الارهابيون في أمريكا ليسوا سوريين، بل قد يكونون من كارولانيا..!!


العنوان الأصلي: الإرهابيون يعيشون بيننا

لننسَ أمر سوريا، فالمتطرّفون الدينيون الأكثر خطورة هم المهاجرون من كارولينا الشمالية والجنوبية.

 

هجوم إرهابي آخر، حصيلة قاتمة أخرى من القتلى والجرحى، قاتل آخر يملأه الحقد من أرض تولّد مثل هؤلاء الرجال، وعلى غرار الملايين من المهاجرين الذين سبقوه، عبر الجاني الحدود دون أن يتم التصدي له، وكحال الآخرين، فجّر في بلادنا دون سابق إنذار.

يقول السياسيون في بلادنا إنهم سيضعون حداً لهؤلاء القتَلى، يتحدثون عن بناء الجدران وعن تدقيق وضع اللاجئين، إن كنا جادين في ذلك، فسنقوم به؛ سنغلق حدودنا ضد كارولينا الشمالية.

كارولينا الشمالية؟ يبدو هذا سخيفاً! عندما نفكر بالهجرة والإرهاب، تأتي في بالنا سوريا، لكنها ليست المكان الذي يتسبب في سقوط الضحايا. ففي يوم الجمعة، أقدم رجل مسلح على قتل ثلاثة أشخاص وجرح تسعة آخرين في عيادة لتنظيم الأسرة في كولورادو، والمشتبه به أمريكي أبيض يدعى “روبرت لويس دير”. وعندما ألقت الشرطة القبض على دير، تلفظ بعبارة منبهة: “لا مزيد من أقسام للأطفال”. ويقول الأشخاص الذين يعرفون دير أو التقوا به إنه لم يكن يرتاد الكنيسة بانتظام. إلا أنهم ذكروا أيضاً أنه يؤمن بعمق بالإنجيل وأنه يدّعى قراءته له “من الغلاف إلى الغلاف”. وفي منتدى على الانترنت، يبدو أن دير قد تحدث عن المسيح وعن “نهاية الزمان”. كما كان قد رسم الصليب في منازله 3 مرات على الأقل.

 

انتقل دير إلى كولورادو العام الماضي من شمال كارولينا التي كان يعيش فيها. وقد كانت الولاية على امتداد عقدين من الزمان، مرتعاً للتطرف الديني الذي يغذيه رجال الدين الذين يدعون إلى الحرب المقدسة، والنتيجة هي تيار من الإرهاب بين الولايات.

بدأ الأمر مع “إريك رودولف”، وهو منكر المحرقة الذي نشأ في الحركة المسيحية، وعام 1996 سافر رودولف من شمال كارولينا إلى أتلانتا، عندما قام بتفجير قنبلة في دورة ألعاب أولمبية، ما أسفر عن مقتل شخص  وجرح 100 آخرين. وبعد تلك الحادثة بعام، قام رودولف بتفجير حانة للمثليين في أتلانتا، ما أدى إلى  إصابة 5 أشخاص. وفي عام 1998، فجّر عيادة للصحة الإنجابية في برمينغهام في ألاباما، وأدى ذلك إلى وفاة حارس أمني وجرح ممرضة. وقد تبنت حركة  “جنود الرب”، التي تستقبل كتابات رودولف، مسؤولية الهجمات التي نفذها.

في عام 2001، تم اعتقال متبع آخر للمسيحية، “ستيف آندرسون”، لكسره أحد الأضواء في طريقه إلى منزله من اجتماع لتفوق البيض في شمال كارولينا. وقام آندرسون بإطلاق 20 رصاصة على سيارة ضابط شرطة ليهرب من بعدها، كما وجدت الشرطة أسلحة وذخائر ومتفجرات في شاحنته ومنزله، وعقب ذلك بسنة، ألقي القبض عليه في القسم الغربي من الولاية.

وفي عام 2010، اعتُقل متطرف آخر من كارولينا وهو “جستن موس”، بتهمة التآمر لتفجير عيادة تنظيم الأسرة. وعارض موس، الذي ادعى أنه يمثل جيش الرب، إنشاء مسجد بالقرب من نيويورك، وقد سمى نفسه “النظير المسيحي لأسامة بن لادن”. في نهاية المطاف، أقر بأنه مذنب في نشر معلومات عن كيفية صنع المتفجرات واستخدامها.

وفي عام 2014، قتل “فريزر غلين ميلر”، وهو شخص معاد للسامية ومسؤول كبير سابق في فرسان كارولينا التابع لكو كلوكس كلان، قتل 3 أشخاص في مركز للجالية اليهودية ودار مسنين لليهود في كنساس. وقبل عدة عقود، أي قبل وقت طويل من ظهور تنظيم داعش في الشام والعراق، وضع ميلر خطة مماثلة في الولايات المتحدة: “دولة من البيض ضمن حدود كارولينا الشمالية والجنوبية”.

 

ومن بين عشرات الإرهابيين المسيحيين والمعادين للسامية واليمينيين المعلن عنهم والذين تمّت فهرستهم من قبل رابط مكافحة التشهير ومركز قانون الفقر الجنوبي، ستجد أن العديد منهم ينتمون إلى هاتين الولايتين: “تشارلز روبرت بيرفوت الابن”؛ وهو زعيم كارولينا الشمالية تمت إدانته عام 2012 بتهمة حيازة أسلحة ومتفجرات بالإضافة إلى تهمة التآمر. “كودي بيتينغهام”، أحد جنود مشاة البحرية في مخيم لوجون والذي اعترف بالتخطيط لاغتيال الرئيس أوباما. “بول كاستين”، مسلح من جنوب كارولينا حاول حيازة متفجرات بلاستيكية وهدد بقتل ضباط فيدراليين. “ستيف بكسبي”، ناشط عنيف من أسرة معادية للسامية، قتل اثنين من ضباط الشرطة في أبفيل في كارولينا الشمالية. “دانيل شيرتز”، اعتقل في غرينفل في كارولينا الجنوبية، وأدين في وقت لاحق بتهمة حيازة أسلحة ومؤامرات تفجير عنصرية.

وهناك أيضاً “ديلان روف”. بعد اتهامه بقتل تسعة أشخاص سود في تشارلستون في جنوب كارولينا في إحدى الكنائس في هذا الصيف، قاد روف سيارته باتجاه الشمال مدة 3 ساعات إلى شلبي في كارولينا الشمالية، لم يوقفه أحد على حدود الولاية، فالحدود بين الشمال والجنوب في كارولينا كالحدود بين العراق وسوريا، مجرد مزحة.

واليوم، يتسابق مرشحو الرئاسة الجمهوريون لمنع دخول اللاجئين السوريين. إنهم يقومون بهذا على الرغم من أنه من بين اللاجئين البالغ عددهم قرابة 200 ألف، الذين تم استقبالهم في البلاد منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر، لم تتم إدانة أحد منهم _ كما لم يتم اعتقال أحدهم _ بالتخطيط لهجوم إرهابي في هذه البلاد. (إلا أن عدداً قليلاً تم اعتقالهم لوجود علاقات لهم بالإرهابيين في أماكن أخرى). لمَ يتمتع اللاجئون بهذا السجل النظيف؟ ذلك أنه يجب عليهم أن يخضعوا لعملية متقنة: فحص من قبل مقيّمين في الأمم المتحدة، “فحوصات بيومترية وبيوغرافية”، مشاورات مع وكالات مكافحة الإرهاب الأمريكية، ومقابلات شخصية مع وزارة الأمن الداخلي. وتستغرق العملية في المتوسط حوالي عام ونصف العام _ أو في حالة اللاجئين السوريين، قد تصل إلى عامين.

 

أما الإرهابيون من كارولينا الشمالية فلا يتعرضون لهذا النوع من التدقيق، ذلك أنهم يقودون سياراتهم ويعبرون الحدود ليتوجهوا إلى جورجيا أو كنساس أو كولورداو. وتحميهم بذلك الفقرة الرابعة من الدستور، التي حسب تفسير المحكمة العليا في الولايات المتحدة، تضمن للمواطنين “الحق في العبور المجاني إلى الولايات الأخرى”. وهذا هو السبب أنه من بين الهجمات المميتة التي بلغ عددها 27 التي عصفت في البلاد منذ أحداث الحادي عشر من أيلول، تم ارتكاب 20 منها من قبل متطرفين يمينيين محليين. (أما الهجمات السبع المتبقية فقد ارتكبها جهاديون محليون، وليس منظمات إرهابية خارجية). وقد لقي ثلثا الضحايا البالغ عددهم 77 شخصاً في هذه الوقائع ال27، حتفهم على أيدي متعصبين لمكافحة الإجهاض، ومتزمّتين “مسيحيي الهوية”، وأشخاص معادين للسامية، ومسلحين يمينيين.

وقد أدت المذبحة في كولورادو هذا الأسبوع إلى ارتفاع حصيلة القتلى التي ارتكبها إرهابيو كارولينا الشمالية، ومن بينهم “إريك رودولف” إلى 8.

وهذا لا يجعل من الولايات المسيحية مثل كارولينا الشمالية والجنوبية تقترب من خطورة تنظيم الدولة الإسلامية  في العراق والشام. لكنه يجعلك تتساءل لمَ لا نلقي بالاً لأعدائنا في الداخل، بينما نغلق أبوابنا في وجه اللاجئين الذين لم يلحقوا بنا الضرر؟

 

رابط المادة الاصلي: هنا.



صدى الشام