“جيش خالد بن الوليد”: ذراع “داعش” ضد المعارضة بدرعا


يتمركز “جيش خالد بن الوليد”، الذي أُعلن عن ولادته في مايو/ أيار 2016، عبر اتحاد ثلاثة فصائل إسلامية، في منطقة وادي اليرموك في ريف محافظة درعا، جنوب سورية، على المثلث الأردني السوري والجولان السوري المحتل، وهي منطقة وعرة محصنة بعدة جبال ووديان. ويُعتبر “جيش خالد بن الوليد” جماعة سلفية تكفيرية مسلحة ترتبط بتنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش)، وقد تم تشكيلها عبر اندماج “لواء شهداء اليرموك” و”حركة المثنى الإسلامية” و‌”جيش الجهاد”، وفي 14 أغسطس/ آب 2016، شنّ “جيش خالد بن الوليد” هجوماً كبيراً على مناطق فصائل المعارضة المسلحة في منطقة حوض اليرموك، لكن لم تكن له نتائج تذكر، وتحصن في مناطقه التي تتواجد في قرى عدة.

أما الفصائل التي نتج عنها هذا “الجيش”، فأبرزها “لواء شهداء اليرموك”، الذي تشكّل في سورية عام 2011، وذاعت شهرته بعد أن اختطف 21 جندياً فيلبينياً من قوات حفظ السلام الأممية على خط الفصل في الجولان المحتل أوائل شهر مارس/ آذار 2013، ليعود ويطلق سراحهم، وبدأ بعدها بالانعزال عن باقي التشكيلات في المنطقة وتزداد الاتهامات له بمبايعة “داعش”.
أبرز صراعات “لواء اليرموك” كانت مع تنظيم “جبهة النصرة” (هيئة تحرير الشام حالياً)، إذ وقعت اشتباكات عدة بين الطرفين أواخر 2014، وفي ديسمبر/ كانون الأول من ذلك العام، شنّت الجبهة هجوماً ضد اللواء أجبره على البقاء في قواعده في بلدتي جملة والشجرة، وعاد الأخير لشن هجمات على “النصرة” في إبريل/ نيسان ومايو/ أيار 2015، وكان “جيش الجهاد” منخرطاً في القتال إلى جانبه، وقد انتهى هذا القتال بعد التحكيم من قبل الجماعات المحلية الأخرى، وقتل خلالها الأمير العسكري لـ”لواء شهداء اليرموك”.
أما “جيش الجهاد”، فيُعتبر مجموعة إسلامية نشطت في محافظة القنيطرة، وتم تشكيلها إثر دمج 7 مجموعات مستقلة وفصائل منشقة عن “جبهة النصرة” بعد اشتباك الأخيرة مع “لواء شهداء اليرموك” في ديسمبر 2014، وهي “سرايا الجهاد”، و”جماعة جند الإسلام”، و”جماعة أبو بصير”، وحركة “مجاهدي الشام”، وجماعة “شباب أهل السلف”، و”لواء ذو النورين”، وجماعة “البنيان المرصوص”. ووقعت مواجهات في إبريل 2015، بين “جيش الجهاد” و”جبهة النصرة” إلى جانب فصائل أخرى، بعد أن نصب مسلحو “جيش الجهاد” كميناً وقتلوا ستة مقاتلين من فصائل مسلحة معارضة عند نقطة تفتيش في القنيطرة، لتعلن عقبها “النصرة” وفصائل أخرى معارضة، في 6 مايو من العام نفسه، عن إخراج قوات “جيش الجهاد” من القحطانية ومدينة القنيطرة، حيث التجأوا إلى وادي اليرموك.
أما “حركة المثنى الإسلامية”، فهي كانت جماعة إسلامية سلفية، تشكلت عام 2012 تحت اسم “كتيبة المثنى بن حارثة قاهر الفرس”، وقد توسعت لتصبح مجموعة كبيرة. عملت الحركة بالشراكة مع مجموعات إسلامية عدة، منها حركة “أحرار الشام” و”النصرة” و”أنصار بيت المقدس”، حتى مارس/ آذار 2015، حين بدأ يتوضح تأييدها لـ”داعش”، وانخرطت لاحقاً في صراع مع “لواء المعتز بالله”، المحسوب على الفصائل المسلحة المعارضة.

وأفادت تقارير إعلامية بأنه عقب الدمج بين التشكيلات الثلاثة، قام زعيم تنظيم “داعش”، أبو بكر البغدادي، بإعادة هيكلة التشكيل الجديد، فأجرى تغييراً واسعاً في القيادات، وعيّن أبو عثمان الإدلبي قائداً للتشكيل الجديد، بعد عزل الأمير السابق أبو عبد الله المدني، على أن ترفع راية التنظيم بشكل علني، وسبق تلك التعيينات مقتل “الأمير العسكري” لحركة “المثنى الإسلامية” أبو عمر صواعق، بانفجار عبوة ناسفة في مقره، وهو الرجل الثاني في الحركة بعد أميرها أبو أيوب ناجي مسالمة.
وانتقد العديد من الناشطين إغفال التشكيل الجديد، في أوراقه، النظام والمعارك معه، إذ اعتبر التنظيم أن مسؤولية “مقر الأندلس” (الأمن الداخلي التابع له) هي “التصدي لمحاولات الغدر والخيانة من قبل المرتدين (فصائل المعارضة)، وسيكون منطلق عمل هذا المقر هو المحكمة الإسلامية”.
وقال الناشط الإعلامي من درعا، أمير الحوراني، في حديث مع “العربي الجديد”، إن “أساس تشكيل جيش خالد بن الوليد، هو لواء شهداء اليرموك الذي لم يكن يتبع أي تنظيم، وجميع عناصره من أبناء درعا، وسيطر على معظم الريف الغربي، بالإضافة إلى فصائل عدة كانت تشاركه العمل، مثل جبهة النصرة”، مشيراً إلى أنه “بعد مرور 3 سنوات من الثورة توقف فصيل لواء شهداء اليرموك عن مقاتلة النظام، فدارت حوله الشكوك بأن هناك فكراً سيضرب المنطقة، فقامت جبهة النصرة، بحسب زعمها، بكشف خلايا داخل اللواء تتبع لتنظيم داعش، ومن هنا بدأ القتال حتى بايع جميع عناصر اللواء تنظيم داعش، وأغلق 11 بلدة في الريف الغربي ليقيم فيها شرع التنظيم، وهي عين ذكر، الشبرق، المسريتيه، نافعه، جمله، عابدين، الشجرة، معريه، القصير، كويا، بيت اره”.

ولفت الحوراني إلى أنه “لم تكن بين عناصر اللواء أي قيادات سلفية أو معتقلين إسلاميين سابقين، لكن الآن هناك بعض القيادات الإسلامية من الأردن، كما جاء 76 قيادياً غالبيتهم من الأجانب من الشمال السوري، يتوزعون على قيادات عسكرية وإدارية”، موضحاً أن “القيادات الحالية غير معروفة، وآخرها كان أبو عبدالله الشامي وأبو محمد المقدسي الأردني الذي كان في النصرة ثم تحوّل إلى تنظيم داعش”.
وأشار الناشط السوري إلى أن “أهالي المناطق التي يسيطر عليها جيش خالد بن الوليد مجبرون على الرضوخ له بسبب الصراع، في حين يقدر عدد مقاتليه الآن بما لا يقل عن ألف مقاتل، في حين يوجد داخل منطقة سيطرته نحو 50 ألف مدني”. وأوضح أن “سبب صموده على الرغم من المعارك العديدة التي استهدفته، هي طبيعة الأرض والتضاريس، فالمنطقة مغلقة بالكامل بقريتين وسدين وواد، هي عين ذكر وسد كوكب وسد سحم الجولان ووادي حوض اليرموك، ومن جهة صيدا، الحانوت أبو حارتين”.
وتحدث الحوراني عن “مأساة المدنيين المحاصرين، في ظل ظروف إنسانية سيئة، فهم يتعرضون للقصف العشوائي بشكل مستمر، ما يتسبب بسقوط قتلى وجرحى، في حين لا يترك الحصار والقصف أثراً يذكر على جيش خالد بن الوليد الذي يمتلك مخزوناً كبيراً من المواد الغذائية والسلاح”.



صدى الشام