‘«فورين أفيرز»:لماذا لن تساعد روسيا ترامب لمواجهة إيران؟’
12 شباط (فبراير - فيفري)، 2017
توقع «إيلان بيرمان»، نائب الرئيس الأول في مجلس السياسة الخارجية الأمريكية، أن تواجه الإدارة الأمريكية الجديدة المصاعب في حال أرادت أن تفك الارتباط الروسي الإيراني الحالي، خاصة وأن الحليفين تربطهما صلات سياسية واقتصادية كبيرة في الوقت الراهن.
وقال «بيرمان» في مقال نشرته مجلة «فورين آفيرز» الأمريكية، إن الدلائل تشير إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» تستعد لمحاولة عمل مصالحة تاريخية مع روسيا. في جزء منها، تهدف الاستراتيجية إلى دق إسفين في الشراكة الاستراتيجية طويلة الامد بين موسكو وطهران.
«هناك تقارب بين روسيا وإيران، على وجه اليقين»، هكذا قال مسؤول أجنبي مطلع على مداولات البيت الأبيض. وأضاف «ما هو غير واضح هو ماذا سيطلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في المقابل لإضعاف التحالف».
الكاتب ذكر أن الرئيس الجديد ومستشاريه قد يكتشفون قريبًا، ومع ذلك، أن حدوث الانقسام الروسي الإيراني هو أمر صعب للغاية. وقد وفر العقد الماضي دليلًا كافيًا على أن الروابط العسكرية والسياسية، والاقتصادية، التي بنتها روسيا والجمهورية الإسلامية على مدى ربع القرن الماضي هي مرنة بشكل ملحوظ. واليوم، هناك سبب للاعتقاد بأن الشراكة الاستراتيجية بين البلدين أقوى من أي وقت مضى.
طموحات روسيا
في عام 2005، متحدثًا أمام مؤتمر للأمن في ميونيخ، أشار «بوتين» إلى أن انهيار الاتحاد السوفياتي كان «أكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين». ومنذ ذلك الوقت، تبنى الرئيس الروسي انتهاج سياسة خارجية تركز في جزء كبير منها على إعادة خلق نسخة معدلة من تأثير الاتحاد السوفيتي القديم، بحسب ما أورد الكاتب.
من الناحية العسكرية، فإن ذلك كان يعني خلق أو دعم كتلًا أمنية، مثل منظمة معاهدة الأمن الجماعي ومنظمة شنغهاي للتعاون، التي ترتبط بالكرملين، وهي مصممة لدفع الأولويات الاستراتيجية الروسية في المسرح الأوروبي الآسيوي.
وعلى الصعيد الاقتصادي، أسس «بوتين» بديلًا للاتحاد الأوروبي، والمعروف على نطاق واسع باسم «الاتحاد الاقتصادي الأورو-آسيوي». على الرغم من أنه بالكاد يحقق نجاحًا باهرًا ، إلا أن الاتحاد مع ذلك هو بناء قابل للحياة. يتكون من أربعة أعضاء، بالإضافة إلى روسيا (أرمينيا، بيلاروسيا، كازاخستان، وقيرغيزستان) وقد تنضم إليه منغوليا وطاجيكستان.
سياسيًا، وفي الوقت نفسه، فقد استثمرت موسكو أموالًا ضخمة في بناء علاقات وثيقة مع دول مثل روسيا البيضاء، وأنظمة آسيا الوسطى المختلفة وحكومات أوروبا الشرقية، في محاولة لاضفاء المزيد من الحرية السياسية على تحركاتها على امتداد محيطها. والنتيجة هي ما يمكن أن يوصف بأنه امبراطورية ما بعد الحداثة الروسية-إمبراطورية لا تحظى بالسيطرة العسكرية الفعلية، ولكن التبعية السياسية والاقتصادية.
وفقًا للكاتب، تلعب إيران دورًا كبيرًا في هذه الخطط. لم لا وموقف إيران الاستراتيجي في الشرق الأوسط، جنبًا إلى جنب مع ثقافة إيران الاستراتيجية المتميزة والتاريخ، تجعلها شريكًا مؤقتًا جذابًا لروسيا وهي تكتسب قوة لاستعادة دورها العالمي.
تابع الكاتب بقوله «تنعكس قيمة طهران الاستراتيجية لموسكو في الجهود المستمرة للكرملين لرفع إيران من مجرد دولة مراقب إلى عضو كامل العضوية في منظمة شنغهاي للتعاون-وهو ما تعارضه الصين على الأقل حتى الآن- وفي التشجيع الهادئ لتوسيع إيران لاتصالاتها مع جمهوريات آسيا الوسطى. والنتيجة، وكما يأمل منظرو السياسة الخارجية لروسيا، هي خلق وكيل يعتمد عليه في منطقة الشرق الأوسط، يمكن أن يساعد في زيادة القوة والأهداف الروسية هناك».
شراكة اقتصادية
أيضًا، أشار الكاتب إلى أن إيران تمثل طرفًا حيويًا بشكل متزايد للاقتصاد الروسي. على مدى السنوات القليلة الماضية، عانى الاقتصاد الروسي نتيجة انخفاض أسعار النفط العالمية والجولات المتتالية من العقوبات الغربية التي تهدف إلى معاقبتها لسياستها العدوانية تجاه أوكرانيا. يقدر صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد الروسي الذي تضاءل بنسبة تصل إلى 3.5% في عام 2015، انكمش بنحو 1% أخرى في العام الماضي، ومستمر في عملية طويلة من التراجع القومي.
وعلى الرغم من أن هناك الآن بعض العلامات التي قد تشير إلى أن روسيا قد تشهد انتعاشًا طفيفًا في عام 2017، سارع الخبراء الاقتصاديون بالإشارة إلى أن التحولات الحقيقية لن تحدث في المستقبل المنظور؛ بسبب الفساد المستشري في البلاد ونقاط الضعف في النظام.
وفي الوقت نفسه، فإن عددًا من الجروح الذاتية فاقمت الضغوط المالية الخارجية. أضاف ضم شبه جزيرة القرم حوالي 7.5 مليار دولار للنفقات السنوية للميزانية الاتحادية. مغامرة روسيا العسكرية المكلفة في أوكرانيا وسوريا، وفي الوقت نفسه، استنزفت خزائنها أبعد من ذلك. دراسة صادرة في شهر أغسطس (آب) عن وكالة انباء RosBusinessConsulting قدرت أن موسكو ربما تنفق كل شهر ما يصل إلى 150 مليون دولار فقط على المتعاقدين العسكريين لدعم عملياتها في سوريا.
على هذه الخلفية، قال الكاتب «إن إيران حازت أهمية متزايدة لدى الكرملين. نتيجة للاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه في الصيف الماضي (المعروف رسميًا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة أو JCPOA)، تمتعت إيران بفرص اقتصادية لم يسبق لها مثيل. تخفيف العقوبات المباشرة، وزيادة اتفاقيات التجارة بعد رفع العقوبات مع مجموعة من الشركاء الدوليين، بما في ذلك الصين والهند، ربما يتيح لإيران استثمارات بقيمة 100 مليار دولار».
من جانبه، على مدى الأشهر القليلة الماضية، أبرم الكرملين اتفاقيات بحوالي 10 مليار دولار شملت صفقات أسلحة جديدة مع النظام الإيراني. كما شهدت التجارة النووية بين البلدين طفرة مماثلة.
الراعي في سوريا
في الشأن السوري، أوضح الكاتب أن روسيا تحتاج أيضًا إيران للحفاظ على وجودها في منطقة الشرق الأوسط. مثل الجمهورية الإسلامية، أصبحت روسيا لاعبًا حاسمًا في الحرب الأهلية السورية الجارية، ولكن خلافًا لطهران، نهاية اللعبة لموسكو في سوريا ليست واضحة تمامًا.
حتى الآن، تركز استراتيجية الكرملين على توسيع وتعزيز وجوده العسكري في شرق سوريا وعلى مكافحة المتطرفين الإسلاميين المحتشدين ضد نظام الرئيس السوري «بشار الأسد»، ويتحدر الكثير من أعضائها من روسيا، وأجزاء أخرى من الاتحاد السوفيتي السابق.
على النقيض من ذلك، شدد المرشد الأعلى الإيراني على أن الحفاظ على استقرار نظام «الأسد» هو أولوية رئيسة واستثمرت إيران مبالغ ضخمة من المال والعتاد العسكري لضمان هذه النتيجة. هذه الاستثمارات، إلى جانب عمليات غربية موازية ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، نجحت في تحويل مجرى الصراع لصالح الديكتاتور المحاصر في سوريا.
على هذا النحو، استطرد الكاتب بقوله: إنه من المعقول أن نستنتج أن أية تسوية قد تنشأ في نهاية المطاف في سوريا، فإن طهران سيكون لها تأثير كبير في التوصل إلى مثل هذه التسوية التي تعود بالفائدة على إيران. وفي ظل هذه الظروف، سوف تحتاج موسكو للبقاء على تقارب جيد مع إيران للحفاظ على موطئ قدم استراتيجي في سوريا على المدى الطويل.
كل هذا يشير-بحسب الكاتب إلى أنه على الرغم من رغبة البيت الأبيض الحارة، إلا أن التحالف الروسي-الإيراني على حد سواء هو تحالف دائم ومرن. في الواقع، لا توازي خطة إدارة «ترامب» الجهود المتكررة لإدارة الرئيس الأمريكي السابق «بيل كلينتون» في التسعينات لسحب سوريا بعيدًا عن إيران ودفعها نحو المدار الغربي. فشلت تلك المحاولات فشلًا ذريعًا، لأسباب ليس أقلها أن واشنطن قللت إلى حد كبير من القيمة الاستراتيجية التي علقتها سوريا على شراكتها المتواصلة مع طهران.
واختتم الكاتب بقوله «اليوم، تواجه واشنطن مخاطر لتكرار نفس الخطأ مع موسكو. في حين أن الرئيس الجديد أكد أنه يريد علاقة أكثر ودية مع الكرملين، فإنه يتعين عليه أن يمضي قدمًا مع العلم أن هذه العلاقات سوف تكون حتمًا مقيدة بأهمية أن المسؤولين الروس مرتبطين بحلفائهم في طهران».
رابط المادة الاصلي: هنا.
[sociallocker] صدى الشام[/sociallocker]