“الملعون” سبب خلافات زوجية في سورية


“تحمل هذا الملعون بيدها طوال النهار. لا تلتفت إليّ، إلا إذا ألححت عليها. حين أطلب منها شيئاً، تجيب بأنّها مشغولة وتسألني أن أتدبّر أمري بنفسي. لم تكن على هذه الحال في حياتها. لقد أفسدها وأفسد حياتنا”. يتذمّر محمود الخمسيني، ويعبّر عن نقمته على الهاتف المحمول، وبالتالي على وسائل التواصل.

كثيرون هم أمثال محمود الذين يشكون من أنّ استخدام وسائل التواصل بطريقة مفرطة بات يتسبب في مشاكل يومية داخل العائلات السورية. يخبر أحمد الخان وهو شاب سوري في حلب، أنّ أخته اكتشفت خيانة زوجها من خلال علاقة افتراضية على “فيسبوك”. يضيف أنّها “كادت تجنّ. وبعدما تدخّلنا لحلّ المشكلة، انتهينا باتفاق يقضي بتراجعها عن طلب الطلاق شريطة أن تحصل على كلمات سرّ حساباته. لكنّ المشاكل تفاقمت. في كلّ يوم، كانت الأسئلة تتكرّر: من هذه؟ ومن هذا؟ ومن هي تلك؟ ولماذا علّقت بهذه الطريقة؟ وراح ذلك يؤثر سلباً على حياة أطفالهما الصغار الذين أهملاهم”. ويشير إلى أنّ “والدي ووالدتي ليسا أفضل حالاً.
تقاعد كلاهما أخيراً، وتعلّما استخدام وسائل التواصل. ولم نعد نتكلم مع بعضنا مع البعض إلا حين ينقطع خط الإنترنت”.

وكان القاضي الشرعي الأول في مدينة حماة، مصطفى عبد اللطيف، قد أكّد في تصريح لإحدى وسائل الإعلام السورية المحلية، بأنّ “نحو 30 في المائة من واقعات الطلاق تعود إلى الخيانات الزوجية التي تتم بإنشاء علاقات غير شرعية من قبل أحد الزوجَين من خلال مواقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك والواتساب وماسنجر”. وأضاف أسباباً أخرى، من قبيل “انشغال الزوج بروابط غير أخلاقية، وتدخّل الحموات في شؤون أسر أولادهنّ”.

ويشير الخان إلى أنّه “ليس مستغرباً أن تتسبّب وسائل التواصل بكلّ هذه الخلافات الزوجية. فقد فتحت طريقاً للانفتاح بين الجنسَين الذي يعدّ محرّماً في البيئات المحافظة”. ويوضح أنّ “الشابات والشباب الذين يُحرّم عليهم التحدّث بعضهم إلى بعض أو رؤية بعضهم لبعض، سوف يلجؤون بالتأكيد إلى وسائل التواصل. وهو ما سوف يقوم به الشاب أو الشابة بعد زواج إلزاميّ لسبب أو لآخر. من هنا، غالباً ما تكون وسائل التواصل السبب الظاهر للمشكلة وليس حقيقتها”.

إلى ذلك، فإنّ تفكك الأسر السورية نتيجة السفر واللجوء، ساهم في ازدياد الحاجة إلى استخدام وسائل التواصل. أم أحمد مدرّسة اقتربت من الخمسين، تقول: “لطالما كنت أنزعج من انشغال أولادي بالهاتف. لكن بعد سفرهم وتوزّعهم كلّ في بلد، قرّرت أن أتعلم عليه لأتواصل معهم”. تضيف أنّ “الهاتف لم يعد يفارقني، وصار الأمر يزعج زوجي لأنّنا صرنا وحدنا. وهو يشعر بالوحدة أكثر حين أكون مشغولة بالهاتف. وفي كلّ مساء، ثمّة شجار ينشأ بيننا”.

قبل سنوات، كان الشباب هم المعنيين بوسائل التواصل الاجتماعي، لكنّها باتت اليوم تشغل شرائح اجتماعية أوسع لجهة السنّ ومستوى التعليم. ربا طالبة جامعية، تخبر أنّ جدّها اقترب من السبعين، “وهو يملك جهازاً لوحياً إذ يصعب عليه استخدام الهاتف بسبب نظره. ولديه حسابان على واتساب وفيسبوك، يتكلم معنا من خلالهما”.



صدى الشام