‘مدير الهيئة الإعلامية في وادي بردى لـ (المصدر): التعفيش مستمرٌ في الوادي والنظام يعتبره (غنائم حرب)’
20 فبراير، 2017
محمد كساح: المصدر
قبل أسابيع، وفي ظل اشتعال معركة وادي بردى في ريف دمشق، والتي استمرت 38 يوما، برز اسم الناشط ومدير الهيئة الإعلامية في الوادي “أبو محمد البرداوي”، كأحد أهم المصادر الصحفية الميدانية.
ولا يخلو أي تقرير أو مادة صحفية عن الوادي من وجود “البرداوي” متحدثاً عن المجريات الميدانية، راصداً انتهاكات قوات النظام والميليشيات المساندة لها.
وبعد الاتفاق الموقع بين الثوار والنظام، اختار “البرداوي” مغادرة وادي بردى مع مئات المقاتلين متوجهاً إلى محافظة إدلب.
وللحديث عن تفاصيل معركة وادي بردى، إضافة للحديث عما يجري في المنطقة بعد هدوء المعارك ومغادرة المقاتلين في باصات التهجير، كان لـ “المصدر” مع “أبو محمد البرداوي” الحوار الآتي:
شعور لا يوصف على الإطلاق
كم تقدر عدد المهجرين من وادي بردى ضمن اتفاق التهدئة الذي أنهى معارك الوادي؟
عدد المهجرين الذين خرجوا من وادي بردى بلغ 2155 مهجرا، يوجد جزء منهم في مدينة إدلب وريفها، وقسم كبير من هؤلاء غادروا إلى تركيا، وجميع المعجرين يعانون من أوضاع معيشية سيئة جدا.
كغيرك من المقاتلين، ركبت باصات التهجير مغادراً أرض الطفولة والشباب. ما هو شعورك حيال هذه النقطة؟
بصراحة إذا أردنا توصيف الشعور خلال ركوبنا الباصات في مرحلة التهجير مغادرين بلادنا وأرضنا التي ولدنا ونشأنا وترعرعنا فيها بعد معارك عنيفة جداً في منطقة وادي بردى، فهو شعور لا يوصف. الأحرف جميعهاً لا تصف هذا الشعور. هل هو شعور بالفخر لانتصارنا على قوات النظام والميليشيات المرادفة له خلال 38 يوما؟ أم هو شعور بالحزن على فراقنا لأهالنا وأرضنا وبلادنا مهجرين قسرياً من أراضينا؟ إنه شعور لا يوصف أبدا.
حملة التعفيش لا تزال مستمرة
بعد هدوء المعارك ومغادرة المقاتلين، كيف تقيم الوضع الحالي في بلدات وادي بردى؟
تعيش قرى وبلدات وادي بردى اليوم هدوءً نسبياً بعد توقف المعارك، لكن حتى اللحظة قريتا بسيمة وعين الفيجة خاليتان تماما. لا يوجد في القريتين سوى الجيش والميليشيات التابعة له، وتستمر قوات النظام حتى اللحظة الراهنة بسرقة المنازل وتعفيشها، وسرقة وحرق أثاث البيوت وتفجير البيوت المحيطة بمنشأة نبع عين الفيجة.
وقد حصلنا على هذه المعلومات من مراسلين في صفوف قوات النظام وميليشيا درع القلمون، ينقلون لنا صورة الوضع لحظة بلحظة، واليوم تحدث لنا أحد مصادرنا وأخبرنا أن قوات النظام تقوم بفك صنابير المياه من منازل المدنيين وسحب أسلاك الكهرباء من جدران المنازل. بعض الأهالي من وادي بردى وجدوا ملابس زوجاتهم وأمهاتهم معروضة في أسواق دمشق كسوق دمر والصبورة وركن الدين.
حملة التعفيش لا زالت مستمرة، حتى أن بعض الوجهاء من وادي بردى تحدثوا للعميد قيس الفروة المسؤول عن الحملة على المنطقة بخصوص هذا الأمر، فرد عليهم قائلا: إن هذه غنائم حرب!!
أكثر من 300 شهيد
يقولون إن معظم قرى الوادي كانت مسالمة للنظام، عدا قريتي الفيجة وبسيمة اللتان حدث فيهما قتال. ما هي الأسباب وما وضع القريتين حاليا؟
نعم بالتأكيد، أغلب قرى وادي بردى كانت مسالمة وعلى اتفاقيات مع قوات النظام، وعدد الثوار فيها كان يعد على أصابع اليد الواحدة.
وضع عين الفيجة وبسيمة كان مختلفا تماما، حيث كانتا على عداء مستمر مع قوات النظام، بسبب الحملات والقصف والغدر الذي طال هاتين القريتين على مدى خمس سنوات.
قرية بسيمة كانت دائما خط المواجهة الأول، أما قرية عين الفيجة فكانت مصب غضب قوات النظام، فكلما كان يحدث شيء في وادي بردى كانت قوات النظام تصب جام غضبها على عين الفيجة، هذه هي الأسباب الرئيسية التي جعلت هاتين القريتين على عداء مباشر مع قوات النظام.
كم عدد شهداء الوادي في المعركة الأخيرة؟ وكم سقط من الجرحى؟ هل كانوا يتلقون – أي الجرحى – العناية الكافية؟
عدد شهداء وادي بردى في المعركة الأخيرة بصراحة غير محصى بشكل كامل، لكنه يقدر برقم يتراوح بين 300 و400 شهيد، وعدد الجرحى قد يصل إلى ألف جريح إصاباتهم متفاوتة بين الخفيفة والمتوسطة والخطيرة. الإصابات الخطيرة التي وصلت معنا إلى إدلب تم تحويلها فوراً إلى مستشفيات تركيا.
وبالنسبة للإصابات الأخرى، فتتلقى العلاج في إدلب، لكن بعض العلاجات غير موجودة هنا، فبعض المستشفيات غير مخدمة تماما، ومن خلال تجربتي في المستشفيات وجدت أن مستشفى عقربات مخدم على درجة عالية، وبقية المستشفيات غير مخدمة بالمقارنة مع مستشفى عقربات.
هناك من يشكك في صحة هذه الأرقام. يقولون: لقد سقط عدد قليل ولكن الماكينة الإعلامية ضخمت هذا العدد. ما ردك على هذا الادعاء؟
هذا أمر يدعو للضحك. نحن الذين كنا نغطي الحملة وليس هؤلاء المشككون. نحن الذين كنا نقطع يومياً 14 كيلومتراً حتى ننشر أخبار المنطقة وليس هؤلاء المشككون. لقد تعمدنا أثناء الحملة عدم نشر أخبار جميع الشهداء والجرحى حتى لا نثبط من معنويات المتابعين والثوار الموجودين على الأرض، وكما قلت لك عدد الشهداء يتراوح بين 300 و400 شهيد.
في الحقيقة، هناك من يقول إن أبناء البلدات الأخرى المتواجدون في الوادي هم من حمل السلاح مدافعين عن المنطقة، بينما لم يكن لأبناء وادي بردى دور يذكر. ما تعليقك على هذا الكلام؟
لا ننسى دور أبناء المناطق الأخرى في الوقوف إلى جانب أبناء الوادي، لكن هذا الادعاء بأن أبناء المناطق الأخرى هم من كانوا يقاتلون فقط غير منصف إطلاقا، بل كان من تتحدث عنهم يقاتلون تحت إشراف أبناء الوادي.
الهيئة الإعلامية لا تزال قائمة
بالنسبة لك كان لديك حضور قوي خلال معارك الوادي. هل سيستمر هذا الحضور هنا في إدلب، وحول ماذا ستستثمره؟
نعم كان لدي حضور قوي في معارك وادي بردى، وكنت أشرف على توثيق وتصوير الانتهاكات التي كانت تحصل ضد الأهالي، لكن بعد إصابتي وخروجي مع المقاتلين إلى محافظة إدلب سأضطر إلى الذهاب إلى بلد آخر لإكمال علاجي لأن العلاج الذي أحتاجه ليس موجودا هنا.
أنا مصاب من قبل التهجير بأيام، وتحديداً أصبت وأنا أغطي الحملة على قرية عين الفيجة في اليوم 33 في الحملة بطلقة قناص حراري في قدمي. وإلى الآن أنا في المستشفى.
بالنسبة للهيئة الإعلامية التي تديرها والتي قدمت الكثير من المعلومات حول وادي بردى. هل لا تزال تعمل؟
نعم، جميع الكادر الإداري للهيئة خرج إلى إدلب، ولكن لا زال لدينا مراسلون داخل الوادي حيث نأخذ الأخبار والتوثيقات منهم، وننشرها تباعا.
“أبو محمد البرداوي”، هل ترغب بكشف اسمك الحقيقي؟
لا… اسمي أكتبه “أبو محمد البرداوي” مدير الهيئة الإعلامية في وادي بردى، وأنا بطبعي لا أخرج للإعلام إلا بهذا الاسم لأسباب أمنية.
[sociallocker] المصدر[/sociallocker]