الطبيب سيف خبية لـ (المصدر): الأمراض المزمنة تفتك بغوطة دمشق وقد تتعدى حدودها


محمد ياسر: المصدر

تزداد المخاطر والتأثيرات التي أنتجها حصار نظام بشار الأسد على المدن الثائرة يوماً بعد يوم ولا سيما على قاطني الغوطة الشرقية، حتى أصبح هذا الحصار مأساةً لا يشعر بها إلا من عاشها وخاض التفاصيل الكثيرة ليومياتها.

القطاع الطبي في الغوطة هو أحد ضحايا هذا الحصار بشكل رئيس، ولا سيما المرضى ذوي الأمراض المزمنة والخطرة، في ظل استمرار قوات النظام بمنع دخول كافة المستلزمات الطبية والأدوية اللازمة للأمراض الخطرة ومنها أمراض الكلى وأجهزة التحايل الدموي، الأمر الذي “زاد الطين بلة” إلى جانب نقص الكوادر الطبية المتخصصة لدى أغلب مشافي الغوطة المهدمة.

في غوطة دمشق هناك ما يزيد عن 160 مريض قصور كلوي منهم 31 مريض بحاجة إلى غسيل كلى بشكل عاجل وذلك حسب الطبيب “سيف خبية” الخبير الصحي في المجلس المحلي لمدينة دوما، الذي أكد أن مشافي الغوطة الشرقية بحاجة إلى إدخال جلسات غسيل الكلية بشكل منتظم، بالإضافة إلى تحديث أجهزة الغسيل وقطع الغيار وإدخال أدوية مرضى القصور الكلوي مثل “الإريتوربيوتين”.

وكشف الطبيب عن العديد من الأمراض المزمنة التي يعاني منها الأهالي داخل الغوطة بشكل مستمر مع استمرار فقدان الأدوية والمستلزمات الطبية، فمرضى السكري بحاجة للأنسولين المفقود منذ زمن ولا يسمح بإدخاله إلا عن طريق منظمة الصحة العالمية. و مرضى الضغط وقصور القلب و نقص تروية العضلة القلبية يفتقدون إلى معظم الأدوية الخاصة بهم والتي هم بحاجة لها بشكل دائم. فضلاً عن أن هؤلاء المرضى بحاجة للمتابعة، فهناك طبيب قلبية واحد فقط داخل الغوطة، بالإضافة إلى فقدان القثطرة القلبية أو عمليات الجراحة القلبية، حيث يضطر بعض المرضى للمخاطرة والخروج خارج الغوطة وبعضهم لا يستطيع الخروج.

وأضاف الطبيب “خبية” في حديثه لـ “المصدر”: يوجد إحصائية لمرضى السل تفيد بأن هناك 250 مريض موثق بالاسم، منهم 48 مريضاً قيد العلاج بالحد الأدنى من المستلزمات المتوفرة، فحالياً لا يوجد أدوية لمرض السل داخل الغوطة الشرقية، وهذه الأدوية تدخل عن طريق الهلال الاحمر السوري فقط، وتمتد فترة العلاج حتى تسعة أشهر.

الطبيب “سيف” أشار أيضاً إلى أن الغوطة الشرقية بحاجة لكثير من الأجهزة الطبية مثل أجهزة التنفس “منفسة” خاصة في أقسام العناية المشددة، بالإضافة إلى أجهزة إنعاش مثل الصادم الكهربائي وأجهزة ضاغطة للأوكسجي ، فضلاً عن أدوات جراحية و الأجهزة و الأدوية الخاصة بالتخدير، و جهاز تفتيت الحصيات و جهاز أشعة قوسي لعمليات الجراحة العظمية .

وشدد “خبية” على ضرورة تحييد المشافي عن القصف والحرب (لأن خدمتها تُقدّم لجميع سكان الغوطة وخاصة الفئات الأشد ضعفاً)، ودعا لدخول الكوادر الطبية والمشافي الميدانية مثل منظمة الصحة العالمية والهلال والصليب الاحمر، أيضاً ضرورة دخول المساعدات الطبية وعدم ربطها بالأمور العسكرية والسياسية مثل اللقاحات والأدوية التي تحارب الأمراض المعدية خاصة وأن الأمراض المعدية كالحصبة والسل وشلل الاطفال لا تعترف بالحدود ويمكن أن تنتشر خارج الغوطة وبقية المناطق السورية.

ولا تقف معاناة المرضى القابعين في حصار أهلك الحرث والنسل عند هذا الحدّ، فهناك تحذيرات من حدوث كوارث طبية وإنسانية إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه الآن، حيث كشف “مشفى ريف دمشق التخصصي” عن وفاة المريض محروس (52 عاماً) من مرضى القصور الكلوي ، الذي احتاج لجلسة تحال إسعافية بسبب “اعتلال دماغي يوريميائي” بعد تدهور وظيفة الكليتين، حيث لم يتمكنوا من إجراء جلسات التحال له بسبب عدم وصول مواد وأدوية التحال حتى هذا الوقت، مما أدى إلى وفاته صباح يوم الاثنين الماضي.

وأضاف “مشفى ريف دمشق التخصصي” من خلال صفحته على الفيسبوك أن تأخر دخول مواد وأدوية التحال الدموي في ظل تخلي المجتمع الدولي و منظماته الإنسانية عن مهماتها الملقاة على عاتقها سيؤدي إلى تدهور الحالة الصحية للمرضى ومن ثم المصير المحتوم وهو الموت.

ولا يدرك كثير من السوريين وغيرهم المخاطر التي من الممكن أن تزداد مع استمرار منع المواد الطبية ومستلزماتها من قبل قوات النظام، فالعقاب الجماعي الذي ينتهجه النظام لا يفرق بين كبير وصغير وبين طفل وامرأة وبين مريض ومعافى، فلو استمر الوضع كما هو عليه فإننا سنشهد في قادم الأيام “مجازر صامتة”.





المصدر