on
صناعات تنظيم الدولة العسكرية وترسانته السرية
هيومن فويس
يرى بعض الخبراء العسكريين أن صمود تنظيم الدولة الإسلامية في معركة مدينة الموصل العراقية منذ نحو أربعة أشهر يكشف طول نفس التنظيم من حيث موارد التسليح والكثافة النارية في مدينة تخضع لحصار شبه محكم وانقطاع لـ خطوط الإمداد.
لكن البعض الآخر يعتقد أن القدرات الحربية للتنظيم أقل بكثير من تلك الدعاية التي يروج لها إعلاميا ضمن إستراتيجية الحرب النفسية، والحال أن جميع المؤشرات على الأرض تشير إلى اندحاره الوشيك. وبين الرأيين يقف ملف التصنيع العسكري لتنظيم الدولة وإمكاناته يحمل قراءات أكثر مما هي حقائق تستند إلى معطيات ملموسة.
إمكانات عسكرية “مذهلة”
ذكرت منظمة العفو الدولية (أمنستي) بأحد تقاريرها أن ترسانة تنظيم الدولة العسكرية “مذهلة”وفق ما تمكنت من رصده على الأرض، دون اعتبار الكميات من السلاح التي ربما يكون التنظيم حصل عليها إما عن طريق شبكات التزويد غير القانونية أو عبر تطويره وتصنيعه الذاتي.
وقالت المنظمة إن التنظيم أسّس لنفسه مخزونا هائلا من الأسلحة نهبها من مخازن الجيش العراقي عقب سقوط الموصل ومدن عراقية أخرى، بالإضافة إلى سيطرته على قواعد جيش وشرطة بمدن الفلوجة والرمادي والصقلاوية غربا وتكريت شمالا، وفي سوريا أيضا.
وظهر احتياطي حربي ضخم أثناء الهجوم الذي شنته القوات العراقية في مايو/أيار 2015 لاستعادة الرمادي عاصمة محافظة الأنبار، حيث اصطدمت بأكثر من مئة مدرعة قتالية، بينها دبابات من نوع أبرامز الأميركية.
ويمتلك تنظيم الدولة -وفق أمنستي- أسلحة متطورة بينها أنظمة الدفاع المضادة للطيران (صواريخ أرض جو قصيرة المدى SATCP) وصواريخ موجهة مضادة للدبابات، ومدرعات قتالية، بالإضافة إلى بنادق هجومية من نوع “أي كي” الروسية و”أم 16″ و”بوشماستر” الأميركية و”فال” وغيرها من الأسلحة الآلية المصنعة من قبل شركة “أف أن هيرستال” البلجيكية.
ولا تنحصر ترسانة التنظيم في السلاح المنهوب فيما تقدم ذكره، بل تضم دبابات من نوع 140 M1A1 أبرامز، وطائرات مقاتلة من نوع أف 16، وصواريخ محمولة من نوع 681 ستينغر، وبطاريات “هوك”. وهذه الأسلحة والمعدات كان من المفترض أن تصل مخازن الحكومة العراقية بموجب عقد بمليارات الدولارات وقعته مع الولايات المتحدة بين عامي 2011 و2013.
وتقول العفو الدولية إنه “بسبب الفساد المستشري في صفوف الجيش العراقي وضعف السيطرة على مخازن الأسلحة ومتابعتها، فإن مخاطر أن تكون تلك الأسلحة وقعت بأيدي داعش (تنظيم الدولة) مرتفعة للغاية” تماما كما حصل للأسلحة الخفيفة والذخيرة بقيمة أكثر من خمسمئة مليون دولار التي سلمتها واشنطن إلى بغداد عام 20144.
تقرير معلوماتي حول موارد تنظيم الدولة صدر في يوليو/تموز 2016 عن الجمعية الوطنية الفرنسية (الغرفة السفلى للبرلمان الفرنسي) تضمن شهادة أحد الممثّلين عن منظمة “بحوث تسليح الأزمات” البريطانية، أشار لامتلاك التنظيم صواريخ أرض جو محمولة (MANPADS) تستخدم إما لتنفيذ أعمال “إرهابية” أي من قبل خلايا تريد استهداف طائرة مدنية، أو لحماية مجال النفوذ خصوصا ضد المروحيات.
صناعة حربية
لم يكتف تنظيم الدولة بالسلاح المنهوب، بل أسس صناعة حربية لضمان استمرارية تزويد مقاتليه في المعارك. ويعتقد اللواء الركن المتقاعد العراقي عبد الكريم خلف، وهو مستشار المركز الأوروبي لمكافحة “الإرهاب” أن ملف تصنيع الأسلحة والذخائر بلغ أشواطا متقدمة لدى التنظيم، حتى أنه يقوم حاليا بتصنيع قنابل الهاون بعيارات مختلفة (60 مم/ 120 مم/ 180 مم) وأوزان دقيقة، إضافة إلى مدافع ثقيلة تتخطى عيار 240 ملم، يطلق عليها اسم “مدافع جهنم”.
ويقول خلف للأناضول إن “داعش يصنع أيضا القنابل اليدوية والمواد المتفجرة، ويستخدم الأخيرة لحشو الألغام والعبوات الناسفة بمختلف العيارات والأشكال” مشيرا إلى أن هذه الصناعة الدقيقة تدل على وجود خبراء ومهندسين لدى التنظيم -وصفهم بأنهم على مستوى تقني عال جدا- يدربون عناصر من التنظيم.
أنفاق تخزين السلاح
ويذكر اللواء خلف أن تنظيم الدولة يستخدم شبكة كبيرة من الأنفاق لتخزين السلاح، ويخزن البعض الآخر في المنازل أو تحت الأرض، أو في المباني بشكل طبيعي وسط المدنيين ودون إخفائها في المناطق التي يسيطر عليها -التي يصفها بـ “مناطق التمكين”- سواء في سوريا أو العراق.
ويوضح أن الجيش العراقي عثر في الجانب الشرقي للموصل على أكثر من 15 موقعا للمواد المتفجرة المصنوعة باستخدام مواد خام يحصل عليها التنظيم عبر شبكات منظمة، واعتماد طرق تمويه عالية الدقة وجهود استخباراتية ضمن عمليات خاضعة في معظمها لإشراف ضباط سابقين بالجيش العراقي.
المصدر: الأناضول
- 12