لماذا تنامت أزمة الثقة بين جمهور الثورة وممثليهم؟

microsyria.com حسام محمد

ما أن يتطرق المجتمع الدولي بدوله الكبرى والمتدخلة منه في الشأن السوري وصولاً إلى أممه المتحدة للحديث عن أي جولة مفاوضات أو مشاورات سياسية حول سورية أو تشكيل منصات هنا وهناك، تبدأ أولى جلسات تلك الأخبار في الداخل السوري وجواره وفي دول الشتات بين السوريين قبل أن يتم في بعض الحالات توافق أطراف الصراع ذاتها على الاجتماع، لينقسم الجمهور السوري في تحليلاته ما بين مؤيد ومنتقد ومشكك وراغب في الخلاص.

في موضوع اليوم سنتطرق إلى الجانب الذي يخص الثورة السورية وممثليها من العسكر والسياسيين وحالات الانقسام وأزمات الثقة الحاصلة، لنحلل بعض جوانبها وأسباب الانقسامات وكيف ولدت ولماذا تأزمت.

الكاتب والمحلل السياسي السوري “خليل المقداد” رأى بأن أزمة الثقة الحاصلة بين جمهور الثورة السورية وممثليه في المحافل الدولية والداخل السوري يعود لعدة نقاط، وأهمها، “أن ممثلي الثورة مفروضون خارجيا، حيث تم اختار الفاسدين من الأشخاص وتنصيبهم ممثلين عن الثورة المحاصصة والفصائلية والتحزب كانا السمة التي صبغت أطياف المعارضة منذ بداية الثورة”.

وقال “المقداد” في حديث خاص لـ “هيومن فويس“، من الأسباب أيضاً، هو “اختراق النظام للثورة من خلال بعض عملائه المحسوبين على الثورة حشر المعارضات الوهمية المصطنعة ضمن صفوفها، كمنصات موسكو والقاهرة وهيئة التنسيق”.

واستطرد، من العوامل أيضاً، هو ” ولاء بعض أطياف المعارضة للجهات الخارجية التي نصبتها، حيث تصرح بشيء وتفعل شيئا آخر وهو ما يجعل منها نسخة كربونية عن النظام”.

أما في الشق العسكري، فقال المحلل السياسي السوري: “إن ارتهان قرار الفصائل المسلحة للداعم وتنفيذ أجنداته هو أهم أسباب انعدام الثقة في العموم يمكننا القول إن بوصلة المعارضة قد انحرفت وباتت منفصلة عن الواقع من خلال تجاهلها تضحيات الشعب وعدم التزامها بثوابت الثورة”.

بدوره، قال الأكاديمي السوري “عبد العزيز عجيني” من الشمال السوري: الفجوة بين قيادات الثورة العسكرية والسياسية من جهة وجمهور الثورة من جهة أخرى تزداد بشكل مطرد، وأن هذه الفجوة ظهرت جليا في المؤتمرات واللقاءات الأخيرة التي عقدت وتعقد في جنيف والأستانا.

ورد “عجيني” هذه الفجوة إلى أن السياسيين والعسكريين الذين يمثلون الثورة محكومون بتوافقات وظروف دولية في غاية التعقيد وأن هامش المناورة لديهم ضعيف وضيق.

وكذلك فهم أمام مسؤولية كبيرة تتلخص في فن الممكن في ظل الواقع الميداني الذي تبدل في صالح النظام ناهيك عن الضغوط التي تمارس عليهم حتى من الدول الراعية والمتحالفة مع الثورة.

على الجانب الآخر يجد جمهور الثورة نفسه أمام تضحيات كبيرة بذلها، وأصبح من الخيانة التفريط بها وهم محقون في ذلك. فلا يكاد يخلو بيت من شهداء أو جرحى أو معاقين أو معتقلين ومهجرين، وقد ينظر البعض إلى هذه الفجوة على أنها عامل سلبي في مسيرة الثورة، وهذا أيضاً صحيح ولكنه ظاهرة طبيعية إذا نظرنا إليه من زاوية أخرى، فالضغط الشعبي يقوي موقف المعارضة السياسية والعسكرية في مواجهة الضغوط الدولية والإقليمية وهذا أمر يصب في صالح الثورة.

الأمر الآخر الذي يزيد المشهد تعقيدا هو أن المعارضين أنفسهم لم يتوصلوا إلى ثوابت وطنية موحدة تجعلهم أكثر تماسكا وقوة في المعركة السياسية والعسكرية ضد النظام وحلفاءه، وبالمحصلة فإن ثبات ممثلي الثورة على الخطوط الحمراء للثورة وكذلك صمود الشعب السوري في الداخل هما صمام الأمان لتحقيق أهداف الثورة وهي الانتقال بسوريا من نظام الاستبداد إلى نظام مدني ديمقراطي يصون كرامة الأنسان، بحسب ما قال عجيني في تصريحاته لـ “هيومن فويس”.

أما الناشط الإعلامي المهجر من ريف دمشق إلى الشمال السوري “رضوان الباشا” فكانت له وجهة نظر أخرى، حيث رأي بأن معادلة الرجل المناسب في المكان غير متوفرة كما يجب بين مؤسسات الثورة السورية العسكرية منها والسياسية.

وقال “الباشا”: إن غالبية متولي القيادة العسكرية ليسوا من أهل الاختصاص، وأن هذا من شانه إضعاف الإدارة العسكرية لفصائل الثورة السورية، وكذلك تواجد المعارضة السياسية خارج حدود سوريا، الأمر الذي يجعلها بمعزل عن التأثر اليومي الذي يعانيه السوريين في المخيمات وتحت أجنحة الطائرات الحربية.

وأضاف، الخلافات حول المناصب وإدارة الأمور تعد من أكبر الأزمات التي تعاني منها المعارضة بشقيها العسكرية أو السياسية، وأن هذه الخلافات وتفضيل النفس على القضية ككل خلق أزمة حادة وشرخ كبير بين جمهور الثورة السورية وممثليها.

وطرح الناشط الإعلامي بعض الأمثلة فقال: “هنالك بعض المنظمات يديرها أناس فاسدون، يعجر الشعب الموالي للثورة عن تحييده عن عمله أو إسقاطه، فكيف تريد من هذا الشعب أن ينجح في إسقاط الأسد، وهو عاجز عن معالجة إدارة فاسدة هنا أو هناك”.