، بهذا القدر أو ذاك، خزائن الدول الأخرى الأعضاء في منطقة اليورو. ويُذكر أن في الفترة المشار إليها أعلاه، خُفّضت الفوائد المصرفية تدريجاً من 4.23 إلى صفر في المئة تقريباً، وهو أمر لم يحصل بمثل هذا الحجم والمستوى سابقاً.



صدى الشام