أسباب نجاح شبكة الأخبار التي يدعمها الكرملين في الغرب
13 فبراير، 2017
خلال مقابلة له مع قناة RT عام 2013، أبلغ فلاديمير بوتين رئيسة التحرير “مارغريتا سيمونيان” أن القناة كانت ناجحة في محاولتها “لكسر الاحتكار الأنجلوسكسوني لتيارات المعلومات العالمية”.
قامت كودا بتوجيه الأسئلة للغربيين عن السبب في ثقتهم بالأخبار التي تبثها شبكة على اتصال مباشر بالكرملين.
عندما أصدرت وكالات الاستخبارات الأمريكية في أوائل شهر يناير/ كانون الثاني تقريرها عن تدخل روسيا المزعوم في الانتخابات الأمريكية، ابتهجت “مارغريتا سيمانيون”، رئيسة قناة RT التلفزيونية التي يدعمها الكرملين، وفي تغريدة لها على تويتر كتبت بالروسية “نكتة العام” عن التقرير والذي قد خُصص جزء كبير منه _ ولمزيد من الدقة 7 من أصل 25 صفحة _ لشبكة الأخبار التي تعمل على مدار 24 ساعة.
وبالنسبة لسيمونيان، التي تدير القناة منذ تأسيسها عام 2005، يُعد التعامل مع الخلاف جزءاً من التوصيف الوظيفي، إذ استقال صحفيو القناة على الهواء احتجاجاً على إرغامهم على الخضوع لموسكو، وكانت الشبكة قد كُشِفت في حجبها لبعض الصور لتتوافق مع رواية الكرملين حول تصرفاته في الخارج، كما يشير الإعلام الغربي إلى أن سيمونيان لديها خط اتصال مباشر مع الكرملين في مكتبها.
إذاً، لمَ تروق قناة RT للجمهور الغربي؟
على الرغم من سمعتها، فإن قناة RT لها قصة نجاح باهرة، بعد أن أُنشئت الشبكة لتوفير “وجهة نظر روسية” حول الأحداث العالمية، يتابعها اليوم 35 مليون شخص يومياً في 38 دولة مع مشاركة ما يزيد عن مليوني متابع لقناتها في موقع يوتيوب، والعديد منهم من أوروبا الغربية والولايات المتحدة.
وقد تواصلت كودا مع أكثر من مئة متابع لقناة RT في أوروبا الغربية والولايات المتحدة لتدرك السبب وراء اهتمامهم بها. كما تجاوب مع التقرير بضع عشرات، وكانوا في معظمهم من الرجال من مختلف الأعمار والمهن، بدءاً من أستاذ جامعي في نبراسكا إلى صحفي شاب في ألاباما وتاجر عملة في فينيكس. ولدينا هنا أربعة آراء تتشارك ما يلي:
الاتجاه الأول: RT نزيهة في الكذب
ادعى عدد قليل أن قناة RT موضوعية تنشر الحقيقة، ويبدو أن هذا لا يزعجهم أيضاً، إذ يعتقد “سيمون وود” من انكلترا، البالغ من العمر (46 عاماً)، أن RT متحيزة من حيث المبدأ. كما يوضح بيان رسالة الشبكة أن القناة تزود المتابعين بالمنظور الروسي عن الأحداث العالمية. ويجد سيمون أن هذه النزاهة متجددة وغالباً ما تشارك القناة محتوياتها على مواقع التواصل الاجتماعي، فضلاً عن نقل التقارير عن مصادر إخبارية أخرى تعرض وجهات نظر مختلفة. وكتب سيمون إلى كودا “هل هناك تحيز؟ بالتأكيد، أعتقد أن المشاهدين يدركون هذا جيداً”. وأضاف “الشيء ذاته ينطبق على وسائل الإعلام الغربية، لكن بياناتها مضللة، ذلك أنها تدعي أنها “عادلة ومتوازنة” بينما العكس هو الواضح”. كان سيمون يقيم في اليابان لما يزيد عن 20 عاماً، إلا أنه كان يتابع عن كثب الإعلام الغربي وينتقد تقاريره في كثير من الأحيان عبر مدوناته.
وعلى غرار سيمون، فإن “براندون شميت”، الذي يبلغ من العمر (19عاماً)، حذرٌ كذلك مما يشاهده على RT. ويقول: “لا أثق بأخبارها حول ما تدّعيه عن إنجازات الحكومة الروسية”، لكنه يقول إنه يثق بأخبار الشبكة المتعلقة بالولايات المتحدة كما أنه يستخدم محتويات الشبكة حصرياً لقناته التي يديرها. ويشارك شميت منشوراتهم بصورة منتظمة على صفحته في الفيسبوك. ويجد أن RT تنقل أخباراً عاجلة عن قصص لا يراها في أي مكان آخر، لا سيما التقارير الدولية عن تنظيم الدولة الإسلامية وحملة القصف الأمريكية في سوريا. وكحال العديد من متابعي RT الذين تحدثت إليهم كودا، لا يقف براندون إلى جانب أي حزب سياسي أو وسيلة إعلامية تحابي الجمهوريين أو الديمقراطيين. وبدلاً من ذلك، قال براندون: “حقيقة القول، أنا في الوسط. لا أحبذ أن أرى الحماقات ترمى في وجهي”. وقال إن هذا ما يفعله الإعلام الغربي.
الاتجاه الثاني: العراق و”احتلوا وول ستريت” هما ما دفعني إلى التوجه ل RT
ما يزال “ديفيد بابون” من بروكلين، والبالغ من العمر (32 عاماً) مستاءً من تغطية القنوات الرئيسة لحركة احتلوا وول ستريت التي شارك فيها. وقال ديفيد: “كانت القنوات الرئيسة تطلق على حركة احتلوا وول ستريت تسميات مهينة مثل محبي القذارة”. وأضاف أن RT من الناحية الأخرى “كانت تنقل أسباب وجودنا هناك بدلاً من إثارة المشاعر”. وقد كانت تغطية الشبكة للحدث، والتي شبهت حركة احتلوا وول ستريت بالربيع العربي في أمريكا، السبب في ترشيح RT لجائزة إيمي والسبب في وجود معجبين كثر من بين الأمريكيين اليساريين مثل ديفيد.
ومن بين أولئك “بول سولبيرغ”، من إل باسو في تكساس، والذي يبلغ من العمر(23عاماً)، والذي تأثر كثيراً عندما تعرف عن طريق قناة RT على أشياء وجدها صادمة حول سياسة الولايات المتحدة الخارجية؛ من قبيل استخدام الفوسفور في العراق. ويقول: “يا للعجب، لم أرَ ذلك في أي مكان آخر. تقوم RT بعمل جيد بإظهارها الوجع الحقيقي لسياسة الولايات المتحدة الخارجية”. ويشعر بول أن الإعلام الأمريكي يقوم بتمويه تصرفات أمريكا في الخارج ويجد أن هجمات الانتقاد التي تتعرض لها RT من وسائل الإعلام الغربية محض نفاق، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالعراق. ويقول إن ذلك لا يعني أنه يثق بالقناة فيما يخص أعمال روسيا في الخارج، كما أنه على دراية بأحد المواقف في الصيف الماضي عندما حجبت RT صورة تظهر الطائرات الروسية المتجهة إلى سوريا محملة بالذخائر العنقودية، وهو سلاح محرم من الأمم المتحدة، أنكرت روسيا استخدامه.
الاتجاه الثالث: بوتين ليس سيئاً كما يريدون منا أن نعتقد
يشاهد “نيكولي شرايبر” (28 عاماً)، من فينيكس في أريزونا، قناة RT يومياً. وبعد عام من متابعته للقناة، توصّل إلى أن “بوتين ليس وحشاً كما تصوره بلادنا”. ويعتقد نيكولي، الذي يعمل في تجارة العملات، أن بوتين “زعيماً لا يسمح للدول الأخرى مثل أمريكا أن تتنمّر عليه”، حسب ما كتب إلى كودا.
وقال “فيليب بولين”، عبر المحيط الأطلسي، في سوليهال في إنكلترا، إنه لم يكن يعلم شيئاً عن بوتين قبل أن يبدأ بمتابعة قناة RT. وكتب بولين إلى كودا عن الرئيس الروسي: “لم تنقل الأخبار البريطانية قط ما يقوله حرفياً. إنما نحصل على ‘نسخة’ من المعنى، وهذا أمر خاطئ”. ويشبه السياسيين الأمريكيين والبريطانيين الذين ينتقدون روسيا بشخصيتي “بيفز وبتهيد”.
أما “شيري دال” من بولسبو في واشنطن فليست تتوافق مع فيليب وحسب، وإنما تضع صورة بوتين غلافاً لصفحتها على الفيسبوك. وكتبت شيري على صفحتها في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي ما يلي “لقد اخترته، لأن بوتين، في وقت يكثر فيه القادة الوطنيين غير الفعالين، يبرز دوره، لا بد من أننا محظوظون ليكون لدينا نسخة أمريكية عنه”. وقد كانت شيري راضية عن نتائج الانتخابات وتعتقد بأن الشعب الأمريكي محظوظ ليكون لديه رئيس مثل دونالد ترامب. وكتبت عن ترامب “على غرار بوتين، لديه العزيمة والاتساق، أنا أكثر تفاؤلاً مما كنت عليه سابقاً”.
الاتجاه الرابع: نحن على أعتاب حرب عالمية ثالثة
ومن بين أكثر المواضيع المفاجئة التي ظهرت أثناء المحادثات مع عدد كبير من جمهور قناة RT، ومن خلال الاطلاع على مئة حساب على مواقع التواصل الاجتماعي لمتابعي القناة ومشاهديها، ومن قراءة منشورات في مجموعات مختلفة على الفيسبوك، كان الخوف من اندلاع وشيك لحرب عالمية ثالثة. إذ يعتقد نيكولي من فينيكس “أننا على أعتاب حرب عالمية ثالثة”. كما شارك بول رابطاً لمقطع على اليوتيوب يحمل اسم “التصويت لهيلاري هو تصويت لحرب عالمية ثالثة”. وأعربت “آرون كلين” من ماريتا في جورجيا، من متابعي RT، عن الأمر ذاته قبل الانتخابات في رسالة إلى كودا، وكتبت كلين هذا عند اقتراب موعد الانتخابات في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني. “سيواجه شخص في جميع أنحاء العالم حرباً عالمية ثالثة ونحن هنا في تغطية مستمرة لسباق رئاسي مثير للسخرية”.
لكن يبدو أن هذه المخاوف قد هدأت مع انتخاب دونالد ترامب رئيساً. وكما كتب أحد جمهور RT عن افتتاحية القناة، أننا بفوز ترامب تجنبنا الإصابة برصاصة نووية “لم تكن هذه الانتخابات لصالح الولايات المتحدة وحدها، وإنما كانت للحيلولة دون وقوع حرب عالمية ثالثة”.
رابط المادة الأصلي: هنا.
[sociallocker] صدى الشام[/sociallocker]