التوتر بين شركات الطيران الأمريكية والخليجية يعود إلى الواجهة


عاد التوتر بين تحالف شركات الطيران الأمريكية والناقلات الخليجية الثلاث الكبرى (طيران الإمارات والاتحاد والخطوط الجوية القطرية)، من جديد إلى الواجهة، بسبب مزاعم بشأن دعم حكومي غير عادل يضر بقوانين المنافسة.

كان مدراء أكبر ثلاث شركات طيران أمريكية (دلتا ويونايتد وأميركان إيرلاينز)، تقدموا برسالة الأسبوع الماضي إلى وزير الخارجية ريكس تيلرسون، احتجاجا على الدعم الحكومي الضخم للشركات الخليجية، الذي يسمح لها بالتوسع

السريع إلى وجهات أمريكية وخفض الأسعار، وهو أمر تنفي صحته بالحجة والبرهان والأرقام، الشركات الثلاث.

وذكروا في رسالتهم أن شركات الطيران الخليجية “حصلت على مستويات دعم غير مسبوقة بقيمة أكثر من 50 مليار دولار منذ العام 2004.

والصراع المفتوح في الأجواء ليس جديداً، ففي العقدين الأخيرين اقتحمت الشركات الخليجية أسواق الطيران العالمية، وبدأت تسحب البساط من تحت عمالقة الطيران في أميركا وأوروبا والشرق الأقصى.

وقبل عامين، فتحت الناقلات الأمريكية الثلاث المعروفة باسم شركات “التذمر” نار الانتقادات على المنافسة الخليجية وزعمت الشركات الأميركية أن منافساتها الخليجية تحظى بدعم حكومي سمح لشركات الطيران المملوكة لدول خليجية

بخفض الأسعار، وإخراج المنافسين من مسارات مهمة يضر بالمنافسة العادلة.

وتطالب شركات الطيران الأمريكية، حكومة الولايات المتحدة بمراجعة اتفاقيات الأجواء المفتوحة التي تسمح لشركات الطيران الخليجي الطيران بحرية من الإمارات وقطر إلى أي وجهة في الولايات المتحدة.

وتأمل أن يقف الرئيس دونالد ترامب بتوجهاته الحمائية، في صفها ليوجه ضربة للناقلات الخليجية وهي شركات الطيران الثلاثة الأكبر في الشرق الأوسط.

من جانبه دافع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن شركات الطيران الأجنبية، التي تعمل في السوق الأمريكية، مشيراً إلى أنها تضخ استثمارات كبيرة للبلاد، إلا أنه في الوقت ذاته وعد الناقلات الأمريكية بمساعدتها على تعزيز مكانتها التنافسية.

وقال ترامب خلال اجتماعه يوم الجمعة الماضية مع مديري شركات “يونايتد إيرلاينز” و”دلتا إيرلاينز” و”ساوث ويست إيرلاينز”، إنه على علم بأن الناقلات الوطنية “تحت ضغط من قبل الكثير من العناصر والشركات الأجنبية”.

تجنب الاشتباكات المحتملة

وقال جيمس هوجان، المدير التنفيذي لمجموعة الاتحاد للطيران، في مؤتمر صحفي عقد في أبوظبي مؤخراً، إن شركته تسعى لتجنب المزيد من الاشتباكات المحتملة بسبب توسعها في أمريكا بعد أن أصبح دونالد ترامب رئيسًا.

وأكد هوجان، أنه ليس لدى الشركة خطط جديدة لإضافة المزيد من الوجهات أبعد من التي تعمل عليها حالياً.

وزاد: “لن تقوم طائراتنا بالذهاب إلى وجهات أبعد في الولايات المتحدة، ونحن سعيدون جداً بشبكة خطوطنا الحالية داخل أمريكا”.

وتابع هوجان أنه “في حال قيام شركات الطيران الأمريكية بتجديد اتهاماتها بأن الناقلات الخليجية استفادت من المساعدات غير المشروعة، بعد أن أصبح دونالد ترامب في البيت الأبيض، فإن شركته (طيران الاتحاد) ستكون على أهبة الاستعداد

للوقوف والتأكيد على أن توسعها كان بشكل محدود وعادل، وأن خدماتها عبر الأطلسي كانت متوافقة مع بنود معاهدة الطيران “الأجواء المفتوحة”.

يأتي ذلكو في وقت توسعت فيه شركات الطيران الخليجية بشكل ملحوظ في الولايات المتحدة منذ بداية العام الجاري، وأضافت وجهات جديدة آخرها لشركة طيران الإمارات بين دبي ونيوآرك (على بعد 8 كلم غرب مانهاتن)،

وتعد الوجهة الـ12 للخطوط “الإمارتية” في أمريكا.

كما أن “الخطوط الجوية القطرية” من جهتها تخطط إلى إضافة وجهة جديدة إلى الولايات المتحدة في عام 2018 ليصبح بذلك عدد الوجهات التي تسافر إليها 11 وجهة.

لا خطوة رسمية

قال الخبير والمستشار في صناعة الطيران الدكتور خالد المزروعي: “لم نر حتى الآن أي خطوة رسمية من جانب الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه الناقلات الخليجية وتوسعها الدائم في السوق”.

وتابع المزروعي في اتصال هاتفي مع الأناضول: “من السابق لأوانه الحكم على توجهات ترامب فيما يتعلق بملف شركات الطيران الخليجية الثلاثة إلى الولايات المتحدة”.

واستبعد وضع عوائق أمام تلك الشركات أو غيرها في إطار سياسات السموات المفتوحة.

ولفت المزروعي، والذي شغل منصب رئيس اتحاد خدمات مطارات الخليج سابقاً، إلى إن الناقلات الخليجية تدعم الاقتصاد الأمريكي بعشرات المليارات من الدولارات سنوياً، فضلا عن مئات الآلآف من الوظائف وتنشيط حركة السفر والسياحة والتجارة.

وقالت الاتحاد للطيران المملوكة لحكومة أبوظبي، في يوليو/ تموز الماضي، إنها ستساهم بحوالي 10.7 مليار دولار في الاقتصاد الامريكي ونحو 108 آلاف وظيفة في العام الماضي، فيما ستصل المساهمة الاقتصادية للعمليات الرئيسية

والسياحية إلى 18.2 مليار دولار في 2024 مع أكثر من 171 ألف وظيفة في الاقتصاد.

وتقدر مساهمة طيران الإمارات في اقتصادات المطارات والمناطق الأمريكية التي تخدمها رحلاتها بنحو 3 مليارات دولار سنوياً ونصف مليون وظيفة، وتعتبر داعم كبير أيضاً لصناعة الطائرات الأمريكية.

وتسلمت الشركة حتى الآن، طائرات بوينغ أمريكية الصنع تزيد قيمتها على 45 مليار دولار، ولديها طلبيات مؤكدة سيتم استلامها لاحقاً بقيمة 86 مليار دولار.

وأبرمت شركة الخطوط الجوية القطرية في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي صفقة “تاريخية” مع شركة بوينغ لشراء 100 طائرة بقيمة 18.6 مليار دولار.

وأكد خالد المزروعي، أن دول الخليج ولا سيما الإمارات، التي تساند سياسة واتفاقات الأجواء المفتوحة بقوة، يجعلها من أهم اللاعبين الدوليين في هذا المجال وذلك وفقا لاتجاهات منظمة الطيران المدني الدولي.

ولفت إلى أنه من المستحيل أن تلجأ الإدارة الأمريكية لأي تغيير في سياسة الأجواء المفتوحة مع الدول الخليجية، نظراً للمزايا والفوائد الكبير، التي توفرها مثل هذه الرحلات سواء من حيث الوظائف أو نمو الأعمال والقيمة الاقتصادية.

ووقعت الولايات المتحدة اتفاقية الأجواء المفتوحة مع الإمارات عام 1999، ومع قطر في العام 2001، وهي الأعوام التي لم تكن فيها بعض الناقلات الخليجية، ومنها القطرية والاتحاد قد تأسست بعد.

أمر مستبعد

قال الخبير الاقتصادي محمد العون، إنه من المستبعد اتخاذ أي تدابير تحت إدارة ترامب ضد الناقلات الخليجية ومن السابق لأوانه التكهن بذلك، لا سيما مع تلقي الشركات الأمريكية ضربة جديدة مع عدم تضمين الأجواء المفتوحة في

اجتماعها الأخير مع الرئيس الأمريكي والذي أكد على ضرورة تشجيع توسع الشركات الأجنبية في السوق”.

وتابع العون، في اتصال هاتفي مع “الأناضول” من الدوحة: “هناك ضعف في موقف شركات الطيران الأمريكية، فعلى مدار الأعوام الثلاثة الماضية لم تنجح في إثبات تلقي الناقلات الخليجية دعماً حكومياً أو وجود منافسة غير عادلة”.

وأضاف الخبير الاقتصادي: “في المقابل تمكنت شركات الطيران الخليجية بالأرقام والحقائق من إثبات حجم مساهمة عملياتها التشغيلية بشكل مباشر وغير مباشر في الإقتصاد الأمريكي”.



صدى الشام