في العراق.. احتجاجات بغداد الدامية علامة على تجدد صراع الشيعة على السلطة
13 فبراير، 2017
مثلت الاحتجاجات الدامية التي نظمها أتباع رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر في بغداد، مطلع الأسبوع علامة على تجدد الصراع على السلطة بين زعماء الشيعة في العراق والذي كان قد تأجل للتركيز على الحرب ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”.
وفي وقت بات فيه من المؤكد أن “القوات العراقية ستلحق الهزيمة بالتنظيم في الموصل هذا العام بدأ الصدر حشد أتباعه قبيل استحقاقين انتخابيين أحدهما لمجالس المحافظات في سبتمبر/ أيلول والآخر للانتخابات البرلمانية في أبريل / نيسان 2018.
ومنافسه الرئيسي هو رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وهو سياسي موال لإيران بدأ يروج لنفسه العام الماضي كمتحكم محتمل في ميزان القوى أو حتى لعودته لرئاسة الوزراء نفسها.
وظهرت تداعيات الصراع السياسي في شوارع وسط بغداد يوم السبت الماضي عندما قتل خمسة متظاهرين ورجل شرطة في اشتباكات بين قوات الأمن وأتباع الصدر الذين طالبوا بإصلاح مفوضية الانتخابات الحكومية التي يعتقد الصدر إنها تحابي المالكي.
ومن شأن عودة المالكي إلى السلطة أن تعزز نفوذ إيران في بغداد مما يعطي طهران ثقلاً في أي صراع مع إدارة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” التي فرضت عقوبات جديدة على إيران في أعقاب اختبارها الصاروخي الشهر الماضي.
وعلى الرغم من أن الصدر يجهر بعدائه ورفضه للسياسات الأميركية في الشرق الأوسط وقضى وقتاً كبيراً في إيران فإن درجة اعتماد طهران عليه كحليف لها في بغداد ستكون أقل. وعلاقته مضطربة بالجماعات السياسية العراقية المتحالفة مع إيران ويصور نفسه على أنه مؤمن بقومية العراق.
وانتهت سنوات المالكي الثماني في الحكم عام 2014 عندما انهار الجيش العراقي في وجه هجوم لـ”تنظيم الدولة” مما اضطره إلى تسليم السلطة لرئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي. وينتمي كل من الرجلين لحزب “الدعوة” المقرب من إيران.
ويعمل الآن نائبا للرئيس وهو منصب شرفي لكنه لا يزال يتمتع بنفوذ هائل إذ يرأس حزب “الدعوة” الذي يسيطر على أكبر كتلة في البرلمان.
دور إيران
وتمكن العبادي وهو سياسي شيعي معتدل من العمل بصورة أفضل مع الأمريكيين الذين ساعدوا في إعادة بناء الجيش وقدموا دعماً جوياً وبرياً حاسماً للقوات التي تقاتل “تنظيم الدولة” الذين سيطروا على ثلث العراق في 2014.
ويشرف العبادي على القتال المستمر منذ عامين لكن يفتقر للثقل السياسي كالذي يمتلكه الصدر أو المالكي.
وقال واثق الهاشمي رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية ومقرها بغداد لوكالة “رويترز” إن “العبادي أتى بحكم تسوية بين الأمريكان والإيرانيين.”
وأضاف “إلا أن هذه المعادلة قد لا تستمر في ظل تصعيد إدارة ترامب ومن المؤكد أن إيران ستسعى أن يكون لها حليف قوي في بغداد للسيطرة على الانتخابات البرلمانية العام المقبل”.
إنهاء الفساد
كان قد نظم أتباع الصدر عدة مظاهرات العام الماضي للمطالبة بإجراء إصلاحات لمكافحة الفساد واقتحموا “المنطقة الخضراء” وهي منطقة شديدة التحصين تضم مباني حكومية وأخرى تخص بعثات دبلوماسية أجنبية بعد اشتباكات مع قوات الأمن.
ويحتل العراق الغني بالنفط المركز 161 على مؤشر الفساد لمنظمة الشفافية الدولية الذي يضم 168 دولة.
وبعد 14 عاماً على الغزو الذي قادته الولايات المتحدة وأطاح بصدام حسين لا يزال ذلك البلد يعاني من نقص في الكهرباء والمياه والمدارس والمستشفيات بينما تئن المنشآت والبنية الأساسية تحت وطأة إهمال واسع النطاق.
والاحتشاد في الشوارع مهم للصدر إذ لا يمكنه الاعتماد على داعم إقليمي للحفاظ على شعبيته.
وفي رد فعله على مقتل أتباعه مساء السبت قال الصدر إنه يعلق الاحتجاجات في الوقت الحالي لكنه أضاف “دماء شهدائنا لن تذهب سدى.”
وقال الهاشمي إن العنف الذي اندلع يوم السبت لن يؤذن على الأرجح بتغير كبير في ميزان القوى لكن المحتجين أوصلوا رسالة مفادها أن الصدر لا يمكن تجاهله.
وأضاف أن الاحتجاجات مكنته من “استنهاض جمهوره بشعارات وطنية وتأكيد زعامته.”
يشار إلى أن إيران، قامت سابقاً بتدريب وتسليح ميليشيات شيعية تعرف مجتمعة بقوات “الحشد الشعبي” لمواجهة “تنظيم الدولة”، ولدى معظم قادتها صلات وثيقة بالمالكي.
ويتهم حزب “الدعوة” الصدر بعرقلة الحرب على التنظيم، قائلاً إن “احتجاجات الشوارع تزيد العبء على القوات المسلحة في وقت تقترب فيه من إخراج المتشددين من الموصل “.
كما يتهم النائب البرلماني أحمد البدري المقرب من المالكي التيار الصدري بالفساد أيضاً. وقال “الانتخابات على الأبواب والجميع يريد أن يكسب الشارع ولكن الجميع أيضا بمن فيهم التيار الصدري داخل دائرة المحاصصة والفساد بحكم مشاركتهم في عدة حكومات.”
ويرفض أتباع الصدر الاتهامات بعرقلة الحرب، حيث قال موظف حكومي يدعى علي عبد المهدي (42 عاما) خلال مشاركته في مظاهرة السبت الماضي إن “الفساد هو الذي سمح بدخول داعش. كلاهما في نفس الكيس.”
[sociallocker] [/sociallocker]