كيف تحول مستشار الأمن القومي الأمريكي إلى جاسوس لبوتين

14 شباط (فبراير - فيفري)، 2017
4 minutes

استقال إذن مايكل فلين، مستشار الأمن القومي الأمريكي، بعد 24 يوماً فقط من توليه منصبه.
القضية /الفضيحة التي أطاحت به فجّرتها جريدة Washington Post التي نشرت قبل أسبوع تقريراً نقلته عن 9 مسؤولين حاليين وسابقين بشأن ما جرى في 29 كانون الأول الماضي.
في ذلك اليوم، أعلن الرئيس باراك أوباما فرض عقوبات جديدة على روسيا، وطرد 35 دبلوماسياً روسياً، بعد ثبوت تورط موسكو في اختراق البريد الالكتروني للحزب الديمقراطي وبريد مدير الحملة الانتخابية لهيلاري كلينتون بهدف مساعدة ترامب على الفوز في الانتخابات. بات واضحاً بالنسبة للاستخبارات الأمريكية والبيت الأبيض أن دونالد ترامب كان المرشح المفضل لدى فلاديمير بوتين. توقعت إدارة أوباما رداً روسياً مماثلاً، أي طرد دبلوماسيين أمريكيين من موسكو، لكنّ هذا لم يحصل.
بعد ساعات من قرار أوباما، يتصل مايكل فلين، الذي أعلن ترامب أنه سيعيّنه مستشاراً للأمن القومي، بالسفير الروسي في واشنطن سيرغي كيسيلياك، دون أن يـُعرف ما دار بينهما.
في اليوم التالي، أي 30 كانون الأول، يعلن بوتين أنه لن يردّ على قرار أوباما بالمثل، وأنه، على العكس من ذلك، سيدعو أبناء الدبلوماسيين الأمريكيين في موسكو للاحتفال في الكرملين بمناسبة أعياد الميلاد!
أثار الأمر استغراب الأمريكيين، فبوتين ليس شخصاً جيداً أو طيّب القلب، بل على العكس هو حقود، ولديه شهية قوية للانتقام.
ستكشف Washington Post في تقريرها أن أحد الأجهزة الأمنية الأمريكية اعترض المكالمة الهاتفية بين مايكل فلين والسفير الروسي ( التجسس على اتصالات السفراء أمر اعتيادي بين الدول)، وأن فلين أبلغ السفير بأن إدارة ترامب سترفع العقوبات، ولذا لا داعي لبوتين بأن يردّ على قرار أوباما!
يكون فلين بهذا قد خرق قانوناً أمريكياً يسمى ( Logan Act)، يحظر على المواطنين الأمريكيين الاتصال بدول أجنبية لتقويض سياسة الولايات المتحدة. هذا ما فعله فلين بالضبط.
أبلغت المخابرات الأمريكية البيت الأبيض بالأمر، بعد أن صار ترامب رئيساً، إلا أنه لم يفعل شيئاً، لا بل واصل فلين عمله واطلاعه على التقارير الاستخبارية السريّة للغاية.
يقول نائب الرئيس مايك بنس إنه سأل مستشار الأمن القومي عن الأمر، فنفى أنه تحدث مع السفير الروسي بموضوع العقوبات، وأكد له أن الاتصال طال قضايا أخرى مثل ترتيب مكالمة هاتفية بين ترامب وبوتين.
أمس فقط، كشفت Washington Post أن وزارة العدل أبلغت البيت الأبيض بالأمر مجدداً، وذكرت أن فلين، بهذه الحالة، سيكون عرضة للابتزاز الروسي من أجل أن يقدم تنازلات.
تفاعلت القضية كثيراً، إعلامياً وسياسياً، حتى استقال فلين بسبب “كذبه” على نائب الرئيس وليس بالضرورة بسبب ما تحادث به مع السفير الروسي.
لكن السؤال يبقى هل كان فلين ليقرر وحده أن يتواصل مع الروس ويعدهم برفع العقوبات أم أن ترامب طلب منه ذلك؟
أعتقد أن العالم على موعد مع سلسلة من الفضائح ستطبع عمل هذه الإدارة التي لم يمر شهر واحد بعد على توليها السلطة.
أما ما قامت به Washington Post فمثال نموذجي على دور الصحافة المستقلة في أعظم أشكاله