درعا (المظلومة) تنتفض وتُعيد سيرتها الأولى


مضر الزعبي: المصدر

صغيرةٌ بمساحتها، كبيرةٌ بتاريخها وشبابها، هي حوران التي لا تتوقف عن صنع المفاجآت، تارةً لأصدقائها وأخرى لأعدائها، فترسم الفرح وترسم الحزن، ولكن تبقى شامخةً كسنابلها في وجه أعتى آلة قتل عرفها التاريخ. تعيد الأمل في زمن الخيبات، وترسم الطريق لتكون بوصلة السوريين في هذا الضياع.

شباط في حوران

لحوران مع شهر شباط ذكريات، وهو شهر سطر فيه ثوارها أعظم الملاحم، ورسموا طريق التحرير بدمائهم. 14 شباط/فبراير، يوم ليس كباقي الأيام في مهد الثورة، فقد كان أول أيام التحرير عام 2013، وإعلان ريف درعا الشرقي عصياً على النظام وميلشياته.

وقال الناشط محمد الحريري لـ “المصدر”، إن ثوار درعا الذين كانوا لا يملكون أي أسلحة باستثناء البنادق، تمكنوا في ذلك اليوم من تحرير معظم الريف الشرقي في درعا، وقد بدأت العملية بتحرير الحاجز الرباعي في بلدة (المسيفرة)، والذي كان يقطع أوصال ريف المحافظة الشرقي، وتحرير كتيبة (السهوة) واستيلاء الثوار على عتاد ثقيل من قوات النظام، وتحرير حواجز بلدة (الجيزة).

وأضاف بأن عملية 14 شباط/فبراير 2013، والتي أطلق عليها ثوار المحافظة تسمية (القعقاع)، كانت فاتحة لتحرير أكثر من 70 في المئة من المحافظة.

وأشار الحريري إلى أن الذكرى الرابعة للعملية العسكرية الأولى المنظمة في محافظة درعا تتزامن اليوم مع عملية (الموت ولا المذلة)، لتعيد الأمل لثوار المحافظة وأهاليها بأن تكون بداية جديدة كما كانت سابقتها، وذلك عقب هدوء على جبهات المحافظة مع قوات النظام استمر لقرابة العام، اكتفت خلاله كتائب الثوار بالتصدي لمحاولات قوات النظام والميلشيات الموالية له اقتحام المناطق المحررة من المحافظة.

حوران المظلومة

عام كامل من الاتهامات والشتائم التي انهالت على ثوار درعا وأبنائها، في الوقت الذي كان فيه أبناء المحافظة يعانون الأمرين من عمليات التفجير والاغتيالات التي حصدت قرابة 400 شخص من قادة الكتائب والناشطين في المحافظة.

وقال القائد العسكري في كتائب الثوار أحمد الزعبي لـ “المصدر”، إن ثوار حوران، وخلال عام كامل، كان أكثر ما يؤلمهم هو الاتهامات بالخيانة والركوع، وعلى رغم ذلك كانوا يعملون بصمت وابتعدوا عن تبادل الاتهامات.

وكشف الزعبي لـ “المصدر” أن ما حدث في حي (المنشية) في درعا البلد لم يكن وليد اللحظة، وإنما كان نتاج عمل استمر لأشهر من قبل ثوار المحافظة، وكانت كتائب الثوار على أتم الجاهزية، وعندما قرر النظام وحلفاؤه استغلال الوقت واستباق مؤتمر جنيف المقبل بالسيطرة على جمرك (درعا القديم)، باغتت كتائب الثوار النظام بشن عملية (الموت ولا المذلة) التي حققت كتائب الثوار فيها تقدماً كبيراً، وسيطرت على مساحات واسعة.

وأضاف بأن عدد القتلى في صفوف قوات النظام والميلشيات الموالية له تجاوز 40 قتيلاً خلال الساعات الماضية، إضافة إلى تدمير عدد من دبابات ومدرعات قوات النظام، التي كانت تعتقد بأن ثوار المحافظة وصلوا لحالة من العجز باتوا خلالها غير قادرين على التقدم.

وأكد الزعبي في ختام حديثه أن “ثوار درعا لم يكونوا في أي يوم من الأيام ضد التسوية السياسية، ولكن لن يسمحوا للنظام وحلفائه باستغلال اتفاقيات وقف إطلاق النار لقضم المناطق المحررة من محافظة درعا”.





المصدر