شُبان سوريّون في ألمانيا ضحايا الإصابة بـ “الجلطة”.. فما السبب؟


منذ بدء موجات اللجوء السوري إلى أوروبا ونحن نسمع بين وقت وآخر أخباراً عن وفاة لاجئين بسبب جلطات قلبية ودماغية، حتى باتت هذه الحالات أمراً طبيعياً على ما يبدو بين اللاجئين، سواء كانوا من السوريين أو حتى العراقيين.

لكن الغريب أن معظم المتوفين تتراوح أعمارهم بين 20- 30 عاماً، وهو الأمر الذي أثار مخاوف وشكوكاً في أوساط اللاجئين، مع غياب أية إيضاحات من سلطات الدول المستضيفة، غير أن النسبة الأكبر من حالات النوبات القلبية هذه تركّزت – وفق ما رصدت “صدى الشام”- في ألمانيا التي تستضيف العدد الأكبر من اللاجئين.

 

 حالتا وفاة خلال 20 يوماً

في الحادي والعشرين من شهر كانون الأول الماضي توفّي الشاب السوري “أحمد شاكر موسى” في ألمانيا إثر نوبة قلبية، والشاب ينحدر من محافظة إدلب وهو من ومواليد 1992.

بعد 20 يوماً تماماً، أي في الحادي عشر من شهر شباط الجاري، توفّي الشاب السوري إبراهيم أحمد، وهو لاجئ في ألمانيا عمره 23 عاماً، وكان سبب الوفاة سكتة دماغية.

قبل هاتين الحالتين بأشهر، أي في أواخر عام 2016 توفّي رأفت أحمد 25 عاماً، وهو لاجئ في ألمانيا ينحدر من محافظة حلب السورية، وكان سبب الوفاة جلطة قلبية أيضاً.

بالعودة إلى أرشيف وسائل الإعلام المتخصّصة في اللجوء السوري وصفحات ومجموعات اللاجئين، وبعد البحث والتقصي يتبيّن أن وجود خبرٍ عن وفاة شاب لاجئ نتيجة نوبات قلبية أو دماغية بات خبراً عادياً يمرُّ مرور الكرام.

 

الوحدة وانتظار الإجراءات

 صدى الشام سألت 4 شباب لاجئين سوريين مقيمين في مقاطعاتٍ ألمانية مختلفة عن سبب هذه الحالات من وجهةِ نظرهم، ووفقاً لتجربتهم فقد انحصرت أجوبتهم في ثلاثة عوامل تؤدّي لإصابة اللاجئين بجلطاتٍ دماغية أو قلبية.

يقول بكري السرحان، وهو شاب سوري لاجئ في ألمانيا: “إن المدّة التي ينتظرها الشاب لتكتمل إجراءات لجوئه تؤثّر سلباً على حالته النفسية، ولا سيما أنه خلال هذه الفترة يدخل إلى بلدٍ جديد ولا يفعل أي شيء سوى أنه قد ينتظر في مركز استقبال اللاجئين المؤقّت لأكثر من عامٍ ونصف” مشيراً إلى أن هذا الأمر قد يكون أحد أسباب النوبات القلبية.

من جهته ذكرَ أحمد مسلّم، وهو أيضاً لاجئ سوري يعيش في مقاطعة “بريمن”، أن كثيراً من اللاجئين عادوا أدراجهم إلى سوريا بعد تدهور حالتهم النفسية نتيجة فترات الانتظار الطويلة، مشيراً إلى أن أحد أصدقائه انتظر عاماً وثلاثة أشهر في قرية خاوية قرب ولاية دوسلدورف وأصيب بعدها بنوبة قلبية، لكنه تماثل للشفاء في المشفى.

أما اللاجئ “علي محسن” فقد عزا أسباب الجلطات إلى الوحدة، والبعد عن العائلة والعيش في بلدٍ لا يعرف به أحداً، وأضاف محسن: “إن كثيراً من الأشخاص غير معتادين أساساً على السفر خارج البلاد والإقامة في مراكز عشوائية فيها أعداد كبيرة من اللاجئين، كما أنهم لا يستطيعون التواصل مع أهلهم”.

وأضاف: “قد يبدو الأمر طبيعياً بالنسبة للشخص الذي اعتاد أجواء الغربة، لكن هناك أشخاص لا يحتملون ذلك”، حسب تعبيره.

 

طبيب: الوضع غير طبيعي

خلال اتصالٍ هاتفي لـ “صدى الشام” مع طبيب سوري لاجئ في ألمانيا أوضح أن تواتر حالات النوبات القلبية والدماغية يشير إلى وجود شيء غير طبيعي.

وقال الطبيب الذي رفض الكشف عن هويته: “إن حالات النوبات هذه كانت تحدث بين شبّانٍ سوريين داخل سوريا قبل الثورة، لكنّها لم تكن بهذه الوتيرة العالية”، ولفت إلى أنه ربّما تكون هناك أمور نفسية معقّدة يشترك بها العديد من اللاجئين.

واستبعد الطبيب أن يكون هناك عوامل تتعلق بنمط الحياة في ألمانيا قد تسبّبت بالجلطات لأن السوريين يشتركون مع الألمان في استخدام المرافق ذاتها والطعام ذاته والمساكن ذاتها، لكنه أوضح أن “بعض اللاجئين يُصابون بصدمة في الفترة الأولى من وصولهم إلى ألمانيا، وأن طاقاتهم العالية التي يحملونها معهم عند وصولهم إلى هنا تُكبح، وهو ما ينعكس على وضعهم الصحّي”.

وأوضح الطبيب أن ما هو متعارف عليه طبياً هو أن 80% من حالات النوبات القلبية والدماغية سببها نفسي بحت، وقد يكون اكتئاباً أو حزناً أو سماع خبر مؤلم، في حين تحدث حالات الجلطات بسبب ظروف التغذية وغيرها بنسبة 20%.



صدى الشام