‘أسيرات الساحل : القصة الكاملة’
15 شباط (فبراير - فيفري)، 2017
أُسدل الستار أخيراً عن آخر فصول قضية الأسيرات المحتجزات لدى فصائل المعارضة في الساحل السوري والتي استمرت لأعوام وذلك بإجراء صفقة تبادل مع نظام الأسد في بلدة قلعة المضيق بريف حماه، وبموجب التبادل تم الإفراج عن 54 أمرأة لدى الفصائل مقابل عدد مماثل من المعتقلات في سجون الأسد.
ومع تأخر الصفقة لسنوات عديدة فقد حملت أسئلة كثيرة حول تفاصيل المفاوضات، والجهة التي نفذتها، وسبب تعنّت النظام في ضم أية معتقلة من الساحل ضمن عملية التبادل، ومدى احتمالية إقامة صفقات مشابهة في المستقبل القريب.
ويأتي هذا التطور المفاجئ في ملف القضية بعد نحو ثلاث سنوات ونصف من احتجاز فصائل المعارضة لنحو 104 من النساء والأطفال خلال معركة “عائشة أم المؤمنين” في آب 2013 التي جرت في ريف اللاذقية، وذلك عقب تحرير ما يقارب 15 قرية خاضعة لسيطرة قوات النظام.
وبالعودة لمجريات التفاوض أوضح المدير العام لمؤسسة شؤون الأسرى (مؤسسة مدنية تعمل في المناطق المحررة) “زيد أبو زيد” أن “مقاتلين من الساحل طلبوا قبل حوالي شهرين من المؤسسة التفاوض لإطلاق سراح الأسيرات المحتجزات لديهم منذ أعوام، ومن خلال التواصل مع قنوات من النظام وافق الطرف الآخر على إجراء عملية التبادل بنفس عدد الأسيرات المحتجزات”.
ووفقا لـ “أبو زيد” فقد زاد مستوى التعاون مؤخراً بين مؤسسته المدنية وبين مختلف الفصائل المقاتلة، وتولى الناشطون الحقوقيون العاملون معه مسؤولية إجراء المفاوضات، وأضاف أن الجهود ستتواصل خلال الأيام المقبلة لإجراء المزيد من صفقات التبادل مشيراً إلى أنه بإمكان ذوي الأسرى التواصل مع المؤسسة لتسجيل أسماء المعتقلين وتوثيقها لإدراجهم ضمن أي صفقات مقبلة.
وعقب عملية التبادل نشرت المؤسسة عبر صفحتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” بياناً قالت فيه إن “آلاف الرسائل الخاصة انهالت على صفحة المؤسسة العامة لشؤون الأسرى” ، وأوضحت المؤسسة في بيانها أن هذا الأمر يتطلب جهوداً ضخمة لا يسعها القيام بها، وتمنّت على المجالس المحلية وإدارة الخدمات العامة ومجالس البلدية والمنظمات الحقوقية والناشطين ومكاتب التوثيق وجميع الفصائل العاملة على الأرض الذين لم تتمكن من الوصول إليهم أن يقوموا بواجبهم تجاه الأسرى “المقهورين”، وأرشفة أسمائهم عبر الجدول المعتمد للمؤسسة، معربةً عن اعتذارها عن استقبال الأسماء بشكل فردي وعشوائي.
وكانت قضية “أسيرات الساحل” شهدت متغيرات عدة فقد تنقلن من يد “تنظيم الدولة الإسلامية” إلى “جبهة النصرة” قبل خروجه من الساحل، لكن التكلفة المرتفعة المترتبة على رعاية الأسيرات وتأمين الطعام والرعاية لهن دفع- وفق مصادر مطلعة في الساحل- بالجبهة لتسليمهم إلى كتيبة” الشهيد مصطفى ميرزا” إحدى كتائب الجيش الحر في المنطقة.
وخلال العام 2014 أشرفت الأمم المتحدة على إبرام صفقة تبادل بين “الجبهة الإسلامية” وأسرى إيرانيين، وتضمن جزء من الاتفاق حينها إطلاق سراح 40 امرأة وطفل من هؤلاء الأسيرات ليبقى 54 آخرون قيد الاحتجاز لثلاث سنوات.
وفي حديث خاص لـ “صدى الشام” قال قائد عسكري من كتيبة الشهيد “مصطفى ميرزا” إن “النظام استهدف أكثر من مرة مكان الأسيرات بالطيران الحربي والبراميل المتفجرة في منطقة مرج خوخة وسلمى، قبل أن يتم نقلهن إلى مناطق قريبة من الحدود التركية” .
وتوجّه القائد العسكري بالشكر إلى “غرفة عمليات سلمى” والجمعيات الإنسانية التي ساهمت في تأمين مصاريف الأسيرات وحمايتهن خلال الفترة السابقة والتي تجاوزت وفق قوله 200 ألف دولار أمريكي.
وأضاف القائد العسكري الذي فضل عدم ذكر اسمه أن “الأسيرات لقينَ أفضل معاملة ولم يتم وضعهن في سجون مغلقة كما فعل النظام بل في بيوت داخل قرية الغسانية القريبة من الحدود التركية، حيث قُدمت لهن الرعاية الصحية الكاملة والدواء، كما تم إطلاق سراح 3 نساء منهن سابقاً، وتم تسليمهن لتركيا كبادرة حسن نية، لكن النظام رفض خلال أكثر من 15 محاولة فتح باب التفاوض وذلك رغبة منه لإظهار فصائل المعارضة بأنها تصرّ على احتجاز النساء، ولزيادة الشحن الطائفي”.
وحول أسباب عدم وجود أي معتقلة من الساحل رغم وجود مطالبات شعبية في المنطقة بذلك أجاب القيادي أن “النظام أصرّ على القائمة التي قدمها دون إدخال أي تعديل ” موضحاً أن “الرغبة كانت بإطلاق سراح عدد أكبر من النساء، لكن تردد النظام وعدم اكتراثه بنجاح الصفقة اضطرنا للقبول بالحد الأدنى من التطلعات”.
وكانت فصائل المعارضة بثت خلال السنوات السابقة العديد من التسجيلات المصورة للأسيرات وهن يطالبن النظام بالتفاوض لأجلهن، وأظهرت هذه التسجيلات الحالة الصحية الجيدة التي تمتعن بها، لكن نظام الأسد – وفق القيادي المطلع- رفض وساطة الأمم المتحدة ومنظمات دولية أكثر من مرة رغم دخول شخصيات مقربة منه على خط التفاوض بالإضافة إلى آخرين بينهم “محمد الشيخ” مساعد “أيمن جابر” قائد ميليشيا صقور الصحراء.
في السياق ذاته ذكر القائد العسكري في “الفرقة الأولى الساحلية” يزن الشامي أن “العديد من تجارب المفاوضات مع النظام سابقاً باءت بالفشل في الساحل خاصة عندما يتعلق الأمر بمقاتلين أو ضباط من مجنديه وهو عكس ما يحصل في حال كان الأسير من حزب الله أو من مليشيات إيرانية”.
وحول احتمالية عقد صفقات مشابهة خلال الفترة القادمة قلل الشامي من احتمال ذلك موضحا أن “النظام انتظر ثلاثة أعوام ليقبل بالتفاوض عن نساء من مؤيديه فكيف عن مقاتلين أو ضباط من جنوده عندنا”.
يذكر أن الآونة الأخيرة شهدت عمليات تبادل أسرى عديدة بين نظام الأسد وقوات المعارضة كان للنساء النصيب الأكبر منها وهو ما حدث في الغوطة الشرقية ودرعا سابقاً.
[sociallocker] صدى الشام[/sociallocker]