مشفى داخل جبل في “اللطامنة” يقدم خدماته لأكثر من 25000 شخص

15 شباط (فبراير - فيفري)، 2017

6 minutes

تعرضت مدينة اللطامنة بريف حماه الشمالي عبر سنوات الثورة السورية للدمار والقصف اليومي، وهُجّر معظم سكانها، بينما لجأ من بقي منهم إلى الأساليب البدائية لحماية أنفسهو يعينهم على ذلك جبال نحتوها بأيديهم وسكنوا داخل مغاراتها، وتحولت بفعلها المدينة إلى ما يشبه حالها في العصور البدائية أي قبل نصف مليون عام.

وإثر التدخل الروسي كان مشفى اللطامنة أول الأهداف العسكرية التي طالها القصف، وتعرض هذا المشفى الوحيد الذي يخدم سكان المنطقة للعديد من الغارات الجوية، ما أدى لخروجه منتصف العام الماضي بالكامل عن الخدمة وبقاء السكان بدون أي مركز طبي لعلاجهم .

هذا الاستهداف المتواصل للنقاط الطبية في المنطقة أجبر السكان وبدعم من “جيش العزة” أحد فصائل الجيش الحر في المنطقة على إنشاء مشفى جديد يقع بالكامل داخل مُغر جبلية، وذلك لحماية المرضى والجرحى، واستمر العمل بالمشفى الجديد قرابة ستة أشهر وتم افتتاحه نهاية العام الماضي.

 

 

ويؤكد زكريا السطوف أحد أبناء المدينة والمطلع على أعمال البناء أن إنشاء هذا المشفى تطلب الكثير من العمل وواجه صعوبات كثيرة منها الصخور القاسية، وقلة الآليات، وارتفاع تكاليف الاعمار، منوهاً في الوقت نفسه بدور الدفاع المدني في المدينة الذي قدم كل ما بإمكانه لإتمام البناء.

وأشار السطوف إلى أن معظم معدات المشفى جاءت بدعم من فصيل “جيش العزة” بينما تبرعت بعض المراكز الطبية المجاورة والجمعيات الانسانية بأسرّة طبية وبعض المستلزمات.

ووفق عضو المكتب الإعلامي لجيش العزة “عبادة منصور” فقد بُني المشفى داخل جرف صخري في أحد جبال المدينة ويخدم حالياً أكثر من 25000 مدني ومقاتل من أبناء اللطامنة والقرى المحيطة بها، وهو ثمرة جهود وتعاون بين المدنيين والطواقم الطبية والقوى العسكرية في المنطقة.

وأكد منصور في حديثه لـ “صدى الشام” أن أهمية هذا المركز تكمن في كونه الأقرب لجبهات القتال مع قوات النظام في ريف حماه الشمالي (أقل من 20 كم ) حيث كانت الكوادر الطبية تضطر لنقل الجرحى لمسافات بعيدة، وهو ما يشكل خطراً على حياتهم.

ويحوي المشفى الجديد الذي يقدم خدماته لكافة المدنيين والعسكريين- بحسب منصور- جناح عمليات وغرف عيادة جراحية وغرفة أشعة وعيادات لاستقبال المرضى والمصابين، إضافة لغرفة تعقيم وقسم مخبري وصيدلية، كما يقدم العلاج للمرضى مع الدواء بشكل مجاني.

 

 

من جانبه أكد مدير المشفى الدكتور محمود عباس المحمد لـ “صدى الشام” أن فكرة إنشاء المشفى جاءت بعد تدمير الطيران الروسي لكافة المراكز الصحية، “وبسبب الحاجة لإجراء عمليات للمصابين اقترحنا إقامة مشفى جراحي عظمية وعامة في أماكن محصنة، ورغم الصعوبات الكبيرة وعدم وجود تجاوب من قبل المنظمات المهتمة بالشأن الطبي استطعنا بفضل دعم السكان المحليين وفصيل (جيش العزة) توسيع الفكرة، وإقامة مشفى يضم أقساماً متنوعة، حيث نستقبل حالياً كافة الحالات من مرضى ومصابين”.

ويعتبر المشفى بحسب الطبيب نقطة إسعافية كونه يحوي فقط معدات طبية بدائية، بينما تنقل الحالات الحرجة إلى مراكز أخرى أكثر تطوراً أو إلى الجانب التركي ليصار إلى علاجها.

ووفق أرقام زودنا بها مدير المشفى استطاع الكادر الطبي في الشهر الأول من افتتاحه إجراء 110 عمليات موزعة بين جراحة عظمية وعامة، كما عالج المشفى 113 إصابة حربية، وبلغ عدد المعاينات من المدنيين ما يزيد عن 300 حالة من بينهم حالات تسمم واختناق بغاز الكلور السام.

 

 

وفي ظل الإمكانيات البسيطة يفتقر المشفى الذي يتبع حالياً لمديرية الصحة الحرة في ريف حماه لمعدات طبية ضرورية أهمها بحسب الدكتور محمود عباس المحمد: جهاز قوسي للعمليات العظمية، وجهاز أشعة، ومعقمة رطبة، وجهاز تحليل كيماوي، وأدوية الضغط والسكري.

ويرى ماهر الشيخ وهو أحد عناصر الدفاع المدني في المنطقة أن هذا المشفى “يوفر حاضنة آمنة نوعاً ما للمصابين والمرضى لأن البراميل المتفجرة يصل تأثيرها إلى ستة أمتار أحياناً لكن هذا المشفى يقع داخل أعماق الجبل حيث توجد فوقه ارتفاعات كبيرة”، ودعا الشيخ في حديثه ” إلى نقل هذه التجربة إلى مناطق أخرى في حال توفرت ظروف مشابهة لاسيما في ظل استمرار النظام وحلفائه باستهداف المراكز الطبية”.

وكانت تجربة إنشاء مقرات داخل الجبال قد انتشرت بشكل واسع في ريفي حماه وإدلب حيث أقيمت في المنطقة ذاتها مدرسة للطلاب المنقطعين عن الدراسة بنفس الأسلوب، كما اتجهت مراكز طبية أخرى خلال الآونة الأخيرة لتنفيذ التجربة نفسها، وقامت بنقل معداتها إلى تحت الأرض كما هو الحال في مشافي: كفرزيتا، ومعرزيتا، وحزارين.

يذكر أن مدينة اللطامنة الواقعة في ريف حماه الشمالي خرجت عن سيطرة النظام منذ نهاية العام 2012 وتعتبر خط جبهة مع قواته وهي بعيدة عن مدينة حلفايا المقر الرئيسي لقوات الأسد حوالي 15 كم فقط، وسابقاً تصدى أبناء المدينة للعشرات من محاولات الاقتحام باءت جميعها بالفشل.

 

[sociallocker] صدى الشام
[/sociallocker]